جامع الفنا.. ساحة أدهشت النجوم وجذبت الآلاف

تحولت إلى فقرة أساسية في برنامج المهرجان الدولي للفيلم في مراكش

تتحول ساحة جامع الفنا بمراكش خلال مهرجان الفيلم إلى قاعة سينمائية مفتوحة في الهواء الطلق («الشرق الأوسط»)
TT

نظرا لرمزيتها التاريخية وسحر ليلها وروادها الكثر، تحولت فقرة ساحة جامع الفنا المبرمجة ضمن فعاليات المهرجان الدولي للفيلم في مراكش، إلى موعد أساسي ومهم، لا يكاد يوازيه، من حيث الأهمية، إلا فقرة التكريم، التي تبرمج بـ«قاعة الوزراء» بقصر المؤتمرات، التي تتركز الأضواء خلالها على مشاهير السينما في العالم، ممن يتم الاحتفاء بمسارهم الفني المتفرد. لذلك، لا يمكن أن نتصور برنامجا لمهرجان مراكش من دون فقرة ساحة جامع الفنا، التي أعطت للتظاهرة بعدا شعبيا وامتدادا جماهيريا بين المراكشيين، فضلا عن الآلاف من زوار مراكش ممن لا تكتمل زيارتهم للمدينة من دون زيارة ساحتها الشهيرة.

ومنذ إدماج فقرتها ضمن فعاليات مهرجان مراكش لم تجد الساحة الشهيرة، المعروفة، أصلا، بتوجهها الفرجوي، صعوبة في أن تحتضن فرجة أفلام المهرجان، لذلك تحولت، في جزء منها، إلى قاعة سينمائية مفتوحة في الهواء الطلق، تمنح إمكانية الدخول إليها بالمجان، من دون حاجة إلى الامتناع عن التدخين أو إغلاق الهواتف أو التحدث إلى الأصدقاء، أو حتى الجلوس إلى كراسي تؤثث للفرجة.

وفي الوقت الذي ينشغل فيه «قصر المؤتمرات» بالتدقيق في الدعوات قبل توجيه أصحابها إلى هذه الجهة دون الأخرى، تبعا لحروف الأبجدية التي تتوزع بطاقات الدعوة وتعلو أبواب «قاعة الوزراء»، مقسمة الجمهور إلى شخصيات مدعوة، وشخصيات مدعوة، هي الأخرى، غير أنها تتميز عن الأولى بأنها «شخصيات مهمة جدا»، تتعامل ساحة جامع الفنا مع جمهورها بديمقراطية مشاهدة لا تميز بين وزير وعاطل عن العمل.

وفي الوقت الذي تتركز فيه الكاميرات والأضواء على المارين، على البساط الأحمر أو على المكرمين في أمسيات التكريم، يخطف جمهور الساحة النجومية من الجميع، إلى درجة أن نجوم السينما الذين يحضرون مواعيد عرض أفلامهم بالساحة لا يخفون إعجابهم وتأثرهم، بل رهبتهم وهم يتوسطون بحرا من المتعطشين للفرجة السينمائية، في ساحة أعدت أصلا لتكون فضاء للفرجة، قبل أن تدرجها الـ«يونيسكو»، قبل أزيد من عقد من الزمن، تراثا ثقافيا غير مادي للإنسانية.

وخلال دورة هذه السنة، نزل النجم المصري الكبير عادل إمام ضيفا على الساحة، بمناسبة عرض «زهايمر» (2010)، الفيلم الكوميدي الاجتماعي المصري الذي يلعب فيه «الزعيم» دور البطولة. وكان لافتا للانتباه أن النجم المصري لم يستطع إخفاء تأثره وهو يحيي جموع الحاضرين، الذين جاؤوا لتحيته ومتابعة أحداث فيلمه. كذلك كان الحال مع النجم الأميركي فيغو مورتينسون، والنجم البريطاني جيريمي آيرونز، أما طاقم الفيلم الهندي «سنة سعيدة» (2014) فقد حرص على أن يأخذ لنفسه صورا (سيلفي) مع الجمهور الحاضر ذكرى للمرور من الساحة المغربية الشهيرة. وهكذا، بدل أن يطالب الجمهور بأخذ صور مع النجوم الحاضرين صار النجوم هم من يحرصون على أخذ صور مع الجمهور، في تبادل للأدوار جعل النجومية تأخذ صيغة وشكل الجماعة، في ساحة جامع الفنا.

المنظمون اختاروا برمجة 9 أفلام، من الهند، ومصر، واليابان، والولايات المتحدة، وفرنسا، هي «موت قاس مع انتقام» (1995) للمخرج الأميركي جون مكتيريان، و«المصارع» (2000) للمخرج الأميركي ريدلي سكوت، و«رحلة تشيهيرو» (2001) للمخرج الياباني هاياو ميازاكي، و«أبالوزا» (2008) للمخرج الأميركي إيد هاريس، و«13 قاتلا» (2010) للمخرج الياباني تاكيشي ميكي، و«زهايمر» للمخرج المصري عمرو عرفة، و«البداية» (2010) للمخرج الأميركي كريستوفر نولان، و«بعيدا عن الرجال» (2014) للمخرج الفرنسي ديفيد أويلهوفن، و«سنة سعيدة» (2014) للمخرج الهندي فرح خان. وهي أفلام يلعب أدوار البطولة فيها عدد من نجوم السينما العالمية، على رأسهم نجوم هوليوود: فيغو مورتينسن، وليوناردو دي كابريو، وجيريمي آيرونز، وبروس ويليس، وصامويل لي جاكسون، وراسل كرو، فضلا عن عادل إمام نجم السينما العربية، وشاه روخان نجم السينما الهندية؛ نجوم سبق لأغلبهم أن نزل ضيفا على الساحة، سواء تعلق الأمر بفيغو مورتينسن أو ليوناردو دي كابريو أو جيريمي آيرونز أو عادل إمام أو شاه روخان، فقط، بروس ويليس، وصامويل لي جاكسون، وراسل كرو، لم يسبق لهم ذلك. وحين نستحضر الأسماء ونتذكر الدهشة الجميلة التي يشعر بها كل نجم من نجوم السينما العالمية، كلما زاروا الساحة، في إطار فعاليات المهرجان الدولي للفيلم في مراكش، نتيقن أن من لم يحضر في هذه الدورة أو في الدورات السابقة، قد يحضر في الدورات التالية، ليعيش المتعة نفسها التي عاشها مارتن سكورسيزي، وليوناردو دي كابريو، وشاه روخان، وكل من زار الساحة بمناسبة المهرجان أو من دون مناسبة، إلا من حب السياحة ومتعة الزيارة.