نتنياهو يعرض على ليبرمان مقاسمته رئاسة الحكومة للبقاء على رأس السلطة

تغيرات كبيرة في المشهد السياسي الإسرائيلي تزيد من فرص سقوط رئيس الوزراء

TT

مع الإعلان عن اتفاق تحالف حزبي الحركة بقيادة تسيبي ليفني، والعمل بقيادة يتسحاق هيرتسوغ، الذي يغير المشهد الإسرائيلي بشكل حاد ويزيد من فرص سقوط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في الانتخابات المقبلة، كشف النقاب، أول من أمس، عن أن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، تلقى عرضا من نتنياهو بأن يقاسمه رئاسة الحكومة في السنوات الثلاث المقبلة.

وجاء في تسريبات من حاشية نتنياهو وليبرمان أن هذا العرض قدم في إطار محاولات نتنياهو التراجع عن تبكير موعد الانتخابات، مساء الاثنين الماضي، وأن نتنياهو حاول ضم حزب «شاس» للمتدينين اليهود الشرقيين، وحزب «كاديما» إلى حكومته ليستبدلا حزبي الوزيرين المقالين يائير لبيد وتسيبي ليفني، كما قدم عروضا مغرية جدا للحزبين. لكنه اصطدم بمعارضة شديدة من حليفه ليبرمان، الذي قال إنه لا يحب هذه الألاعيب، ويفضل الصدق مع الناس، ورد عليه بالقول: «قلنا لهم: لنذهب إلى الانتخابات، لأننا نثق في حكم الشعب.. فكيف نفسر لهم تراجعنا، وأين ستذهب مصداقيتنا؟».

وبعد الخروج بهذا التصريح الحاسم حاول نتنياهو إغراءه واقترح عليه أن يتقاسما رئاسة الحكومة سنة ونصف السنة لكل واحد منهما، إلا أن ليبرمان رفض العرض. ونتيجة لذلك فشلت الفكرة، وتم تبكير موعد الانتخابات لتصبح في مارس (آذار) 2015 بدلا من نوفمبر (تشرين الثاني) 2017.

ويبدو، حسب بعض المراقبين والمحللين السياسيين، أن نتنياهو الذي يقال إنه يجري استطلاعات يومية لمعرفة وضع الخريطة الحزبية في البلاد، قد بدأ يعي أن حساباته الأصلية لتبكير موعد الانتخابات كانت خاطئة، وأنه اعتبر أن هناك احتمالا كبيرا لإقامة تحالفات ضده تهدد مكانته بشكل جدي، خاصة بعد أن تحقق التحالف بين ليفني وهيرتسوغ، الذي ستحصل ليفني بموجبه على المرتبة الثانية وراء هيرتسوغ في اللائحة الانتخابية، وعلى 5 أماكن من بين أول 25 مقعدا، وفي حال فوز التحالف وتمكنه من تشكيل حكومة، يكون هيرتسوغ رئيسا لها لمدة سنتين، في حين تستبدله ليفني في السنتين الأخيرين من الدورة.

وقد أثار هذا الاتفاق غضبا في صفوف حزب العمل، باعتبار أن هيرتسوغ تنازل كثيرا ومنح ليفني أكثر مما تستحق، وهي التي تشير استطلاعات الرأي إلى أنها تتجاوز نسبة الحسم بصعوبة. إلا أن نتائج استطلاعات الرأي، التي تمنح التحالف أكثرية واضحة عن الليكود (23 مقابل 21)، ورد الفعل المتوتر لدى اليمين، والتأييد الحماسي من كبار الصحافيين، الذين أشادوا بتواضع هيرتسوغ ووضعه مصلحة الدولة فوق مصالحه الذاتية، جعلت كل هذه العوامل مشتركة في تهدئة الأوضاع.

وهاجم معسكر اليمين، بقيادة نتنياهو، هذا التحالف بشراسة، واتهمه بالخيانة بقوله: «ليفني وهيرتسوغ يحققان بتحالفهما حلم أبو مازن. فالآن سيحتفل بالنصر»، حسبما جاء في جميع وسائل الإعلام على لسان مسؤول كبير في الليكود.

وحسب محللين في إسرائيل فإن نتنياهو ما زال يواصل سياسة «بابا نويل» في معركته الانتخابية بتوزيع «الهدايا» بلا حساب. فبعد أن أعلن إلغاء ضريبة القيمة المضافة عن المواد الغذائية، رغم أنه رفض ذلك عندما اقترحه أحد وزرائه قبل 4 شهور، وبعد أن منح 30 مليون دولار لمؤسسات الأحزاب الدينية، وهو الذي اعتبره وزير المالية المقال، يائير لبيد، رشوة انتخابية، أمضى نتنياهو عدة ساعات مع جنود الجيش الإسرائيلي، وأعلن أمام جيش من الصحافيين أنه بوصفه رئيسا للحكومة من جهة ووزيرا للمالية من جهة ثانية، قرر تخصيص كل ما يحتاجه الجيش الإسرائيلي من ميزانيات لاستكمال نقل قواعد المدينة التدريبية لجيش الدفاع من أواسط البلاد إلى النقب، وهو المشروع الذي كان الجيش قد جمده غضبا على رفض وزير المالية تحرير الميزانية التي طلبها.

الجدير بالذكر أن الخارطة السياسية في إسرائيل تشهد حاليا تغيرات حادة، وذلك منذ تبكير موعد الانتخابات. فبالإضافة إلى تحالف ليفني - هيرتسوغ، تجري مفاوضات لإقامة تحالفات أخرى كثيرة. فهناك محاولات لضم حزبي «يوجد مستقبل» و«كاديما» في تحالف واحد. كما أن هناك محاولات لتوحيد حزب ليبرمان مع الحزب الجديد «لكولام» (وتعني بالعبرية - «للجميع»)، بقيادة وزير الاتصالات السابق موشيه كحلون. وكل هذه خطوات ستضعف نتنياهو، وتزيد من احتمالات سقوطه.