أهالي العسكريين يدعون الحكومة لاتخاذ «الموقف الشجاع» وتحرير أبنائهم

السلطات اللبنانية تنجح في احتواء الاحتقان بالبقاع.. والقلق يتضاعف مع تهديد «النصرة» بإعدام عسكريين آخرين

رجل شرطة لبناني في مركز بيروت وتبدو خلفه أفنان الحسن شقيقة الجندي المخطوف خالد الحسن التي شاركت في تظاهرة احتجاجية لأهالي المخطوفين ضد الحكومة اللبنانية مساء السبت الماضي (أب)
TT

نجحت الجهود الأمنية الرسمية في البقاع (شرق لبنان)، أمس، في تهدئة الاحتقان الشعبي الذي ظهر بعد إعدام «جبهة النصرة» للعسكري اللبناني المخطوف لديها علي البزال، وطوت التهديدات باستهداف أهالي عرسال، وسط قلق ساد أوساط أهالي العسكريين المخطوفين، مع بروز تهديد للتنظيم المتشدد بإعدام عسكريين لبنانيين مساء الأحد، في حال لم تفرج السلطات اللبنانية عن زوجتي مسؤولَيْن من التيارات المتشددة أوقفتهما قبل أيام.

وانعكست لهجة التهدئة على خطاب أهالي العسكريين الذين أعلنوا من البقاع أمس، أن «ثاراتنا لن تكون في عرسال إنما في السراي الحكومي»، داعين الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ «موقف شجاع» لتحرير أبنائهم، فيما وقع حادث محدود، تمثل في إطلاق النار على مخيم للاجئين السوريين في غرب بعلبك، أسفر عن وقوع جريحين.

وأكدت مصادر أمنية في شرق لبنان لـ«الشرق الأوسط» أن اتصالات على أعلى المستويات مع فعاليات في المنطقة، ساهمت في تخفيف الاحتقان، موضحا أن الساعات التي تلت إعدام جبهة النصرة للعسكري البزال «شهدت اتصالات مع فعاليات اجتماعية وأحزاب فاعلة في المنطقة وممثلي عائلات وعشائر وسياسيين، أثمرت تجاوبا كبيرا بتهدئة التوتر».

واستشهدت المصادر بـ«الخطاب الذي برز اليوم (أمس) الذي أكد أن الثأر ليس في عرسال»، مشيرا إلى أن الإجراءات التي تتخذها السلطات الرسمية، واتصالاتها لتطويق التوتر «جدية منعا لأي تدهور أمني، وأي حادث ثأري، وحفاظا على الاستقرار».

ولم تمنع الإجراءات الرسمية، إقدام مسلحين يستقلون جيب سوداء على إطلاق النار باتجاه خيم للنازحين السوريين في حوش تل صفية غربي بعلبك، كما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية الرسمية: «مما أدى إلى إصابة شخصين هما عزيز الملوح وضحية القطوف، فيما قام المسلحون أنفسهم بعد عملية إطلاق النار بسلب هاتفين و800 ألف ليرة لبنانية و70 ألف ليرة سوريا».

ووضعت المصادر تلك الحادثة في إطار «ردات الفعل غير المبررة»، مؤكدة أن السلطات الرسمية فتحت تحقيقا في الحادث. وشددت على أنه «من غير المسموح أن يصحح الخطأ بخطأ آخر»، كما عدّت «إطلاق النار أو الاعتداء على الآمنين غير مبرر». وإذ دعت إلى «تصويب البوصلة بالشكل الصحيح»، كشفت: «كنا متخوفين من ردات فعل أكبر، وقد اتخذت الإجراءات بناء على تقييم مسبق لمنع التدهور، لذلك تداركنا الأمور مع العائلات والفعاليات كي لا تُقطع الطرقات والثأر من أبناء عرسال أو من السوريين الذين لا علاقة لهم بما حدث».

