التوتر يخيم على بدء الحملة الانتخابية للجولة الثانية من سباق «الرئاسيات» في تونس

مهدي جمعة يدعو إلى الانتقال الاقتصادي أمام أعضاء البرلمان

رئيس الوزراء التونسي مهدي جمعة (وسط) لدى وصوله الى مقر البرلمان لمناقشة أولية للميزانية العامة للدولة لعام 2015 (أ.ف.ب)
TT

خيم التوتر من جديد على انطلاق الحملة الانتخابية الخاصة بالدور الثاني للانتخابات الرئاسية في تونس بين المرشحين الباجي قائد السبسي والمنصف المرزوقي على خلفية تصريحات الأخير حول وجود نيات لتزوير الانتخابات.

وقال حزب حركة نداء تونس إن «تصريحات المرشح المنافس في الانتخابات الرئاسية المرزوقي بشأن مزاعم حول تزوير الانتخابات تعد حثا على إدخال البلاد في فوضى».

وأضاف الحزب أن «تصريحات المرزوقي تعد تشكيكا في مصداقية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كما تمثل تهديدا للسلم والأمن الاجتماعيين».

وأوضح الحزب في بيان تلقت وكالة الأنباء الألمانية نسخة منه «أن عدم القبول مسبقا بنتائج الانتخابات الرئاسية في دورتها الثانية يعد حثا على إدخال البلاد في الفوضى».

ودعا الحزب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى اتخاذ الإجراءات القانونية ضد هذه التجاوزات والتهديدات الخطيرة.

ويتهم نداء تونس المرزوقي بتجنيد رابطات حماية الثورة المتهمة لإشاعة العنف والسلفيين المتشددين في حملاته الانتخابية، ودعا السلطات إلى حماية المحطة الأخيرة للمسار الانتقالي في البلاد.

وكان المرزوقي الذي قام أول من أمس بزيارة إلى منطقة باب سويقة بالمدينة العتيقة في قلب العاصمة في إطار انطلاق حملته الانتخابية صرح بأن منافسه قائد السبسي، لن ينجح في الانتخابات من دون تزوير، داعيا أنصاره إلى التجند يوم الانتخابات لمنع الغش.

وقال المرزوقي: «سيكون يوم الانتخاب يوما من أيام الحسم، يوما من أيام العرب ويوما من أيام تونس، سنذهب إليه بعزيمة ونية المنتصرين وبأعين يقظة، لا مكان للطيبة والغفلة والسذاجة لأننا نقاوم آلة تعودت على التزييف واستعمال كل الوسائل غير الشريفة كي تربح».

وكانت حالة الاستقطاب بين المرشحين الرئيسيين للمنصب الرئاسي قد بدأت منذ الدور الأول وبلغت ذروتها خلال الحملات الانتخابية مع تصاعد النعرات الجهوية بين أقاليم البلاد أعقبتها خطابات تهدئة من الطرفين لإخماد احتجاجات بدأت تظهر في بعض الجهات بالجنوب التونسي.

وأوضح المرزوقي أنه قبل دعوة رئيس الهيئة الانتخابات من أجل لقاء قائد السبسي والاتفاق على جملة من القواعد لإدارة الحملة الانتخابية بما يضمن أن تكون سلسة ومتحضرة.

وقال المرزوقي «ليس المهم من ينتصر ولكن بالنسبة للشعب يجب أن تكون انتخابات حرة ونزيهة».

من جهته، حث قائد السبسي الشباب على الانخراط في العملية السياسية وتهيئة المناخ المناسب لتحمل المسؤوليات. وركز خطاب اليوم الأول من حملته الانتخابية على ضمان الحريات العامة وتخفيض البطالة وتنقية الحياة السياسية من الشوائب.

وفي معرض إجابته على تساؤلات بعض الشباب بشأن ضمان حرية التظاهر والتعبير عن الرأي، قال قائد السبسي إن «تلك الحقوق يكفلها الدستور التونسي التوافقي الذي صيغ بمشاركة جماعية»، على حد قوله.

وفي مجال مكافحة الإرهاب، قال قائد السبسي إن «التساهل مع هذه الظاهرة أسهم في انتشارها»، حسب تقديره. وأضاف «لا خوف من تفعيل قانون الإرهاب باعتبار أن البرلمان فرض الرقابة على الحكومة».

من جانبه، قال وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو أمس إنه «سيجري الدفع بنحو 60 ألف عنصر أمني لتأمين المرحلة الأخيرة من المسار الانتخابي في البلاد».

وصرح بن جدو للصحافيين خلال مشاركته اليوم في المؤتمر الـ38 لقادة الشرطة والأمن العرب بمقر مجلس وزراء الداخلية العرب بتونس، بأن الأجهزة الأمنية على استعداد تام لإنجاح الانتخابات الرئاسية في دورتها الثانية، على الرغم من وجود تحركات لعناصر إرهابية في الجبال والمرتفعات على الحدود الغربية وفي مدن جندوبة والكاف والقصرين.

وقال بن جدو «كانت هناك تهديدات لمنع إتمام المسار الانتقالي، لكننا استعددنا كما ينبغي لهذا الموعد ولا يمكن للتهديدات الإرهابية أن تمس المسار الانتخابي في مجمله».

