قطاع التجزئة السعودي.. القوة الصامدة رغم التحولات الاقتصادية

سوق المملكة من أكبر الأسواق ويحقق نموا متسارعا بفضل التقنية الحديثة

TT

سقطت خلال السنوات الماضية الكثير من الشركات الكبرى التي تشكل عصب الاقتصاد في عدد من دول العالم، وخرجت في السياق نفسه كبرى البنوك في أميركا بعد أزمة الرهن العقاري في 2008، ومع مرور الوقت وخلال 6 سنوات ماضية، تضمنتها أزمة منطقة اليورو وما أفرزته من نتائج وجملة من التحديات، ظل قطاع التجزئة صامدا في وجه التحديات الخارجية، وقادرا على رفع حصته في السوق السعودية إلى أكثر من 25 مليار دولار، يقابله تراجع نمو في الشركات غير النفطية في السوق المحلية.

وتعد السوق السعودية، بحسب الاقتصاديين، أكبر أسواق المنطقة في هذا القطاع، إذ تشكل ما نسبته 56 في المائة من الإجمالي، بينما يتوقع أن يتسع قطاع التجزئة في السنوات الماضية ليستحوذ على ما مقداره 60 مليار دولار من حصة السوق المحلية التي تعد أحد أهم الأسواق العالمية لثباتها وقدرتها على المنافسة، رغم التحديات الاقتصادية.

هذا الثبات يراه اقتصاديون منطقيا، خصوصا أن قطاع التجزئة خرج من دائرته المغلقة في البيع التقليدي، للبيع عبر الفضاء والإنترنت واستفاد كثيرا من التقنية في الترويج عن ما يمتلكه هذا «السوبر ماركات» أو تلك «البقالة»، وبأسعار يجدها الكثير معقولة عن ما يعرض في الكثير من المواقع، كما استفاد القطاع في كسب الكثير من المستهلكين من خلال إمكانية التوصيل المجاني للمستهلك، وهو ما لا تراه أو تجده في غالبية المواقع التجارية التي تركز على العرض في مكان ووقت محدد.

وبحسب إحصائيات غير رسمية، يقدر حجم قطاع التجزئة عبر الإنترنت بنحو 4 مليار ريال، وهو ما يراه مختصون في التسوق الإلكتروني أرقام متميزة مقارنة عما يقدم على الشبكة الإلكترونية، إذ يشكل حجم التسوق الإلكتروني ما نسبته 20 في المائة من حجم التداول الإلكتروني في السعودية، خصوصا أن هناك مفاهيم حول الشراء الإلكتروني وضحت لدى المستهلك المحلي الذي أدرك الفرق بين التجارة الإلكترونية «البيع الشراء»، وما بين التداولات الإلكترونية التي تعد أكثر شمولية تدخل فيها التحويلات المصرفية الإلكترونية، وعمليات السداد عبر البوابات الإلكترونية الحكومية، وغيرها من عمليات السداد الإلكتروني.

ويعتمد قطاع التجزئة، على ما يردها من التجار من سلع غذائية أو استهلاكية، وبكميات كبيرة وتخزن لدى المستفيد، وتكون العملية معقدة فما أن تكون مباشرة دون فوائد إضافية، أو عبر تجار الجملة، وهنا تكون الزيادة ما بين 0.5 في المائة أو يزيد للمدن البعيدة، إلا أن غالبية العاملين وفي قطاع التجزئة يفضل الشراء مباشرة من التجار أو المستورد الرئيسي لأي سلعة، وهذا يعطيهم مساحة أكبر لكسب المستهلك بهامش ربح بسيط مقارنة بما هو معروض في الخارج.

وقال الدكتور لؤي الطيار، الخبير الاقتصادي، إن «الأوضاع الاقتصادية في منطقة الخليج، وتحديدا السعودية، وارتفاع عدد السكان إلى قرابة 28 مليون نسمة، قابلة للتغير في نمط العيش، واتساع المدن أسهم وبشكل كبير في زيادة النمو في قطاع التجزئة، خصوصا وأن هناك منافسة قوية بين كافة مواقع البيع التي تضغط على هوامش الربح لدى منافذ البيع وتحديدا تلك الصغيرة.

وأضاف الطيار، أن المحرك الرئيسي لنمو قطاع التجزئة في السعودية، يتمثل إلى ارتفاع الطلب من تلك المواقع، واستحواذها على مواصفات جديدة في عملية العرض والطلب، كما يشكل الإقبال على افتتاح مراكز تجارية جديدة كبيرة أو متوسطة، أو تلك التي تأخذ الطابع التقليدي أو ما يعرف بـ«الشعبي»، وهذه العوامل تدعم القطاع وتزيد من قيمته في السوق المحلية لسنوات قادمة.

ومن أكثر المنتجات الأكثر استهلاكا، والداعم الرئيسي في قطاع التجزئة، يتمثل في الملابس الرجالية والنسائية، والأطعمة، وغيرها من المستلزمات، وهذا ما جعل عملية التجزئة جزءا ضروريا من الاستراتيجيات الشاملة للتوزيع، كما ينطبق على خدمات احتياجات عدد كبير من الأفراد، ويكون واضحا، بحسب اقتصاديين، في عدد من المرافق العامة والطاقة الكهربائية، إضافة إلى كون التسوق من العادات السائدة في المجتمعات الخليجية التي تسهم في نمو هذا القطاع الذي يتم من خلال النشاط الترفيهي.

وهنا يرى ماجد حمد، متخصص في قطاع التجزئة، أن «القطاع حقق نموا مقارنة بالقطاعات الأخرى، ولم يتأثر بأي أحداث اقتصادية أخرى، كما ساعد في انتشار بيع التجزئة في الأسواق الإلكترونية الذي يتوقع أن يرتفع في السنوات القادمة ليشكل ما نسبته 40 في المائة من إجمالي عملية التداول في المواقع الإلكترونية، موضحا أن السوق السعودية من أكبر أسواق المنطقة في قطاع التجزئة ويستحوذ على 56 في المائة من إجمالي هذا القطاع.