مقاتلو المعارضة السورية «المعتدلة» في الجنوب يبرمون اتفاقا لـ«الدفاع المشترك»

وقعها 17 من زعماء الفصائل تمهيدا لتشكيل جيش وطني

صورة أرشيفية تعود لشهر سبتمبر تظهر مقاتلين قرب «درعا البلد» جنوب سوريا (أ.ب)
TT

قال مقاتلو المعارضة في جنوب سوريا إنهم اتخذوا خطوة نحو الوحدة قد تجتذب مزيدا من المساندة من داعميهم الغربيين والعرب، فقد أبرموا اتفاقا للدفاع المشترك لمساعدتهم في مواجهة القوات الحكومية ومسلحي تنظيم داعش.

وجنوب سوريا هو آخر معقل رئيسي للمعارضة المعتدلة للرئيس بشار الأسد، بعد توسع تنظيم داعش في الشرق والشمال، والمكاسب التي حققتها جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة في الشمال الغربي.

وعلى مسافة قصيرة بالسيارة من دمشق ما زالت الجبهة الجنوبية تمثل خطرا على الأسد، بينما يعزز سيطرته على مناطق رئيسية بوسط سوريا. يقول محللون يتابعون الصراع إن جماعات المعارضة المعتدلة وجبهة النصرة على حد سواء حققت مكاسب ثابتة، وإن كان بخطوات بطيئة، في الجنوب في مواجهة القوات الحكومية.

وبينما تسعى الولايات المتحدة إلى شركاء على الأرض في حملتها ضد تنظيم داعش، يحاول مقاتلو المعارضة في الجنوب التعامل مع الانتقادات التي توجه منذ فترة طويلة للمعارضة المعتدلة من خلال تنظيم صفوفهم بصورة أفضل.

ويقول بشار الزعبي، قائد جيش اليرموك، إحدى أكبر جماعات المعارضة في الجنوب «نحن نسير بخطوات. خطوات معاهدة الدفاع المشترك هي جزء من الخطة الكاملة لتوحيد الجبهة الجنوبية». وتحدث الزعبي إلى «رويترز» عن طريق الإنترنت. واطلعت «رويترز» على الاتفاقية المؤرخة في 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، والتي وقعها 17 من زعماء مقاتلي المعارضة. وقد جاءت بعد أن اتفقت جماعات المعارضة في الجنوب على خطة للانتقال السياسي في سوريا.

ويقول محللون إنه مع دخول الحرب عامها الرابع فإن الخصومة بين مجموعة كبيرة من الجماعات غير الجهادية أصبحت واحدة من نقاط ضعفها الرئيسية. ولا تتمتع المعارضة التي تتخذ من تركيا مقرا بتأثير يذكر على الجماعات المسلحة. وكشف مقاتلو المعارضة في الشمال الأسبوع الماضي النقاب عن مبادرة منفصلة تجمع فصائل معتدلة مع جماعات إسلامية متشددة، منها جماعة «أحرار الشام»، التي ساوى وزير الخارجية الأميركي جون كيري بينها وبين تنظيم داعش، وهو ما يجعل شراكة أعداء الأسد الغربيين معها احتمالا بعيدا.

وتبرز المبادرات المختلفة المسارات المتباينة التي تسلكها الحرب. ويعتقد مقاتلو المعارضة في الجنوب أن حل الصراع في الجنوب أسهل من حله في الشمال الذي يهيمن عليه الجهاديون. وهم يتبنون نهجا سيؤدي إلى انتهاء الحرب في الجنوب أولا. وتحافظ خطتهم للانتقال السياسي على أجهزة الدولة وتضمن حقوق الأقليات الدينية التي تشعر بالقلق من أن يكون تنظيم القاعدة هو بديل الأسد.

وتلقى مقاتلو الجنوب ما وصفوها بكميات صغيرة من المساعدات العسكرية والمالية من دول غربية وعربية. وتم توصيلها لهم عن طريق الأردن الحريص على حماية حدوده مع سوريا من الجهاديين. والسعودية والإمارات هما الداعمتان الرئيسيتان من الدول العربية لمقاتلي المعارضة في الجنوب. أما قطر فتقدم مساعدات للإسلاميين في الشمال، ولم يحصل مقاتلو الجنوب على أي شيء منها.

وأشاد الرئيس الأميركي باراك أوباما بدعم الأردن للمعارضة السورية «المعتدلة»، خلال اجتماع مع الملك عبد الله في الخامس من ديسمبر الحالي، في إشارة على ما يبدو إلى مقاتلي المعارضة بالجنوب.

وعلى الرغم من تلقيها دعما يشمل صواريخ مضادة للدبابات، فإنه لم يتضح بعد المكان الذي يمكن أن تحتله هذه الجماعات في خطط الولايات المتحدة لبناء قوة معارضة لمواجهة تنظيم داعش الذي يمثل تهديدا أكبر في شمال سوريا في الوقت الحالي. وقال أبو حمزة القابوني، القيادي في إحدى جماعات الجبهة الجنوبية، من دمشق، إن مقاتلي المعارضة يسعون للاندماج ليصنعوا ما يشبه الجيش. وأضاف «أول فائدة من هذه الاتفاقية أن تجعل مسألة التوحيد أسهل. إذا تحدثنا عن نوع الخطر فنستطيع أن نقول النظام طبعا و(داعش) هو الهدف الثاني». ويشهد الجنوب حاليا واحدة من أشرس المعارك بين الحكومة ومعارضيها المسلحين داخل وحول بلدة الشيخ مسكين.

وذكرت تقارير وسائل إعلام حكومية أن الجيش يلحق خسائر بمقاتلي المعارضة هناك يوميا، وهي تصفهم جميعا بأنهم «إرهابيون». وقال المحلل العسكري الأردني اللواء متقاعد مأمون أبو نوا إن مقاتلي المعارضة يحققون مكاسب تدريجية. وأضاف «إنهم يتحركون باتجاه قيادة مركزية». ومضى يقول «هناك بعد خارجي أجنبي يسمح لهم بالعمل بهذه الطريقة»، في إشارة إلى الدعم الخارجي.

وتقاتل جبهة النصرة في صف الجماعات المدعومة من الغرب في الجنوب، وإن كان مقاتلو المعارضة المعتدلة يقولون إنهم لا ينسقون معها. ويشير المقاتلون إلى أن قلقهم إزاء جبهة النصرة زاد منذ هزمت اثنتين من جماعات المعارضة المعتدلة في شمال غربي سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتوقع محمد المحاميد، وهو زعيم جماعة أخرى من جماعات الجبهة الجنوبية، تحقيق مزيد من المكاسب. وقال لـ«رويترز»: «بعد تنفيذ هذا الميثاق سيكون هناك تقدم ضعف التقدم الحالي.. الدول الأصدقاء عندهم نظرة أوسع، وبيشوفوا الأقوى على الأرض، واللي بيشتغل على الأرض بيدعموه».