توقعات بهبوط الإيرادات الخليجية بنحو 220 مليار دولار العام المقبل

مع احتمالية وصول أسعار النفط لمستوى 80 - 85 دولارا للبرميل

TT

توقع تقرير أصدرته وكالة «موديز للتصنيف الائتماني»، هبوط إيرادات الدول الخليجية مجتمعة نحو 220 مليار دولار خلال العام المقبل (2015)، على أساس احتساب أسعار النفط عند مستوى من 80 إلى 85 دولارا للبرميل، لكنها أكدت قدرة تلك الدول على تحمل هبوط الأسعار في وجود مخزون ضخم من الاحتياطات الأجنبية.

وقالت «موديز» في التقرير الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «بناء على تقديراتنا لأسعار النفط في 2015 عند مستوى 80 - 85 دولارا للبرميل، فإن الدول الخليجية ستشهد هبوطا في الإيرادات بنحو 220 مليار دولار في الوقت الذي سترتفع فيه المصروفات بواقع 11 مليار دولار».

ولدى دول الخليج حصة ضخمة في أسواق النفط العالمية؛ حيث تنتج كل من السعودية، والإمارات، والكويت، وقطر نحو 16 مليون برميل يوميا؛ أي أكثر من نصف إنتاج دول «أوبك» الذي يصل إلى 30.5 مليون برميل يوميا، وتصدر منها نحو 13 مليون برميل يوميا.

وقال ليتشو دي سوزا، كبير الخبراء الاقتصاديين لدى «موديز»، لـ«الشرق الأوسط»: إن «مخزونات الاحتياطات الأجنبية التي تكونت لدى دول الخليج على مدار الأعوام الماضية والصناديق السيادية لتلك البلدان من شأنها أن تمحو الآثار السلبية لهبوط أسعار النفط على المدى القريب والمتوسط».

وبلغت احتياطات الدول الخليجية من العملة الأجنبية بنهاية 2013 نحو 904.1 مليار دولار، وفقا لبيانات مستقاة من موقع البنك الدولي.

وتستحوذ السعودية على حصة الأسد من هذه الاحتياطات مع بلوغها نحو 737.7 مليار دولار بنهاية العام الماضي؛ أي ما يمثل نحو 81.5 في المائة من إجمالي الاحتياطات النقدية بالخليج.

وبحسب تقرير «موديز»، فإن البحرين وسلطنة عمان هما الأكثر تضررا في الخليج من تراجع أسعار النفط خلال عام 2015، لأن أسعار تعادل النفط في موازنة كلا الدولتين مرتفع بالإضافة إلى أن لديهما أدنى مستوى للاحتياطي النقدي في منطقة الخليج.

وذكرت «موديز» أن الكويت وقطر والسعودية والإمارات لديهم قدرة في الخروج من أي أزمة ناتجة عن تراجع أسعار النفط، فالسعودية والإمارات لديهما قطاع اقتصادي كبير غير نفطي بالإضافة إلى الاحتياطيات المالية الكبيرة.

وفيما يتعلق بالسعودية، توقعت الوكالة أن تحقق ميزانيتها عجزا بنسبة تبلغ نحو 14 للعام المقبل في حال استمرار هبوط أسعار النفط إلى مستوى 60 دولارا للبرميل.

وتوقعت «موديز» أن يبلغ فائض الميزانية في السعودية للعام المالي الحالي نحو 1.9 في المائة، مع توقعات بتحوله إلى عجز العام المقبل بنحو 5 في المائة فقط في حال احتساب أسعار النفط عند مستوى 80 - 85 دولارا للبرميل.

فيما توقعت الوكالة أن يبلغ فائض الميزان الحالي السعودي نحو 10.4 في 2014 مع هبوطه إلى 2.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل، وذلك في سيناريو أسعار النفط حول مستوى 80 - 85 دولارا للبرميل، وقالت: «نتوقع أن تعمد الحكومة إلى تخفيض المصروفات لدرجة معينة في ميزانيتها لتلافي آثر الهبوط المتوقع من إيرادات النفط».

تابعت «موديز»: «إن الاحتياطات الضخمة للبنك المركزي السعودي (سما)، من شأنها أن تقدم الدعم اللازم للحكومة من خلال الأصول المملوكة لها دون اللجوء إلى الاستدانة، بالإضافة إلى المؤسسات المالية القوية بالمملكة على غرار المؤسسة العامة للتقاعد التي تمثل للحكومة قاعدة نقدية محلية هائلة للتمويل».

