هل يحتاج البطل إلى «سنيد»؟

محمد رضا

TT

في الدراميات والكوميديات التلفزيونية على حد سواء في الأفلام بل في المسرحيات العربية أيضا، هناك، دوما، شخصية ملازمة للبطل يطلقون عليها بالإنجليزية كلمة Sidekick وبالعربية «السنيد».

إنها شخصية ذلك الصديق الصدوق الذي يبث له البطل ما يدور في ذهنه وما يشعر به من عواطف وما يمر به من حالات. الصديق قلما لعب دورا يتجاوز حالتين: دور المستمع الجيد، ودور الناصح المخلص. في الحالات القليلة، يستغل معرفته بما يمر به البطل من حالات ليساعده في أحواله، يتصل بحبيبة صديقه ذاك ليقرب المسافات بينهما، أو يتدخل لحل أزمة عالقة أو لطلب النجدة من الشرطة إذا ما اقتضى الحال.

لكن في عمق العمل الدرامي، هذه الشخصية - كما يتم تقديمها - ليست مهمة، قصة الحب بين البطل وحبيبته هي المهمة، أو حكاية الثأر التقليدي الذي يتعاطى البطل معه مباشرة هو القضية. الورطة ذاتها هي المحور. إذن، إذا لم يكن «السنيد» مهما لماذا هو منتشر هكذا في كل الأوساط وفي كل أنواح الحكايات؟

الكثير من السيناريوهات في الأمس واليوم تحل مشكلة شرح ما تمر به الشخصية الرئيسية بزرع شخصية، دورها في الفيلم الاستماع إلى ما يجول في بال الشخصية الرئيسية، وفي الوقت ذاته تأمين الجانب الكوميدي.

على هذا الأساس، يرد في النص مشاهد ليس المطلوب منها سوى مساعدة المشاهد على الفهم، فعندما يلحظ السنيد أن صديقه بطل الفيلم مقتضب يسأله، وحين يسأله على البطل أن يجيب، وحين يجيب يعرف المشاهد السبب فيبطل العجب.

وهذه الطريقة هي، في أفضل أحوالها، ساذجة ولو أنها الأكثر انتشارا شرقا وغربا. السنيد فيها هو الجدار الذي يلعب عليه البطل رياضة كرة الحائط، يضربه بالكرة (التي هي الحوار) ويسمع صوت ارتطامها به ثم ارتدادها نحوه، ومن الأفضل أن يكون السنيد (أو هذا الحائط) كوميدي الشخصية مقابل أن بطل الفيلم جاد، ولأن هذا البطل يعاني، فإن الصديق يختلف في أنه مرتاح ويأخذ الدنيا ببساطة.

لكن هل يمكن التغلب على ضرورة أن يشرح البطل ما يمر به من معاناة للمشاهد من دون هذا الوسيط؟

الجواب: نعم، بكل تأكيد، ولو أن هذا الجواب يكمن في الكيفية التي تتم عبرها كتابة النص أساسا، وهذه نابعة من قدرة الكاتب على الخروج من التقليد باحثا عن السبيل الأجدى لطرح أفضل وأكثر إشباعا، عليه ابتكار ترجمة صورية لما يمر به، طبعا لا يخلو الأمر من أن مشكلته تمر في «فلتر» من الشخصيات الأخرى التي تتبادل وإياه حجم المشكلة، لكن هذا لا يلغي أنه ليس بحاجة إلى «سنيد» يحكي له قصة حياته وما يمر به من أوضاع وحالات عاطفية، لكي يفهم المشاهد كل ذلك.

«السنيد» المناسب روائيا ودراميا هو الذي لديه شخصية منفصلة وقدر من المفارقات التي يؤمها، لأن شخصيته تختلف عن تلك الأولى، لأن حياته تختلف ومفهومه لما يمر به صديقه أكثر من مجرد صدى مناسب، حينها يخرج من نمط الدور الملازم والمردد لما يعايشه البطل من حالات، إلى شخصية تثري العمل أضعافا إذا ما تم استغلالها جيدا وعلى نحو متحرر من التنميط.

بالتالي، يمكن إلغاء دوره تماما لو كان مجرد «ردّاد» من دون أن يتسبب ذلك في أي أثر سلبي للعمل الماثل. البحث عن بديل سيدفع الكاتب الجيد لتكثيف الشخصية الأولى والمادة المروية بأسرها.