خبراء عقار: تعديل بريطانيا للضرائب يضر بالقطاع الفاخر.. لكنها ما زالت أرخص من سنغافورة

«الشرق الأوسط» كيف يتأثر المستثمر العربي من التغيرات الجديدة

TT

اعتادت الحكومات البريطانية المتعاقبة إعلان نياتها الضريبية في الخريف قبل الكشف عن تفاصيلها الكاملة في بيان الميزانية في أبريل (نيسان) من كل عام. واكتسب إعلان النية من وزير المالية في حكومة الائتلاف الحالية، جورج أوسبورن، الذي أعلنه يوم 3 ديسمبر (كانون الأول) الحالي زخما إضافيا، لأنه كان بمثابة وثيقة انتخابية تحاول بها الحكومة استمالة الناخب البريطاني لإعادة انتخاب الحكومة الحالية ومنع حزب العمال المعارض من العودة إلى إدارة الحكومة.

ومن بين الكثير من التعديلات الضريبية والحوافز التي كان الهدف منها استمالة الناخب البريطاني، كان التعديل الضريبي على صفقات شراء العقار أهمها، حيث وصفتها أوساط العقار في لندن بأنها تعديلات «تاريخية».

وفيما يعتقد بعض خبراء العقار الذين استشارتهم «الشرق الأوسط» أن هذه التعديلات سوف تكون ضارة بالقطاع الفاخر في سوق العقار، حيث زادت نسبة الضرائب فيه إلى 12 في المائة، يقول البعض الآخر إن التعديلات الضريبية على العقار أزالت الشكوك من السوق وألغت فكرة الضريبة السنوية التي كان حزب العمال ينوي تطبيقها على أصحاب العقار الفاخر.

هذا بالطبع على اعتبار أن فرص حزب العمال تناقصت الآن في الفوز بالانتخابات. وقال أحد الخبراء إن ضرائب العقار في لندن ما زالت أقل من مثيلها في سنغافورة، التي تصل فيها النسبة إلى 15 في المائة.

وسوف تفيد هذه التعديلات الضريبية قطاع المدخل للمشترين الجدد من صغر السن، وتخفض الحد الضريبي لنسبة 98 في المائة من المشترين على حد تصريح الوزير أوسبورن. ولكنه أثار موجة من الاستياء بإعلانه أن تطبيق الحدود الضريبية الجديدة سوف يبدأ فورا بعد منتصف ليلة الإعلان الضريبي، مما تسبب في موجة تدافع على إنهاء تعاقدات في القطاع الفاخر في اليوم نفسه لتجنب دفع ضرائب إضافية.

ولكن ما التأثيرات المتوقعة لهذا التغيير الضريبي على سوق العقار البريطاني، خصوصا في القطاع الفاخر الذي يهم المستثمر العربي؟

«الشرق الأوسط» توجهت إلى عدد من خبراء العقار في لندن لسؤالهم عن انعكاسات هذا التغيير من وجهة نظرهم، وكانت تلك الإجابات هي ملخص ما صرحوا به:

- إد كوري ريد، من إدارة شركة «ايلزفورد الدولية للعقار» يقول إن الإعلان الضريبي كان مفاجأة كبرى له ولزملائه، ويشك في أن معظم الدافع وراءه كان سياسيا لتعطيل ضريبة العقار الفاخر التي كان حزب العمال يعتزم تطبيقها في حالة نجاحه. وبغض النظر عن الدوافع، فهو يعتقد أن حدود 10 و12 في المائة تبدو باهظة، وسوف تنعكس سلبا على خفض معدل الصفقات في القطاع الفاخر في لندن وضواحيها. وهو يعبر عن اعتقاده أن هذه الضريبة واقتراب موعد الانتخابات العامة من شأنهما أن يضربا سوق العقار في لندن حتى الخريف المقبل. ويعتقد ريد أن من قصر النظر وضع أعباء ضريبية جديدة على قطاع يولد حصة ضريبية عالية بالفعل للحكومة البريطانية.