ولا ترى «موديز» إمكانية لجوء الحكومة في السعودية إلى فرض ضرائب على الدخل أو ضرائب القيمة المضافة، وهو ما يضعف بعض الشيء إيرادات المملكة غير النفطية، ويضعف قدرة السعودية على التعامل مع الهبوط في أسعار النفط.

وإلى الإمارات، توقعت الوكالة أن يبلغ الفائض في ميزانيتها للعام الحالي 10.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مع توقعات بهبوطه العام المقبل إلى 6.9 في المائة في سيناريو أسعار النفط حول 80 - 85 دولارا للبرميل. أما في حال هبوط أسعار النفط لمستوى 60 دولارا، تتوقع الوكالة أن يبلغ فائض الميزانية 4.9 في المائة.

فيما توقعت الوكالة أن تسجل الكويت فائضا في ميزانيتها بنحو 21.5 في المائة في العام المالي الحالي، ينخفض إلى 14.6 في المائة العام المقبل، تخفيضا إلى مستوى 10.5 في المائة في السيناريو السيئ لهبوط أسعار الخام.

وإلى قطر توقعت الوكالة أن يبلغ فائض الميزانية العام الحالي 12.3 في المائة، مع هبوطه إلى 5.9 في المائة العام المقبل في حال استقرار الأسعار فوق 80 دولارا للبرميل، أو انخفاض الفائض إلى 4.2 في المائة في حال واصلت أسعار الخام تراجعها.

وقال التقرير إن «التعديلات التي ستجريها حكومات دول الخليج نتيجة تراجع أسعار النفط سوف تختلف من بلد لآخر، وستتضمن تعديل الإنفاق على الاستثمارات غير الاستراتيجية، لكن التقرير أشار إلى أن الإبطاء، أو حتى عكس مسار النمو في الإنفاق الحكومي الحالي بما في ذلك الإصلاحات المتعلقة بالدعم، سيكون أكثر صعوبة؛ حيث تسعى الحكومات لتلبية متطلبات الرفاهية المجتمعية بدول الخليج».

وتشير الوكالة إلى أن دول الخليج قد تتخذ تدابير لزيادة الإيرادات، منها تعديلات على الضرائب الحالية والتعريفات الجمركية وغيرها من الإيرادات غير النفطية، وسيكون فرض ضرائب جديدة هو الملجأ الأخير لتلك الدول.

ووفقا لتقرير وكالة «موديز»، فإن البحرين وسلطنة عمان من المحتمل أن تمولا أي زيادة في العجز المالي خلال العام المقبل من خلال إصدار سندات سيادية، في الوقت الذي أعلنت فيه السعودية أنها ستلجأ للاحتياطي لتمويل أي عجز.

وتوقعت «موديز» أن يبلغ العجز في ميزانية البحرين للعام المالي الحالي 2.8 في المائة، مع توقعات بارتفاعه إلى 5.9 في المائة العام المقبل، وتوقعات بتفاقمه إلى مستوى 8.2 في المائة في حال استمر هبوط أسعار النفط دون التوقعات.

وفيما يتعلق بسلطنة عمان، توقعت الوكالة أن يبلغ الفائض العام الحالي نحو 0.1 في المائة، يتحول إلى عجز العام المقبل بنسبة 7.3 في المائة في سيناريو الأسعار المرتفع و10.2 في المائة في حال الهبوط إلى مستوى 60 دولارا للبرميل.

وتوقعت الوكالة أن تتراجع فوائض الدول المصدرة للنفط عموما بواقع 3.9 في المائة في العام المقبل.

وتقول «أوبك» إن «الطلب العالمي على خام المنظمة العام المقبل سيكون أقل من المتوقع، بسبب ضعف نمو الاستهلاك وطفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة، بما يشير إلى زيادة في فائض المعروض في عام 2015».

وتوقعت «أوبك» في تقريرها الشهري انخفاض الطلب على نفطها إلى 28.92 مليون برميل يوميا في 2015 بما يقل 280 ألف برميل عن توقعاتها السابقة. وهوت أسعار النفط منذ منتصف العام بشكل قوى؛ حيث انخفض خام برنت من مستوى 115 دولارا للبرميل في منتصف يونيو (حزيران) الماضي، إلى ما دون مستوى 67 دولارا الأيام التالية لقرار «أوبك» بالإبقاء على سقف الإنتاج دون تغيير آخر الشهر الماضي، وهذا المستوى هو أقل سعر للخام في نحو 5 سنوات.

* الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط»