فصائل حلب تنجز ترتيباتها لبحث خطة دي ميستورا وسؤاله عن الضمانات

النظام يسعى لضم مناطق إضافية إلى سيطرته

TT

أنجز قادة الجيش السوري الحر في تركيا أمس، كل الترتيبات اللازمة مع معاوني المبعوث الدولي إلى سوريا ستافان دي ميستورا تمهيدا للقاء يجمعهم به كان يفترض أن يُعقد مساء أمس أو صباح اليوم، للاطلاع على موقفهم من خطته لتجميد القتال في مدينة حلب (شمال سوريا)، بالتزامن مع تصعيد عسكري كبير في المدينة، تمثل في اشتباكات اندلعت على أكثر من محور فيها بين قوات النظام والمعارضة.

وقال الناطق باسم هيئة الأركان في «الجيش السوري الحر» رامي دالاتي لـ«الشرق الأوسط»، إن دي ميستورا وصل بالفعل إلى مدينة غازي عنتاب في تركيا لعقد لقاء معهم، مشيرا إلى «أننا التقينا معاونيه وأنجزنا الترتيبات للقائه، وحددنا المحاور التي سنبحث فيها». وقال: إن أهم المحاور التي سنناقشها هي «الأسئلة عما إذا كان هناك أي جديد عما طرحه عن المرات السابقة، والضمانات الدولية التي سترافق تجميد القتال، والتعهدات الدولية بأن يؤدي ذلك إلى منح النظام القدرة على التقاط أنفاسه».

كانت المتحدثة باسم الموفد الدولي قالت أول من أمس إن دي ميستورا «سيتوجه قريبا جدا إلى غازي عنتاب لمناقشة خطته مع أبرز قادة الفصائل الموجودة على الأرض في حلب، من أجل إعطاء دفع لهذه الخطة»، كما أكد صبحي الرفاعي، رئيس المكتب التنفيذي لمجلس قيادة الثورة الذي يضم عددا كبيرا من المجموعات المقاتلة: «إننا مستعدون للمشاركة في أي اجتماع وفي حوار مع أي طرف من أجل مناقشة الموضوع السوري».

ويضم المجلس نحو عشرين مجموعة مقاتلة ضد النظام السوري بينها العلمانية والإسلامية، وبينها حركة حزم والجبهة الإسلامية وجبهة ثوار سوريا وجيش المجاهدين وحركة نور الدين الزنكي وغيرها... ولا وجود للتنظيمات الجهادية، وأبرزها جبهة النصرة وتنظيم «داعش» في مدينة حلب.

وأكدت مصادر المعارضة أن موقف الفصائل العسكرية من خطة دي ميستورا «تتوقف على إيضاحاته لطبيعة المبادرة»، مشددا على أنه «إذا كانت بالصيغة السابقة، فإننا سنرفضها التأكيد». وقال دالاتي إن أفكار دي ميستورا «كانت أقرب إلى الحلول الإنسانية منها إلى الحلول السياسية»، إذ «لم تتضمن رؤية للنظام ولم تشعرنا أنها مبادرة سياسية للحل الكامل». وأشار إلى «أننا وضعناه في السابق بالصورة بأننا لا نرفض المبادرة بالمطلق ولا نرضى بها كما هي»، مشيرا إلى أن الملاحظات عليها «لا تعني رفضها».

وأعرب دالاتي عن مخاوف المعارضة من «تجميد القتال في حلب من غير أن ينسحب ذلك على مناطق أخرى، ما يعني منح النظام فرصة لالتقاط الأنفاس ونقل جهوده العسكرية إلى مناطق أخرى».. وهي هواجس تتقاسمها جميع فصائل المعارضة في حلب، إذ أكد أبو أحمد العاصمي، عضو المجلس العسكري في الجيش السوري الحر لـ«الشرق الأوسط» أيضا الهواجس نفسها، مشيرا إلى أن المبادرة «تسمح للنظام بالتقاط الأنفاس ونقل جهوده العسكرية إلى جهات أخرى بهدف تعزيزها، ما يعني أن تصب لصالح النظام».

