نجاح «الاستفتاء» على الحكومة اليابانية بعد إعادة انتخاب ائتلاف آبي بأغلبية الثلثين

48 % من الناخبين قاطعوا العملية

مصورون يلتقطون صورا لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في مقر حزبه بطوكيو أمس (رويترز)
TT

حقق حزب رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي فوزا كبيرا أمس في الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعا إليها رئيس الحكومة المحافظ وتحولت إلى استفتاء على سياسته الاقتصادية. وعلى الرغم من أن آبي استطاع المحافظة على أغلبية الثلثين في مجلس النواب، فإن نسبة التصويت المراجعة في انتخابات أمس كانت تذكيرا لآبي بأنه يواجه مصاعب داخل البلاد.

وأفادت تقديرات قناة «إن إتش كي» التلفزيونية العامة بأن الحزب الليبرالي الديمقراطي (يمين) حصل على ما بين 275 و306 مقاعد من أصل 475 مقعدا يجري التنافس عليها، ويمكن أن يحتفظ بثلثي مقاعد مجلس النواب مع حليفه الوسطي حزب كوميتو الجديد.

وتشير التقديرات إلى حصول هذا الحزب على ما بين 31 و36 مقعدا، مقابل 31 نائبا في المجلس الحالي. والحزب الليبرالي الديمقراطي كان يحظى بـ295 مقعدا.

وأعطت وسائل الإعلام الأخرى أرقاما متقاربة لكنها كانت أكثر حزما في تأكيدها على احتفاظ ائتلاف الحزب الليبرالي الديمقراطي وكوميتو الجديد بثلثي مقاعد مجلس النواب، وهي غالبية تسمح بالتصديق على قوانين حتى في حال عدم موافقة مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه أيضا الحزب الليبرالي الديمقراطي.

وفوز حزب آبي لا يشكل مفاجأة ما دامت المعارضة المنقسمة غير قادرة على الحركة بفعالية، فالمعارضة المتفتتة التي أخذت على حين غرة بتنظيم اقتراع لم ترَ داعيا لإجرائه لم تتوصل إلى كسر هيمنة الحزب الليبرالي الديمقراطي الذي يطغى على الحياة السياسية اليابانية منذ عقود.

وبحسب تقديرات تلفزيون «إن إتش كي» فإن الحزب الديمقراطي الياباني (الوسط اليسار) ثاني حزب في البلاد لن يحصل سوى على 61 أو 87 مقعدا، أي دون عتبة المائة مقعد التي كان يأمل بها (مقابل 62 نائبا في المجلس المنتهية ولايته). ويذكر أن المعارضة قد عارضت إجراء الانتخابات وطالبت بمقاطعتها.

وقد دعي نحو 105 ملايين ياباني للإدلاء بأصواتهم في المدارس والبلديات ودوائر عامة أخرى، لكن المشاركة كانت ضعيفة بسبب افتقار العملية الانتخابية إلى رهان سياسي، بالإضافة إلى عرقلة الوصول إلى مراكز الاقتراع بسبب أحوال جوية سيئة في جزء من البلاد.

وبلغ عدد الذين امتنعوا عن المشاركة 48 في المائة، وهي نسبة غير مسبوقة وأعلى بنحو 7 في المائة عن انتخابات نهاية 2012 التي سجلت أيضا عدم اكتراث بالسياسة لدى السكان.

وقال آبي في تصريح للتلفزيون العام: «هذا مؤسف جدا. في المرة الماضية سجلنا أدنى نسبة (مشاركة)، وكنا نرغب في زيادتها». وأعيد انتخاب آبي نائبا في دائرة ياماغوتشي غرب البلاد.

واجتاز رئيس الوزراء نحو 14 ألف كيلومتر في مختلف أنحاء البلاد في إطار حملته في الأسبوعين الأخيرين، ليعرف كما قال رأي اليابانيين في استمرار سياسته الهادفة إلى إنهاض الاقتصاد، لكنه تفادى مسائل تثير الاستياء مثل إعادة تشغيل المفاعلات النووية وإعادة تفسير الدستور السلمي لليابان.

وقال آبي إن «التحالف فاز بالأغلبية، وبات عليه الاستجابة لتطلعات الناخبين بتواضع». وأضاف مساء أمس أن «الانتخابات حيت أداء الحكومة على مدى عامين».

ومنذ تطبيقها قبل عامين، أثمرت هذه الاستراتيجية في مرحلة أولى نتائج إيجابية تجلت في تراجع سعر الين وتضخم معتدل وعودة للنمو، لكن اليابان غرقت مجددا في التضخم في الفصل الثالث من هذا العام.

وطوال الحملة كرر رئيس الوزراء طرح السؤال: «البطالة انخفضت والأجور بدأت ترتفع، فهل تعتقدون أن علينا التوقف أو الاستمرار؟»، طارحا الانتخابات وكأنها استفتاء. وأضاف أن سياسته الاقتصادية «هي الطريق الوحيد».

وأعرب وزير المالية تارو اسو بعد إعلان النتائج مباشرة عن ارتياحه، وقال: «إن هذه السياسة ليست سوى في منتصف الطريق، لكن هذا النجاح الانتخابي يؤكد على وجوب مواصلتها».

وعلق يوشينوبو ياماموتو بروفسور العلوم السياسية في جامعة نيغاتا بقوله: «إن الناخبين قالوا لرئيس الوزراء آبي أن يواصل عمله». واعتبر في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية أن «هذا الفوز سيعزز الرأسمال السياسي لآبي ويسمح له بالتصدي لمسائل صعبة بشكل مريح أكثر». وبالنسبة إلى خبراء الاقتصاد فإن السؤال الأساسي المطروح يبقى معرفة ما إذا كان سيتمكن من تطبيق الإصلاحات البنيوية الموعودة التي يصعب تحقيقها، لكنها تعتبر ضرورية لضمان إنعاش الاقتصاد بشكل دائم.