في بيتنا مصمم : ندى غزال: في تصاميمي أروي قصصا من حياتي.. وما يدور بداخلي وحولي

ندى غزال
TT

من النظرة الأولى توقعك تصاميم ندى غزال في شباكها، نظرا لجرعة الإبداع التي تظهر فيها.

اختارت ندى غزال الذهب من عيار 18. لتستخدمه لأنه المعدن الذي يشعرها بالقوة ويزودها بالطاقة، كما تقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط» وتضيف: «عندما قررت استعماله في تصاميمي منذ نحو عشر سنوات لم تكن موضته رائجة، إذ كان الذهب الأبيض هو السائد في تلك الحقبة، إلا أنه كان يلح علي لأنه يذكرني بمجوهرات جدّتي وأمي». ومع الوقت تأكدت أنه مادة تبقى مع المرأة إلى الأبد ويسهل ارتداؤها. لكنها تستعمل أيضا الذهب الأبيض والأصفر والزهري، كما أحجار الماس وغيرها من الأحجار الكريمة، وإن كان اللافت دائما ظهور الماس الأسود في تصاميمها. وهو اهتمام تقول بأنه ولد بعد زيارة قامت بها للهند، تعرفت خلالها عليه وعلى تقاليد أهل الهند الذين يستخدمونه كثيرا في مجوهراتهم.

بدأت ندى غزال هواية تصميم المجوهرات منذ صغرها. كان عمرها نحو 10 سنوات عندما صممت خواتم مصنوعة من شرائط نحاسية مطعمّة بالخرز. وتقول في هذا الصدد: «لقد كان لدى جدّتي ماكينة خياطة (سينجر) فيها إدراج صغيرة، فكنت أجد متعة بفتحها واختيار الأدوات والأغراض التي تفيدني». لكن شتان بين محاولاتها المتواضعة وإبداعاتها اليوم، فقد حازت مؤخرا على لقب «النجم الصاعد» في ولاية لاس فيغاس الأميركية من دار جي سي كي.

والدة ندى غزال ساهمت بشكل فعّال في بلورة هوايتها هذه، إذ كانت تشجعها دائما وتحثّها على الاستمرار فيما تقوم به. فهي لا تنسى مثلا كيف كانت تتركها ترسم على جدران غرف النوم لوحات تزيّنها، وتقول متذكّرة: «على عكس الأمهات الأخريات فإن والدتي لم يكن يزعجها أن أمارس الرسم على حيطان البيت، لأنها كانت هوايتي. وكل ما كانت تقوم به أنها كانت تعيد بين فترة وأخرى دهن المنزل بالطلاء ليستعيد نظافته ولتتيح لي أن ارسم لوحات جديدة أخرى».

عاشت ندى غزال فترة طويلة من حياتها في لندن، حيث شبت في أحيائها وتعلّمت في مدارسها، فلفتت نظر إحدى معلّماتها في صفّ الخياطة الذي كان يشكّل بالنسبة لها أمتع ساعة يمكن أن تمضيها في الصف، التي قالت لها عندما شاهدتها وهي تصمم خاتما بدقّة: «اسمعي يا صغيرتي أنت موهوبة ولكن عليك أن تتعلمي الفن التجاري لتروّجي لأعمالك في المستقبل ولتنجحي في إيصالها لأكبر عدد ممكن من الناس». بقيت هذه الملاحظة ترن في أذنيها، وعندما كبرت تخصصت في التسويق وتصميم الإعلانات، وبرعت فيها إلى حدّ جعلها تغوص في هذا العالم ناسية هوايتها الأساسية لفترة من الزمن. وعندما عادت إليه قررت أيضا العودة إلى لبنان، رغم أن الأمر لم يكن سهلا لأنه كان عليها أن تبدأ من الصفر. تقول: «اتهمني أصدقائي بالجنون عندما اتخذت قراري بالعودة إلى لبنان تاركة نجاحاتي في تصميم الإعلان خلفي، لكني كنت أرى طريقي بوضوح ولم أندم يوما على قراري هذا. فرغم أن هدفي كان أن أوجد في كل بلد في العالم، فإنه كان من المهم بالنسبة لي أن تكون انطلاقتي من لبنان».

أول ما قامت به ندى غزال عند وصولها للبنان أنها زارت سوق الذهب في منطقة برج حمود لتكتشف أسرار المهنة، والأدوات الحرفية التي يمكن أن تساعدها في أعمالها. وبالفعل اطلعت على كيفية تقطيع الذهب، وحرارة النار التي يجب استخدامها في تليينه وتذويبه وتلحيمه، ونوع الطاولة التي يجب أن تشتغل عليها، وغيرها من المعلومات التي تبرع بها عمال المشاغل وأصحاب المحلات. أول معرض لها كان في منزلها وحضرته صديقات والدتها فقط، ورويدا رويدا بدأت تؤسس لمشغلها الخاص بعد أن لاقت أعمالها رواجا ملحوظا.

بالنسبة لتصاميمها، فتقول بأنها تحكي قصصا من حياتها الخاصة «حكيت في إحداها قصتي مع شقيقتيّ، وأخرى أسميتها (ملاك) وكنت يومها حاملا بابنتي التي أطلقت عليها نفس الاسم، وترجمت صورتها في خاتم كما تخيلتها تماما، ثابتة وقوية ملتصقة بالأرض لكنها تحوم فوقها بأجنحتها الخفيفة. في عام 2006 وإثر اندلاع حرب تموز، صممت قطعا أخذت شكل دموع ورصاص، لأني كنت أبكي كثيرا وبالتالي كان لا بدّ أن يتأثّر نتاجي بما يدور بداخلي وحولي».

كثيرة هي أسماء المجموعات التي ابتكرتها ندى غزال لحد الآن، نذكر منها «لميس» و«آية» و«بوي ميتس غيرل» و«أوما» وغيرها، وتصب كلها في خانة المجوهرات الراقية، لكن تبقى مجموعة «ماتريكس» الأقرب إلى قلبها، إلى حد أنها تصف خاتم الخنصر من هذه المجموعة ببطلها (my hero). فهذا الخاتم المرصع بـ1087 حبة ماس بألوان مختلفة، حقق لها أكثر من نجاح عندما اختير كواحد من بين أجمل 200 قطعة مجوهرات في العالم، وأدخلها الأسواق الأميركية، بعد أن حازت من خلاله على جائزة أفضل تصميم مبتكر في عالم المجوهرات في منطقة الشرق الأوسط في عام 2012.