ارتفاع بوليصة التأمين ينقذ الشركات السعودية من شبح الخسائر المتراكمة

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: ملاحظات الخبير الأكتواري ستظهر في قوائم الربع الأخير

هيئة السوق المالية السعودية وافقت أخيرا على زيادة رأسمال 5 شركات مدرجة في قطاع التأمين («الشرق الأوسط»)
TT

قاد ارتفاع تكاليف بوليصة التأمين في السعودية إلى إنقاذ شركات القطاع من شبح الخسائر التشغيلية المتراكمة، حيث نجحت بعض الشركات في تحويل مسارها من الخسائر المحققة إلى الأرباح التشغيلية خلال العام الحالي، يأتي ذلك بعد أن كان القطاع يعاني خلال السنوات الماضية من خطر الدخول في نفق عميق من الخسائر المتراكمة.

وبسبب ارتفاع تكاليف بوليصة التأمين وتحسن مناخ المنافسة، انخفض عدد الشركات التي تواجه شبح تراكم الخسائر وتعليق أسهمها عن التداولات في قطاع التأمين السعودي، إلى شركتين فقط، هما شركتا «وقاية» و«سند» للتأمين، فيما توقفت بعض شركات القطاع عن الخسائر التشغيلية التي كانت تحققها في السنوات الماضية كشركة «أسيج» عقب نجاح الشركة في إطفاء الخسائر المتراكمة من خلال زيادة رأس المال، وارتفاع بوليصة التأمين، والحد من حرب الأسعار.

وفي خطوة جديدة، وافقت هيئة السوق المالية السعودية على طلبات كل من شركة «وفا للتأمين»، و«سايكو للتأمين»، و«بروج للتأمين»، و«العالمية للتأمين التعاوني»، و«أكسا التعاونية» بزيادة رأسمالهم عن طريق طرح أسهم حقوق أولوية، مما يعني أن الشركات الخاسرة ستطفئ خسائرها نهائيا من خلال هذه الخطوة.

وفي هذا الشأن، من المتوقع أن تحقق بعض شركات التأمين في السعودية خلال الربع الأخير من هذا العام، ارتفاعا ملحوظا في حجم الأرباح، إذ أكدت لـ«الشرق الأوسط»، مصادر مطلعة يوم أمس، أن العمل بأسعار بوليصة التأمين الصحي وفقا لأسعارها الجديدة، دخل حيز التطبيق الفعلي بدءا من مطلع النصف الثاني من العام الحالي.

وتأتي هذه التطورات في وقت رفعت فيه شركات تأمين سعودية أسعار خدمات التأمين الصحي على الشركات والأفراد بنسبة 21 في المائة، خلال العام الحالي، إذ رفعت وثيقة التأمين الصحي الجديدة الحد الأعلى للغطاء التأميني للشخص المؤمن عليه إلى 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار) في العام الواحد، بدلا من مستوياتها السابقة عند قيمة 250 ألف ريال (66.6 ألف دولار)، وهو الأمر الذي قاد شركات التأمين المقدمة لخدمات التأمين الصحي إلى رفع أسعارها بصورة ملحوظة.

وفي السياق ذاته، فإن محفظة «التأمين الصحي» تسيطر على ما نسبته 53 في المائة من سوق التأمين السعودية، في حين تسيطر محفظة «التأمين على المركبات»، على ما نسبته 23 في المائة من سوق التأمين في البلاد، يأتي ذلك بحسب آخر الإحصاءات المعلنة في عام 2013.

من جهة أخرى، أكد مسؤول رفيع المستوى في إحدى شركات التأمين المدرجة في سوق الأسهم السعودية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن ملاحظات الخبير الأكتواري حول أداء شركات التأمين ستظهر جليا في قوائم الربع الأخير من العام الحالي، وقال: «سنشهد تحسنا في نتائج كثير من الشركات، إلا أن حجم هذا التحسن يعود في نهاية المطاف إلى معطيات السوق، والقدرة على المنافسة».

وتأتي هذه المستجدات بعد أن أوضحت لـ«الشرق الأوسط» مصادر مطلعة، قبل نحو 3 أشهر، أن قرار مجلس الضمان الصحي رفع الغطاء التأميني الصحي بنسبة 100 في المائة بدءا من مطلع النصف الثاني من العام الحالي، يستهدف تقديم شركات التأمين خدماتها الصحية على نطاق أوسع، في ظل معاناة بعض مرضى السرطان وغيرها من الأمراض التي ترتفع فواتير علاجها، من توقف الغطاء التأميني عند حد معين، وعدم القدرة على مواصلة العلاج في ضوء ذلك.

كما تأتي هذه التطورات على خلفية ما كشفته تقارير صادرة عن هيئة التصنيف الائتماني (AM Best) عن استمرار سوق التأمين وإعادة التأمين التكافلي والتعاوني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتقديم فرص النمو، رغم التباطؤ العالمي في الأسواق المالية، وعدم الاستقرار السياسي في المنطقة، مما يهدد بتثبيط الفرص بالنسبة لبعض الشركات.

وأشار التقرير الذي صدر في وقت سابق من العام الماضي، إلى أن السوق السعودية تأتي في المرتبة الثانية على منطقة الشرق الأوسط، بعد سوق التأمين الإماراتية من ناحية حجم أقساط التأمين، الذي اقترب من مستوى 5 مليارات دولار، كما توقع التقرير أن تحافظ السوق السعودية على موقعها بين الأسواق الرئيسة في المنطقة على المدى المتوسط، ونوه التقرير بأن تطوير الأنظمة التشريعية، بالإضافة إلى تطبيق التأمينات الإلزامية، كان له أثر في نمو السوق السعودية.

وبيّن التقرير أن أسواق التأمين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، شهدت قيمة نمو كبيرة في السنوات الأخيرة، في حين تباطأت وتيرة النمو خلال عامي 2011 و2012؛ بسبب توقع معظم الأسواق أن تحقق زيادات في مجموع إجمالي أقساط التأمين المكتوبة بأقل من 5 في المائة لهذا العام، بينما كانت التحركات في إجمالي أقساط التأمين المكتوبة «جي بي دبليو» أكثر وضوحا في البلدان المتأثرة بالربيع العربي، حيث انخفض النمو عام 2011 مع ظروف تجارية صعبة عام 2012.