المراسل الحربي في العراق في مواجهة خطر استهداف «داعش»

إعلاميون ومختصون: مطالب بالتحقق من دقة الخبر قبل التسرع بنشره

تحديات أكبر أمام الصحافيين مع اشتداد هجمات تنظيم داعش على أرض العراق («الشرق الأوسط»)
TT

مع اشتداد هجمات تنظيم داعش على أرض العراق، واتساع رقعة التصدي له من جهات عدة، وضراوة المعارك في المناطق التي يبسط سيطرته عليها، برزت في الواجهة تحديات أكبر أمام الصحافيين وبالأخص منهم المراسلون الحربيون ممن وجدوا أنفسهم في مواجهة حقيقية مع العدو لأول مرة بعد انقطاع طويل دام أكثر من عشرين عاما عن جبهات القتال، منذ انتهاء الحرب العراقية الإيرانية عام 1988.

وكان استهداف «داعش» للبيئة الصحافية والدعائية واضحا منذ بداية هجماتها واستهدافاتها، لما للإعلام من أثر كبير على مخططاتها التوسعية والنفسية، الأمر الذي استفز معظم وسائل الإعلام العراقية لأجل التصدي للهجمة وتعطيل الماكينة الدعائية للعدو.

مختصون وإعلاميون عراقيون أشاروا إلى كثير من نقاط الخلل التي تعترض البيئة الصحافية اليوم في أرض المعركة وآلية نقل المعلومات للمؤسسة الإعلامية، من أهمها التحقق من دقة الخبر قبل التسرع بنشره، وتأثير سياسة المؤسسة الإعلامية وتوجهاتها على الخبر، وعدم وجود قوانين ضامنة لحق وحرية الوصول إلى المعلومة، والأهم من ذلك تأمين سلامة الصحافي واتخاذه التدابير التي يمكن من خلالها تأمين حياته، وخضوعه لدورات خاصة بالمراسلين الحربيين لضمان تواصله في الميدان ونقل الحقيقة للجمهور.

مرصد الحريات الصحافية، إحدى الجهات الإعلامية الراصدة للعمل الصحافي، ومقره في العاصمة بغداد، أكد زيادة حالات تعرض الصحافيين والمصورين الحربيين إلى الإصابة في الفترة الأخيرة بسبب إهمالهم تدابير السلامة خلال العمل، من بينها ارتداء السترات الواقية من الرصاص وخوذ حماية الرأس، والملابس الخاصة بالعمل الصحافي، إضافة إلى عدم خضوعهم لدورات تدريبية وتأهيلية لرفع مستوى قدرته على التعامل مع الحدث في ساحات المعارك.

وأعلن المرصد عن استعداده لتدريب الصحافيين على طرق الحماية الشخصية أثناء تغطية أحداث النزاعات والحروب من خلال مدربين دوليين وخبراء أمنيين عراقيين.

وبشأن التغطيات الإخبارية لمعارك «داعش»، والتحديات التي تواجهها، نظمت النقابة الوطنية للصحافيين العراقيين ندوة حوارية، كشفت عن أن غرف الأخبار في المؤسسات الإعلامية تواجه تحديات كبيرة من ضمنها دقة المعلومة وسياسة المؤسسة وآيديولوجيتها وتمويلها، مشددة على أن «دقة الخبر» أهم من «السبق والنشر»، كما أن الصحافي العراقي يتعرض اليوم إلى ضغوط مهنية وأخلاقية من قبل المؤسسات التي يعمل فيها.

وتقول الإعلامية والأكاديمية في كلية الإعلام بجامعة بغداد إرادة الجبوري «هناك تحديات خارجية وهي ندرة الأخبار وغموضها وصعوبة الوصول إلى المعلومة وتضارب الأنباء». وأضافت أن «التحدي الأكبر للصحافي هو مسؤوليته الأخلاقية والمهنية التي تجعله يتريث ويتأكد من الخبر، إذ إن الظروف التي يمر بها العراق تكون فيها دقة الخبر أهم من السبق والنشر».

مدير أخبار قناة الحرية الفضائية الإعلامي أزمر أحمد، أكد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «وسائل الإعلام تواجه جملة من التحديات منها السياسية وحرية تناول الخبر ونشره واستخدام المصطلحات»، موضحا أن «هناك مخاطر وقلقا يواجه الصحافي العراقي لا سيما الذي يعمل في غرفة الأخبار جراء استخدام المصطلحات وبث الأخبار»، لافتا إلى أن «الأسباب التي تقف وراء هذه التحديات هي أسباب ترتبط بالنظام السياسي وأخرى بالبيئة التي نعيشها وغياب الحماية القانونية للصحافي».

وكانت الأمم المتحدة قد أكدت في 11 ديسمبر (كانون الأول) 2011 وجود تحديات كبيرة ما زالت تواجه العراقيين وتحرمهم حقوقهم لا سيما في ما يتعلق بالرأي والحريات العامة، فيما دعت لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب إلى محاسبة المتورطين في انتهاكات تلك الحقوق.

وشهدت العاصمة بغداد، يوم الجمعة 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي الإعلان عن تأسيس «اتحاد المراسلين العراقيين» بمشاركة نحو 100 مراسل صحافي، وضمت هيئته الإدارية 11 عضوا، وتقدمه شعار «مراسل حصين.. إعلام حصين»، ويهدف إلى ضمان حرية الصحافة وحق المراسل في الوصول للمعلومة والتصدي للملاحقات القانونية التي تواجههم.

ويقول رئيس الاتحاد المنتخب الإعلامي علي الخالدي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لأجل ضمان عمل المراسل الصحافي من موجة الإقصاء والتهميش والإبعاد التي بات يتعرض لها من مؤسسات إعلامية وجهات حكومية، ولأجل دعم عمل المراسل خصوصا المراسل الحربي الذي بات يواجه مصيره في الميدان الحقيقي للمعركة، جاء تأسيس هذا الاتحاد». وأضاف «ما زال المراسل الصحافي هو الحلقة الأضعف لدى المسؤولين في المؤسسات الإعلامية، وأجره هو الأقل بين زملائه، كما أن بعض الجهات الحكومية تتعامل مع المراسل كأنه ساعي بريد لرسائلها الإعلامية»، لافتا إلى أن «المراسل يفتقر للكثير من المقومات في العمل، أهمها البيئة القانونية لعمله والسلامة المهنية أثناء وجوده في ساحات الحرب، كما أنه يخضع للقنوات الإعلامية الحزبية والسياسية».