ممثلو 70 هيئة يطرحون مبادرة لتحقيق المصالحة بين أطراف النزاع في العالم العربي والإسلامي

شيخ الأزهر أكد الاستعداد للقاء المتطرفين إن كان ذلك سيعيدهم إلى الإسلام الصحيح

فعاليات المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة الذي احتضنته القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

أعلن المشاركون في اجتماع الهيئة التأسيسية الـ24 للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، الذي يعقد بأحد فنادق القاهرة على مدار يومين، بحضور ممثلين عن 70 دولة وهيئة إسلامية، عن مبادرة لتحقيق المصالحة بين أطراف النزاع في العالم العربي والإسلامي.

وأعلن الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، خلال كلمته الافتتاحية في الاجتماع، عن مبادرة تكوين هيئة إصلاحية مكونة من مجموعة من أعضاء المجلس، لتحقيق المصالحة بين أطراف النزاع في العالم العربي والإسلامي، لتقوم هذه الهيئة الإصلاحية بالاجتماع مع العلماء والمفتين والمراجع، بل وحتى «مع المتطرفين أنفسهم إن كان في هدايتهم أمل»، مؤكدا أن هذه الفكرة لاقت استحسان أعضاء المجلس وثناءهم. وأضاف شيخ الأزهر أن «المجلس سوف يعمل خلال الفترة المقبلة على تصحيح المفاهيم الإسلامية من التحريف، خاصة مفاهيم الخلافة والتكفير والحاكمية، وكلها مصطلحات تعرضت للتحريف على يد المتطرفين والتكفيريين، مما تسبب في إثارة عداوة الأمة تجاه الإسلام والمسلمين، ليس هذا فحسب، بل إن تلك المفاهيم المغلوطة تسببت في إشاعة الخلافات بين المسلمين بعضهم البعض، مما أدى إلى إثارة الحروب في عدد لا يستهان به من المجتمعات الإسلامية».

وأوضح الطيب، وهو رئيس المجلس الإسلامي للدعوة والإغاثة، أن «كل ذلك دعا قيادات المجلس والعمل الخيري لتشكيل لجنة المصالحات، ليكون دورها العمل على المصالحة بين أطراف النزاع في عالمنا العربي، وإطفاء النيران المشتعلة بين أطرف عربية تدين بنفس الدين للأسف الشديد. ولقد قررنا أن نجتمع في البداية بالملوك والأمراء والرؤساء العرب، وبعدها سوف نجتمع بقيادات الجهات المتصارعة. ولدينا استعداد لأن نلتقي حتى بالمتطرفين أنفسهم؛ إن كان في حديثنا معهم أمل لإعادتهم لاعتناق أفكار وتعاليم الإسلامي الصحيح».

وأكد شيخ الأزهر أن عمل لجنة المصالحة سيسير جنبا إلى جنب مع أعمال الإغاثة العادية، وكذلك مع أنشطة المجلس لإنقاذ المقدسات الإسلامية في القدس الشريف، مضيفا أن هدف المجلس هو تقديم النصرة والعون لمن يستغيث به من الفقراء والمحتاجين، مشددا على أن «سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو رائدنا في هذا العمل الإنساني الإغاثي، وأن هذه الصفات التي تحلى به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هي صفات إنسانية، وقد تحلى بها الرسول الأعظم قبل نزول الرسالة النبوية عليه، وسرعان ما تحولت هذه الصفات إلى مبادئ إسلامية رسخها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقوله (مَنْ فَرّجَ عن مؤمنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ)، وقوله: (مَنْ ستَر مُسلمًا سترَه الله يوم القيامة)، وغير ذلك من الأحاديثِ التي ترسِّخ للعمل الإنساني الإغاثي».

وأشار الدكتور الطيب إلى الارتباط الوثيق بين العمل الدعوي والعمل الإغاثي، مؤكدا أن «هذا معنى الحديث الشريف (تغيثوا الملهوفَ، وتهدوا الضّالَّ)، فليس صدفة أن يجمع هذا المجلس في عمله بين الإغاثة والدعوة»، وقال إن هذا «يُلقي على عاتق المجلس واجب تصحيح المفاهيم التي حُرِّفَت عن معانيها الصحيحة، وكانت من أقوى الأسباب التي جلبت على المسلمين كوارث الحروب والنزاعات، وذلك مثل مفاهيم الخلافة والجاهلية والكفر والإيمان والولاء والبراء، وغير ذلك من المفاهيم التي حُرِّفَت عن معناها الصحيح».

كما أوضح الطيب أن «علينا أن نستعد لهذا العبء الثقيل والواجب الشرعي الذي أراه مضيقا، وليس موسعا، وأن نبذل جهدنا في إعانة الأرامل واليتامى والمحتاجين، مع تبصير الناس وبيان المفاهيم وتصحيحها»، لافتا إلى أن الوضع المأساوي الذي تعيشه الأمة يحتم تشكيل لجنة من أعضاء المجلس لعقد مصالحة عامة حقيقية بين أطراف النزاع، وذلك تحقيق الأمن الذي افتقدناه في عالمنا العربي»، وتابع موضحا «علينا إطفاء الحرائق المشتعلة بين أبناء الدين الواحد».

في السياق ذاته، قال الدكتور داود هايل داود، وزير الأوقاف الأردني «إننا نبحث دائما جهود الدعوة والإغاثة رغم الظروف الصعبة التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية. ونحن في هذا الاجتماع ندرك حجم التحديات والأمور التي تجري على الساحة العربية والإسلامية، ومن منطلق وزارة الأوقاف الأردنية نحمل على عاتقنا الدعوة الوسطية وتصحيح صورة الإسلام المعتدل، وندعو كل الجهود التي انطلقت منها رسالة هذا المجلس، ونحن نتصدى للمؤامرة التي يختلقها الكيان الصهيوني ضد المقدسات المسيحية والأقصى». وتابع داود «إننا نحمي المسجد الأقصى ونقوم بتنظيفه وصيانته وحمايته ورعايته، ونمده بعلماء الأوقاف، ومنذ أسبوعين تمت تهدئة الوضع إلى حد ما، نتيجة المباحثات بين الحكومتين الأردنية والإسرائيلية، حيث تم وقف إطلاق النار والسماح بدخول المصلين إلى ساحات الأقصى».

من جهته، أكد الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أن هذا الاجتماع جاء في وقت مهم وضروري في ظل ظروف سيئة تعيشها الأمة، حيث كانت مسؤولية هذا المجلس أن يحمل على عاتقة كل الظروف القاسية التي تواجه الضعفاء والأقليات.. ومن أجل هذا «يجب إعادة النظر بدقة في الجمعيات الخيرية، وإنشاء المزيد منها لمساعدة المنكوبين من المسلمين وغير المسلمين في ربوع العالم الإسلامي». وتابع هاشم موضحا أن «الجمعية الإسلامية الخيرية بالسعودية والإمارات، وغيرهما من الدول العربية، أسهمت في تقديم الدعم للعديد من المنكوبين نتيجة الظواهر الإرهابية التي ظهرت على الساحة الآن، ونتج عنها التشرد والفقر».