الخارجية الآيرلندية لـ («الشرق الأوسط»): الاعتراف بدولة فلسطين وارد في الفترة المقبلة

مجلس الشيوخ الفرنسي ينضم للنواب ويطالب الحكومة بالاعتراف بالدولة

TT

رحبت منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس أمس، بتصويت البرلمان الآيرلندي بالإجماع على مذكرة تطالب الحكومة الآيرلندية بالاعتراف رسميا بدولة فلسطين، على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وجاء ذلك تزامنا مع انضمام مجلس الشيوخ الفرنسي لمجلس النواب في المطالبة باعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية.

وأكّد متحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية والتجارة في الحكومة الآيرلندية لـ«الشرق الأوسط» أن «بنود المذكرة تتوافق في أغلبيتها مع رأي الحكومة. ولطالما أبدت الحكومة، من خلال خطابات وزرائنا، آراء إيجابية حول الاعتراف بفلسطين في أقرب وقت ممكن. سنأخذ الآراء التي عبر عنها البرلمان بغرفتيه بعين الاعتبار». وأضاف: «ستقرر الحكومة الآيرلندية في موضوع الاعتراف بدولة فلسطين في الوقت الأنسب للمساهمة بشكل إيجابي في تحقيق الأهداف المحددة في المذكرة».

وكان البرلمان الآيرلندي أقر الأربعاء مذكرة غير ملزمة تطالب الحكومة بالاعتراف بدولة فلسطين. وجاء الاعتراف البرلماني بعد اعتراف مماثل فرنسي وبريطاني وإسباني.

وفي اتصال هاتفي أكدت متحدثة باسم البرلمان الآيرلندي لـ«الشرق الأوسط» أن إحدى غرف البرلمان (السفلى) أقرت مساء الأربعاء مذكرة غير ملزمة تطالب الحكومة بالاعتراف بدولة فلسطين على أساس حدود عام 1967. وأكدت أن «المذكرة غير ملزمة للحكومة بتاتا». وأضافت المتحدثة أن «مذكرة البرلمان المناشدة بالاعتراف بدولة فلسطين فريدة من نوعها، حيث إن النواب وافقوا عليها بالإجماع دون الحاجة إلى التصويت».

وكانت «الشرق الأوسط» نشرت عن مصادر فلسطينية أن آيرلندا والبرتغال وبلجيكا وإسبانيا على طريق الاعترافات بالدولة الفلسطينية.

وقالت عضوة اللجنة التنفيذية للمنظمة حنان عشراوي، في بيان: «إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية حق لا يخضع للمقايضة أو المساومة، وليس مرتبطا بالمفاوضات ونتائجها، ولا بموافقة الاحتلال الذي يعمل جاهدا على تقويض حل الدولتين والقضاء على احتمالات السلام». وعدت عشراوي أن تنامي الاعترافات الأوروبية بالدولة الفلسطينية «يترجم حالة الغضب المتنامي حيال إسرائيل، ويسلط الضوء على الفشل الذي لازم العملية السياسية بسبب الانتهاكات الإسرائيلية غير القانونية والمنظمة على الأرض، وتبعات ممارساتها وتشريعاتها على شعبنا وأرضنا ومقدساتنا».

وأعربت عشراوي عن تقدير الشعب الفلسطيني وقيادته للشعب الآيرلندي وبرلمانه وأحزابه وكل من عمل على تحقيق هذا التصويت،».

وحثت عشراوي صناع القرار السياسي والحكومة الآيرلندية لاتخاذ مواقف سياسية انسجاما مع برلمانهم وشعبهم، واتخاذ الخطوة الطبيعة للاعتراف بدولة فلسطين، ووضع حد للخروقات الإسرائيلية وحصانتها، وإنهاء الاحتلال ضمن سقف زمني محدد. كما دعت عشراوي باقي دول أوروبا والعالم إلى «الاقتداء بموقف آيرلندا وجميع الدول التي صوتت لصالح الاعتراف بدولة فلسطين وترجمة أقوالها إلى أفعال، ودعم هذا التوجه الطبيعي والقانوني والسياسي باعتباره حقا طال انتظاره للشعب الفلسطيني، واستثمارا هاما يصب في مصلحة السلام».

كما رحبت حماس بالقرار وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم إن اعتراف البرلمان الآيرلندي بدولة فلسطين خطوة مهمة وتطور سياسي دولي إيجابي تجاه القضية الفلسطينية ودعم حقوق الشعب الفلسطيني. وأضاف برهوم: «هذه الخطوة نتيجة صبر وصمود ونضال شعبنا وتمسكه بحقوقه، بعد تعاظم معاناة أهلنا وشعبنا»، مشيرا إلى أن «هذه الخطوة الإيجابية يجب أن تتبعها خطوات دولية لدعم كافة حقوق الشعب الفلسطيني».