وتضم منطقة البقاع عددا كبيرا من اللاجئين السوريين في لبنان، وتعد بلدة عرسال أكبر تجمع للاجئين في لبنان. وشهدت البلدة التي تسكنها أغلبية سنية، في مرات سابقة، توترا مع سكان بلدات شيعية تحيط بها، ويتحدر العسكري الذي أعدم، علي البزال، من قرية قريبة من عرسال.

وكان جو مشحون بالتحريض ظهر في مناطق شرق لبنان إثر الإعلان عن إعدام البزال، وشن آل البزال هجوما عنيفا على اللاجئين السوريين في بلدة عرسال معتبرين أنهم «ليسوا نازحين، بل حفنة من التكفيريين انقضوا على الجيش»، معلنين «عدم السماح لأي جهة محلية أو دولية بإيصال المساعدات إلى البلدة»، ولافتين إلى أن «قطع الطرق في أي بلدة بحجة التضامن مع إرهابيي عرسال هو تأييد لهم».

لكن هذا الموقف تبدل، أمس، بعد نجاح الجهود باحتواء التدهور الأمني. ورأى أهالي العسكريين المخطوفين من البزالية وأثناء تقبلهم العزاء مع عائلة آل البزال، أن «الدولة لا تزال تدور الزوايا في هذا الملف حتى يقتل كل العسكريين المخطوفين».

وتوجهوا إلى الحكومة وإلى الرئيس تمام سلام بالقول: «لا نريد بعد الآن أن نفجع بأي عسكري من أبنائنا، خذوا الموقف الشجاع وحرروا أبناءنا، وأنت قادر على أن ترجع أبناءنا بأيام قليلة، ولن تكون ثاراتنا في عرسال، إنما في السراي الحكومي، اشعروا بوجعنا وخذوا الموقف الشجاع». وأضافوا: «كفى نزفا للدماء وكفى استهتارا بالأسرى والشهداء ودم المؤسسة العسكرية. كما طالبوا «بعدم الاتكال على الدول ولا على أحد، إنما على أنفسنا، ولا يفك أسرانا إلا حكومتنا».

وتضاعف القلق في أوسط أهالي العسكريين اللبنانيين، مع تهديد «جبهة النصرة»، وهي فرع تنظيم «القاعدة» في سوريا، بإعدام عسكريين لبنانيين آخرين. وأمهل التنظيم المتشدد في بيان أصدره، مساء أول من أمس (السبت) السلطات اللبنانية مدة 24 ساعة لإطلاق سراح مواطنة عراقية هي سجى الدليمي، وأخرى سورية مع أولادهما، وهما زوجتا مسؤولين في مجموعات سورية متشددة.

وكانت السلطات اللبنانية قد أعلنت، الأسبوع الماضي، عن اعتقال الدليمي التي قال وزير الداخلية إنها طليقة زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي، كما أوقف الجيش اللبناني الأسبوع الماضي أيضا زوجة القيادي في تنظيم «داعش» في القلمون «أبي علي الشيشاني» الذي توعد الجيش باعتقال نساء وأطفال عسكريين فيه، في حال عدم الإفراج عن زوجته وولديه.

وواصل أهالي العسكريين المخطوفين قطع الطريق الذي يربط الشمال بالعاصمة بيروت، فيما أحرق مجهولون عددا من الخيام المشغولة من قبل عائلات سورية لاجئة في بلدة مشحة عكار.

سياسيا، وغداة إعلان خلية الأزمة التي يرأسها رئيس الحكومة تمام سلام عن اتخاذها خطوات مناسبة لمعالجة الملف، من غير الإفصاح عنها، رأى عضو كتلة «حزب الله» في البرلمان اللبناني «الوفاء للمقاومة» النائب وليد سكرية، أن «قرارات الحكومة غير كافية في إدارة ملف المخطوفين»، مطالبا الدولة اللبنانية «بتحديد علاقتها مع الجماعات الخاطفة إن كانت إرهابية أم لا». ودعا في حديث لإذاعة «صوت لبنان 93.3» الدولة إلى «الضغط على الإرهابيين لوقف قتل العسكريين، من خلال قطع التموين والمازوت عن جرود عرسال، وقتل 10 إرهابيين موقوفين مقابل قتل كل جندي».