وكانت تونس دفعت بنحو 100 ألف عنصر أمني وعسكري لتأمين الدور الأول من السباق الرئاسي كما أغلقت حدودها الشرقية مع الجارة ليبيا خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من العملية الانتخابية.

وشارفت تونس على الانتهاء من مرحلة الانتقال الديمقراطي التي امتدت لأكثر من 3 سنوات بعد انتخاب أول برلمان بعد الثورة بينما تجرى الانتخابات الرئاسية في دورتها الثانية يوم 21 من الشهر الحالي على أن يجري الشروع في تشكيل الحكومة المقبلة في غضون أسابيع.

على صعيد آخر، بدأ البرلمان التونسي أمس في مناقشة مشروع ميزانية الدولة لسنة 2015 في ظل تباين بين الأطراف الاجتماعية بشأن تقييم الوضع الاقتصادي والاجتماعي الحالي وكيفية الخروج من حالة الضيق المالي التي تمر بها البلاد منذ سنوات. ووفق تصريح سليم بسباس رئيس لجنة المالية في البرلمان لوسائل الإعلام، لا ينتظر أن تجري عملية التصديق على مشروع الميزانية برمته خلال الجلسة العامة للمجلس خلال اليوم الأول من النقاشات.

وأرجع هذه الصعوبة إلى العدد الكبير من تدخلات البرلمانيين، الذي ناهز 80 تدخلا بمعدل 3 دقائق لكل نائب، وأشار إلى أن كل نائب عن الشعب يرغب من جانبه في التدخل والتطرق إلى شواغل جهته وعرضها اليوم أمام الحكومة وهو ما سيؤجل عملية التصديق على الميزانية.

وقال بسباس إن «التحدي الكبير يظل التوصل إلى التصديق النهائي على مشروع الميزانية قبل يوم 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من أجل الحفاظ على المصداقية المالية للدولة». وأشار إلى أن مشروع الميزانية قابل لجميع أنواع الطعون القانونية ومن ضمنها حق الرد لرئيس الجمهورية قبل التوقيع وكذلك حق الطعن في دستورية المشروع برمته.

وفي كلمة له أمام أعضاء البرلمان التونسي الجديد، استعرض مهدي جمعة رئيس الحكومة الخطوط العريضة لمشروع ميزانية الدولة لسنة 2015، فأشار إلى أن المرحلة المقبلة التي ستمر بها تونس هي مرحلة الانتقال الاقتصادي بعد أن تحقق الانتقال السياسي. وأردف قائلا إن «مناقشة مشروع ميزانية الدولة تؤكد شروع تونس في تفعيل مواد الدستور التونسي الجديد المتعلقة بالمالية العمومية».

ووصف الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس بأنه يتسم بـ«الحدة والحساسية» خاصة مع تفاقم أزمة المالية العمومية في تونس وفي ظل تراجع موارد الدولة. ودعا أعضاء البرلمان إلى توخي الحذر عند مناقشة تراجع مؤشرات أسعار النفط ومدى تأثيرها على الموارد الدولة لارتفاع كلفة دعم المحروقات والمواد الاستهلاكية وضعف مداخيل الدولة.

وقال إن «الحكومة الحالية تمكنت من إيقاف نزيف المالية العمومية إلى ما دون 6 في المائة خلال السنة الحالية وهي تأمل ألا يزيد العجز عن 5 في المائة خلال السنة المقبلة».

وتابع جمعة قائلا إن «التحدي الآن يبقى على مستوى عجز الميزان التجاري نتيجة تراجع الصادرات وتفاقم العجز على مستوى المحروقات والمواد الغذائية».

وفي خطوة هدفها تذكير الحكومة الحالية بضرورة فتح باب المفاوضات الاجتماعية للزيادة في أجور الموظفين، وجه الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة عمالية في البلاد) مراسلة إلى أعضاء البرلمان تتضمن انتقادات عدة لمضامين قانون المالية للسنة المقبلة وخصوصا ما تعلق منها بعدم برمجة زيادات في الأجور.

ودعا إلى إعداد ميزانية تكميلية تنخرط في رؤية ومخطط تنموي شامل للخماسية المقبلة في أجل لا يتجاوز شهر مارس (آذار) 2015 وبرمجة زيادة في الأجور بهدف التخفيف من تدهور القدرة الشرائية وفتح «مفاوضات جدية ومسؤولة» مع الاتحاد العام التونسي للشغل بالإضافة لإعادة النظر في الفرضيات التي انبنت عليها موارد ونفقات الدولة.

وطالبت نقابة العمال بتعميم الإعفاء الضريبي على المداخيل التي لا تزيد على 5 آلاف دينار تونسي (نحو 2.7 ألف دولار) لكل المطالبين بالضريبة على الدخل (مهما كان مستوى دخلهم) ودعا إلى مراجعة شرائح الضريبة على الدخل وتحيين نسب الضريبة حفاظا على مبدأي المساواة والإنصاف خصوصا بالنسبة للمطالبين بالضريبة على الدخل والذين يصعب عليهم التهرب (الإجراء أساسا) وإيقاف العمل بخصم واحد في المائة على الأجور التي تفوق 20 ألف دينار تونسي (نحو 11 ألف دولار) بعنوان المساهمة في صندوق الدعم.