وفي باريس, لم يحصل مشروع القرار الخاص بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في مجلس الشيوخ الفرنسي بالتأييد نفسه الذي حصل عليه في الجمعية الوطنية في الثاني من الشهر الحالي؛ إذ إن فرز الأوراق بيّن أن الداعمين للمشروع بلغ عددهم 154 عضوا، بينما عارضه 146 آخرون. ويعود السبب في ذلك إلى أمرين: الأول، أن اليمين يتمتع بالأكثرية في مجلس الشيوخ بعكس مجلس النواب، حيث يسيطر اليسار، والثاني مرده لاستمرار الحملة الإسرائيلية في الدفع لإسقاط المشروع في مجلس الشيوخ، ما كان سيمثل انتكاسة سياسية لدعاة الاعتراف أو على الأقل لحصر تمريره بأكثرية ضئيلة. وفي أي حال، فإن انضمام مجموعة من «الشيوخ» اليمينيين الذين رفضوا الانصياع لتوصية أحزابهم إلى نظرائهم من الحزبين الاشتراكي والشيوعي والخضر هو ما وفر الأكثرية اللازمة التي يغلق معها ملف العمل الدبلوماسي البرلماني الذي يعود الآن بكليته إلى الحكومة.

ومع هذا التصويت، تكون 4 برلمانات أوروبية (بريطانية، وإسبانية، وآيرلندية، وفرنسية) قد حثت حكوماتها على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بالإضافة إلى السويد التي اعترفت حكومتها رسميا بها. بيد أن المعركة انتقلت إلى مجلس الأمن الدولي، حيث يتنافس مشروعا قرار، الأول فلسطيني عربي قدمه الأردن، والثاني فرنسي أوروبي (مع ألمانيا وبريطانيا) وكلاهما يقترحان رؤية للحل السياسي للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي.

تقول باريس، إن الغرض من مشروع قرارها هو حث الطرفين على العودة إلى طاولة المفاوضات مع إعطائهما سقفا زمنيا من عامين للوصول إلى تسوية نهائية لأنه لم يعد مقبولا الاستمرار في التفاوض إلى ما لا نهاية. وتقترح باريس في مشروعها تعيين «محددات» الحل، كما أنها تعرب عن استعدادها لإعادة تأهيل فكرة المؤتمر الدولي للسلام من أجل «مواكبة» عملية التفاوض ودفعها إلى الأمام. أما إذا لم تنجح كل هذه الجهود، فإن باريس مستعدة، كما قال وزير خارجيتها أمام النواب لـ«تحمل» مسؤولياته والاعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود عام 1967 مع القدس عاصمة لها. وقال وزير الدولة للشؤون الأوروبية هارلم ديزير في مجلس الشيوخ أمس: «يتعين توافر ضغوط لمساعدة الطرفين على اجتياز الخطوات الأخيرة للوصول إلى السلام وهو ما تعمل باريس من أجله».

ولا تترتب على قرار مجلسي النواب والشيوخ أي تبعات يفترض بالحكومة الفرنسية اتباعها، لكنها بالمقابل تشكل ضغطا سياسيا لحملها على التحرك ولوضع حد لاعتبار أن الاعتراف يفترض به أن يكرس اتفاقا سياسيا بين الأطراف ليصبح «وسيلة ضغط على إسرائيل» لحملها على العودة للمفاوضات وقبول حل الدولتين. وبعيدا عن كاميرات التلفزيون، يلقي المسؤولون الفرنسيون باللوم على إسرائيل التي أجهضت المفاوضات وتستمر في إجهاضها عن طريق قضم الأراضي الفلسطينية وتوسيع مستوطناتها وإقامة مستوطنات جديدة.

وفي مجلس الأمن، تسعى باريس للتوصل إلى نص توافقي لا يصطدم بحق النقض «الفيتو» من أي طرف، كما أنها تريد أن تنسق مع الطرف الفلسطيني لتفحص إمكانية التوصل إلى نص موحد. لكن الطرف الفلسطيني الذي يؤكد أنه يمتلك 8 أصوات، وأنه يحتاج للصوت التاسع لطلب طرح مشروعه على التصويت «يرتاب» من المطالب الفرنسية التي يرى فيها «تنازلات» غير راغب في تقديمها. لكن حل الكنيست الإسرائيلي وإجراء الانتخابات في شهر مارس (آذار) المقبل والمفاوضات التي ستتبعها من أجل تشكيل حكومة جديدة سيؤجل عمليا البحث في أي حل لشهور كثيرة والأرجح للربيع المقبل، فضلا عن ذلك، سيفتح باب المزايدات بين أحزاب اليمين الإسرائيلي، الأمر الذي سيجمد عمليا أي تقدم ملموس على طريق المفاوضات.