«النهضة» التونسية تنفي تهديد الغنوشي بالاستقالة.. وتحافظ على الحياد تجاه السبسي والمرزوقي

مدير حملة المرزوقي يتهم «نداء تونس» بإعادة رموز النظام السابق إلى السلطة

المنصف المرزوقي يحيي الجماهير المؤيدة له أثناء حملته الدعائية في تونس أمس (رويترز)
TT

ترك حياد حركة النهضة التونسية تجاه المرشحين للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية تساؤلات حول خفايا القرار والضغوطات الداخلية التي رافقته في جلسة مجلس الشورى المنعقد يومي السبت والأحد الماضيين. وتواترت أنباء عن تهديد رئيس الحركة راشد الغنوشي بالاستقالة لإسكات الأصوات المناوئة للتوجه البراغماتي للحزب في مرحلة سياسية محاصرة بفشل الإسلام السياسي في مصر وتعثره في بقية بلدان الربيع العربي.

ورغم الانقسام الواضح الذي خلفه الدور الأول من الانتخابات الرئاسية بين القاعدة والقمة في حركة النهضة، فإنها حافظت على نفس موقف الحياد غير عابئة بالاتفاق الظرفي الذي حصل بينها وبين حركة نداء تونس بشأن رئاسة البرلمان التونسي.

وفي هذا الشأن، أكد زياد العذاري المتحدث باسم حزب حركة النهضة أن الغنوشي لم يهدد بالاستقالة على أثر النقاشات الحادة التي جرت بين أعضاء مجلس شورى الحركة عند نظره في مسألة دعم أحد المرشحين في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية.

وقال العذاري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الخلافات الحاصلة بين أعضاء مجلس الشورى طبيعية وهي عنصر قوة لفائدة الحركة وأنصارها وليست عامل انقسام بينهم. وأضاف أن الحسم في هذا الملف الشائك قد تأجل إلى نهاية هذا الأسبوع وتبقى إمكانية المحافظة على نفس الموقف المحايد واردة، وتابع قوله «كل الاحتمالات واردة وقرار ترك الحرية لقواعد الحركة في الاختيار وارد مثلما يمكن تغيير الموقف النهائي على ضوء النقاشات والتطورات المقبلة».

وكانت معلومات تحدثت عن تهديد الغنوشي بالاستقالة في وجه من طلبوا حسم موضوع الدعم المقدم لأحد المرشحين للرئاسة، وروجت المصادر ذاتها اختلاف مواقف أعضاء مجلس الشورى وعدم رضا عدد من قيادات الحركة تجاه قرار الحياد تجاه المرشحين.

وانقسمت قيادات حركة النهضة إلى شقين أحدهما يقوده الغنوشي وعبد الفتاح مورو وسمير ديلو، وهو شق براغماتي يرى ضرورة اتخاذ موقف محايد واضح يخدم مصلحة الحركة في الوقت الحالي، ويحافظ على مستقبلها السياسي. ويصر الشق الثاني الذي يتزعمه حمادي الجبالي وعبد اللطيف المكي على دعم المنصف المرزوقي الحليف السياسي الذي أوفى بوعوده خلال سنوات الحكم الماضية.

وقال المنذر بالضيافي المحلل السياسي التونسي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الموقف الجديد - القديم لحركة النهضة هو بمثابة «مساندة غير معلنة» للمرزوقي حتى وإن لم تعلن الحركة عن ذلك صراحة. وأضاف أن البقاء في وضع محايد يكشف في نهاية المطاف عن عمق التباينات بين القيادات السياسية لحزب النهضة ومدى الاختلاف بين أعضاء مجلس شورى الحركة.

وأشار بالضيافي إلى أن الغنوشي يقود التيار المعتدل ولم ينجح خلال الفترة الماضية في إقناع تيار الصقور الذي يسيطر على مجلس الشورى بتبني موقف الحياد الإيجابي تجاه المرشحين للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية.

وتجد حركة النهضة نفسها في موقف لا تحسد عليه، فهي تقبع بين مطرقة الباجي وسندان المرزوقي، إذ تبدي حركة نداء تونس بزعامة قائد السبسي توجسا من موقف الحياد الذي تعلنه حركة النهضة إذ اعتبر زعيم نداء تونس في تصريحات إعلامية أن الحياد في هذه الحالة هو «دعم غير معلن»، لمنافسه المباشر في منافسات الرئاسة، فيما يرى المرزوقي في موقف حركة النهضة موقفا غير منصف تجاه حليف الأمس.

وسيتوجه المرزوقي كما كان الحال في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية إلى القواعد الانتخابية لحركة النهضة لتأكده من أن القيادات العليا داخل حركة النهضة لا تتحكم بالكامل في خيوط اللعبة الانتخابية. وأكد عدنان منصر، مدير الحملة الانتخابية للمرزوقي لـ«الشرق الأوسط»، على تمتع المرزوقي بمساندة أصحاب القرار الانتخابي سواء داخل حركة النهضة أو خارجها بعيدا عن أصحاب الدور الوظيفي، على حد تعبيره.

وفي المقابل اتهم منصر، حركة نداء تونس بإعادة رموز النظام السابق إلى السلطة، وقال إن ما لا يقل عن 47 نائبا برلمانيا من حزب قائد السبسي كانوا من بين المسؤولين الكبار في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي (الحزب الحاكم المنحل). وأضاف أن هدفه في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية هو الحصول على نحو 200 ألف صوت انتخابي ممن انتخبوا قائد السبسي، وأن حظوظ المرزوقي تبقى وافرة للغاية.

ومع انطلاق الحملة الانتخابية المتعلقة بالدور الثاني للانتخابات الرئاسية يوم أمس، من المنتظر أن يركز كل مرشح على نقاط بعينها لإقناع الناخبين برجاحة الاختيار عليه كرئيس للبلاد خلال الـ5 سنوات المقبلة. فقائد السبسي سيؤكد على إعادة هيبة الدولة وضمان الاستقرار السياسي والأمني وعودة مناخ الاستثمار وتشغيل العاطلين عن العمل. فيما سيعمل خصمه المرزوقي على استمالة أنصار الثورة، ولفت الانتباه إلى التهديدات المحتملة جراء عودة رموز النظام السابق إلى الواجهة السياسية وبالتالي التهديد بعودة الاستبداد والديكتاتورية.