- بيتر ألن مدير التسويق في شركة «لندن نيوكاسل العقارية»: يوضح أن التعديل الضريبي سوف يضر هؤلاء الذين يشترون في القطاع الفاخر فوق 1.125 مليون إسترليني، ويضيف 18 ألف إسترليني من الضرائب على مشتري عقار ثمنه 1.5 مليون إسترليني. ولكنه يعترف بأن التعديل مفيد لمعظم المشترين لعقارات شعبية في لندن. ويعني التعديل الضريبي خفض نسبته 3000 إسترليني على عقار ثمنه 700 ألف إسترليني. وهو يرى أن السوق سوف تقوم بتعديل وضعه وفقا للضرائب الجديدة.

- ماثيو كوب، مدير شركة «هاتون العقارية»: يرى أن الضريبة المتدرجة تصاعديا تبدو أكثر عدالة من النظام السابق في حساب الضرائب العقارية. وأوضح وجهة نظره بالقول إنه في الماضي لم يكن أحد يبيع عقارات في لندن بسعر 505 آلاف إسترليني، لأن الضريبة ترتفع من 3 إلى 4 في المائة بعد حد نصف مليون إسترليني، على إجمالي الثمن. ولكنه يقدر أن ينخفض عدد التعاقدات في لندن مرحليا بعد حد 1.5 مليون إسترليني، بينما سوف يزداد نشاط التعاقدات أقل من 900 ألف إسترليني.

- مارتن بخيت، المدير التنفيذي لشركة «كاي أند كو» العقارية: وهو يصف التعديل الضريبي الجديد بمثابة «ضريبة العقارات الفاخرة من حزب المحافظين»، ولا يعتقد أنه تعديل مرحَّب به في القطاع الفاخر. وقال إنه يستكمل حاليا صفقة عقارية سوف يزيد العبء الضريبي فيها من 581 ألف إسترليني إلى 910 آلاف إسترليني. ولكنه رحب بتطبيق هذه الضريبة الآن في الموسم الشتوي الهادئ في أسواق عقار لندن. وعبر مارتن عن إحباطه من القرارات الضريبية المفاجئة التي تتخذها الحكومات البريطانية المتعاقبة، وتحديد «منتصف الليل» في اليوم نفسه لتطبيق القرارات، مما يضر بالعديد من المشترين في السوق.

- مارك بولاك، مدير شركة «استون تشيس» العقارية: هو أيضا يعبر عن دهشته الشديدة من المفاجأة الضريبية التي أعلنت عنها الحكومة قبل أشهر من الانتخابات، خصوصا فيما يتعلق بالحد الزمني الضيق لتطبيق التعديلات من منتصف ليل اليوم نفسه. وأشار إلى أن القرار سوف يتسبب في فشل الكثير من الصفقات، وإعادة التفاوض على أسعار صفقات أخرى بعد الصدمة الضريبية خصوصا في القطاع الفاخر. وأضاف أن سوق العقار في لندن يقع بالفعل تحت الكثير من الضغوط في الوقت الحاضر، ولا يمكن وصفه بالانتعاش بأي حال في المرحلة الحالية. وعبر مارك عن استيائه من نسبة الضريبة المرتفعة خصوصا عند حدود 5 و12 في المائة وقال إنها نسبة من الصعب على المشتري المحلي أن يستوعبها، بخلاف المستثمر الدولي الذي يمكن أن يغطيها بسهولة. وقال إن تأثير هذه الضريبة سوف يجبر سكان لندن على التوسع في العقارات التي يشغلونها حاليا بدلا من الانتقال إلى عقارات أكبر. وهو يعتبر القرار «هدفا سجلته الحكومة في مرماها» وحلا سريعا لمشكلة مزمنة سوف يسفر عنها خمول القطاع الفاخر من السوق لشهور مقبلة.