بدوره، قال دالاتي لـ«الشرق الأوسط» إننا نبحث ما إذا كانت حشود النظام ودباباته ستبقى في مواقعها وفق خطة التجميد، موضحا أنه «إذا كانت ستبقى، بضمانة دولية، يعني أننا لن نكون قد أعطينا النظام فرصة للتصعيد في جبهات أخرى، وهو ما لم يعطنا دي ميستورا إجابة عليه في مرات سابقة، ولم يعطنا أي ضمانات بعدم سحب الحشود إلى مناطق أخرى». وأضاف: «النقطة الثانية التي نريد استيضاحها تتمثل في السؤال عما إذا «كانت الخطة بديلا عن المنطقة العازلة التي نعتبرها مطلبنا الأساسي في شمال وجنوب سوريا، ومن غير ضمانات بتحقيقها، فإننا لن نقبل بالخطة كما هي».

وكان دي ميستورا أعلن خلال زيارته دمشق في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) أن الحكومة السورية أبدت «اهتماما بناء» بخطة الأمم المتحدة. وأضاف أن السلطات السورية «تنتظر اتصالنا بالأطراف المعنية الأخرى والمنظمات والناس والأشخاص الذين سنتحدث إليهم، من أجل ضمان إمكانية المضي بهذا الاقتراح إلى الأمام».

ويتزامن اللقاء مع تصعيد عنيف في حلب، منذ يومين، ووصول القتال إلى مدينة حلب القديمة التي كانت شهدت هدوءا نسبيا منذ 5 أشهر. ونفى دالاتي أن يكون هناك أي رابط بين لقاء دي ميستورا، والتصعيد العسكري، موضحا أن النظام «حاول اختراق خطوط التماس المرسومة عن طريق الأمن العسكري، لكنه فوجئ برد عنيف من قوات المعارضة، ما اضطره إلى الانكفاء». وقال: «كانت عمليات تسلل واضحة من قوات الشبيحة والدفاع الوطني الذين قتلنا واعتقلنا عددا منهم»، مشيرا إلى أن تفجير المسجد «جاء بالتزامن مع العملية».

وتصاعدت وتيرة القتال في حلب منذ ليل السبت الأحد قرب حلب القديمة وفي عمق المدينة، وشهدت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وفصائل الجيش السوري الحر.

وقال العاصمي لـ«الشرق الأوسط» إن النظام «حاول التقدم بموازاة البحث في خطة دي ميستورا، بهدف استعادة السيطرة على مناطق أوسع من نطاق سيطرته، ليحتفظ بها في حال تم الاتفاق على خطة دي ميستورا»، مشيرا إلى أن «تلك الجهود العسكرية باءت بالفشل». وأشار إلى أن المعارضة «لا تملك أجوبة واضحة عن مصير مناطق اشتباك لم تُرسم بموجبها خطوط التماس مثل بستان القصر وغيرها، لأنها مناطق نزاع، ولا نعرف بيد من ستكون في حال التوصل إلى اتفاق، في حين يجهد النظام لإحكام سيطرته عليها».

وبالتزامن، اندلعت اشتباكات على مداخل حلب الشمالية، إذ أفاد المرصد السوري بوقوع اشتباكات عنيفة بين الكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية وجبهة أنصار الدين التي تضم (جيش المهاجرين والأنصار وحركة فجر الشام الإسلامية وحركة شام الإسلام) وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) من جهة، وقوات النظام مدعومة بقوات الدفاع الوطني ولواء القدس الفلسطيني ومقاتلي حزب الله اللبناني ومقاتلين شيعة من جنسيات إيرانية وأفغانية من جهة أخرى، في منطقتي البريج ومناشر البريج على المدخل الشمالي الشرقي لمدينة حلب.