شاشة الناقد: فيليب مارلو غير المعهود

اليوت غولد كما بدا في شخصية التحري مارلو
TT

* أدوار أولى: إليوت غولد، سترلينغ هايدن، نينا فان بالاند.

* النوع: بوليسي | الولايات المتحدة (1973)

* تقييم الناقد: (* 4 ) (من 5) إعادة إطلاق فيلم روبرت التمن «الوداع الطويل» على أسطوانات دي في دي هذه الأيام يصب في الفراغ الذي يعاني منه الفيلم البوليسي الحالي. لقد تحوّل من فيلم تحقيقات حول جريمة (أو جرائم) ومن فيلم شخصيات مدروسة تثير الاهتمام، إلى حكايات متكررة تخلو من إشادة الأجواء الصحيحة ناهيك عن درس الشخصيات المتوفّرة ومن عنصر التحقيق الذي كان يربط الشخصية الرئيسية بإطارها المحيط بها على نحو اجتماعي حتى من دون البحث في كيان هذا الرابط على نحو مباشر.

«الوداع الطويل» ينتمي في الوقت ذاته إلى ذلك النوع من الأفلام التي قام المخرج الراحل روبرت التمن بتحقيقها ليحيك بها تعليقه على بعض الرموز الكلاسيكية في الأدب والثقافة الأميركية. قبله سبق للمخرج أن قدّم هذه الحياكة الساخرة على حدّتها وعنفها في فيلم الوسترن «ماكاب ومسز ميلر» (1971). بعده تناول صناعة الموسيقى، وهو من أكثر الصناعات الفنية انتشارا في الولايات المتحدة وحول العالم، ليقيّم ما يحدث فيها وذلك في فيلم «ناشفيل» (1975) وهو كرّر رسم هذه الصور الباحثة فيما يتشكل منه الموروث الثقافي الحاضر والماضي في الحياة الأميركية على نحو لم ينجزه مخرج من قبل.

«الوداع الطويل» فيلم بوليسي مأخوذ من رواية للكاتب رايموند تشاندلر التي أسند فيها البطولة لتحريه الخاص فيليب مارلو. في الأفلام الكثيرة التي تم إنتاجها في هوليوود من بطولة هذه الشخصية، نجد أمامنا تحريا منتدبا لمحاربة الشر وللوقوع كضحية مثالية بين اتهام البوليس من ناحية (وازدرائهم له) وبين خطر الموت على أيدي المجرمين. هذا العنصر موجود في هذا الفيلم، لكنه ليس العنصر الرئيسي. أساسا، الحكاية التي تتحدث عن مارلو وهو يحاول أن يعرف ما حدث لصديق له في الوقت الذي تستأجر خدماته فيه امرأة ليساعد زوجها المهدد، لم تعد مطلوبة، لدى التمن، بسبب حبكتها، بل كسبيل للتعليق على المتوارث الثقافي الذي يعنيه فيليب مارلو كشخصية شهيرة في أدب القصّة البوليسية.

التمن يفتت تلك الشخصية. والممثل إليوت غولد يصوّرها كما لم يعمد إلى تصويرها أي ممثل من قبل (لعب الدور همفري بوغارت وروبرت ميتشوم من بين آخرين). مارلو كما يعرضه التمن شخص مهزوز ووحيد يكثر من التدخين والحديث إلى نفسه. يعيش في شقّة بالقرب من مجموعة من الطالبات اللواتي يعكسن، منذ أول مشهد يظهرن فيه، حالة تفسخ أخلاقي. لكن هم مارلو هو البحث عن قطّته التي تركت البيت. ومن هذا المنطلق يبدأ البحث عن صديق مختف وهذا يعرّضه إلى ملاحقة عصابة ثم إلى اكتشاف أن صديقه لا يزال حيّا في بلدة عند الحدود المكسيكية في الوقت الذي يقبل فيه البحث عن كاتب اسمه روجر (سترلينغ هايدن). سيجد الـ3. القطّة والصديق والكاتب، لكن في 3 أبعاد متفاوتة الحجم كل منها يعكس ما يضيفه إلى هم الفيلم الأساسي ألا وهو البحث في مفهوم الصداقات في عالم متلاطم الغايات.