- أليكس نيوال، المدير التنفيذي لشركة «هانوفر برايفت أوفيس»: يأمل أن ينهي هذا التعديل الضريبي أي حديث عن ضريبة العقار الفاخر التي تحدثت بها بعض الأوساط السياسية في بريطانيا. وهو يشير إلى أن مجموع عوائد ضرائب العقار في لندن زادت في العام المالي الأخير بنسبة 31 في المائة من 4.9 مليار إلى 6.5 مليار إسترليني. وهو يعتقد أن مثل هذه الضريبة التي تدفع مرة واحدة عند شراء العقار أفضل من ضريبة سنوية على ملكية العقار. وهو يتوقع زيادة عدد الصفقات في قاع السوق، حيث العقارات المعفاة من الضرائب أو تلك التي تجتذب نسبة 2 في المائة فقط. ولكن التأثير السلبي سوف يكون في قمة السوق للعقارات فوق حد 1.5 مليون إسترليني، الذي ترتفع عليه الضرائب إلى نسبة 12 في المائة. فعلى عقار ثمنه 5 ملايين إسترليني سوف يدفع المشتري ضريبة قدرها 514 ألف إسترليني بدلا من 350 ألفا. وسوف ينعكس ذلك سلبا على وسط لندن حيث تعقد معظم صفقات القطاع الفاخر. ويؤكد نيوال أن حجم الصفقات في القطاع الفاخر انخفض فعلا في الشهور الأخيرة بشكل كبير وبنسبة وصلت إلى 48 في المائة في حي «نوتنغ هيل غيت» في العام الأخير بسبب المخاوف من ضريبة العقارات الفاخرة. وأكد أن لندن ما زالت أكثر جاذبية من نيويورك على رغم النظام الضريبي الجديد، وأنها الآن تتماشي مع مدن عالمية مثل هونغ كونغ (8.5 في المائة) وتقل في ضرائبها عن سنغافورة التي تصل فيها النسبة إلى 15 في المائة. وأضاف أن لندن ما زالت تقدم الكثير من المزايا للمستثمر الأجنبي مثل الأمن والتعليم والأعمال والمجتمع متعدد الأعراق. وعبر مارك عن اعتقاده أن أحياء لندن الراقية سوف تعيد تسعير عقاراتها لاستيعاب الضريبة الجديدة. وأكد أن أحد البائعين خفض ثمن عقاره بنحو 5 في المائة حتى يعوض المشتري عن الارتفاع الضريبي.

مما يُذكر أن هذه التعديلات الضريبية سوف تنفذ فقط في حالة نجاح حزب المحافظين أو الائتلاف الحالي من المحافظين والليبراليين.

* ملخص التعديل الضريبي المقترح لميزانية 2015

* يتضمن التعديل الضريبي على العقار البريطاني عدة نقاط هي:

- تغيير هيكلي للضريبة بحيث تكون تدريجية مع ارتفاع أسعار العقار، بدلا من طبقات محددة من الضريبة على كل فئة عقارية وفقا للسعر.

- لا تفرض ضريبة عقارية (اسمها «ستامب ديوتي») على أول 125 ألف إسترليني من ثمن العقار.

- تفرض نسبة 2 في المائة على الفرق مع بين سعر المدخل (125 ألف إسترليني) والحد السعري البالغ 250 ألف إسترليني.

- ترتفع النسبة إلى 5 في المائة من 250 ألف إسترليني حتى سعر 925 ألف إسترليني ثم 10 في المائة إلى سعر 1.5 مليون إسترليني، وأخيرا إلى 12 في المائة على أي معدل سعر أعلى من ذلك.

ويعني ذلك أن مشتري العقار الفاخر بسعر 5 ملايين إسترليني لن يدفع أي ضرائب على أول 125 ألف إسترليني ثم نسبة 2 في المائة على الشريحة التالية حتى سعر ربع مليون، ثم 10 في المائة على فارق السعر بين ربع مليون و925 ألف إسترليني ثم 10 في المائة على فارق السعر بين 925 ألف إسترليني و1.5 مليون إسترليني. وأخيرا نسبة 12 في المائة على الفارق السعري ما بين 1.5 مليون و5 ملايين إسترليني.