عريقات لـ «الشرق الأوسط»: إما نتفق مع الأوروبيين والأميركيين وإما نقدم مشروعنا منفصلا

تحركات دولية لحل وسط.. وكيري يلتقي نتنياهو اليوم وكبير المفاوضين الفلسطينيين غدا

وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع نظيره الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماعهما في روما أمس (رويترز)
TT

تكثفت التحركات الدبلوماسية بشكل غير مسبوق، للوصول إلى حل وسط يضمن تجنب مواجهة جديدة في مجلس الأمن بين الفلسطينيين والأميركيين، ويطلق عملية سلام جديدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية التي يقول الجميع إنها الهدف الأخير المنشود من وراء تحركاتهم.

وفيما وضع الفلسطينيون مبادرة لإنهاء الاحتلال على الطاولة استعدادا لتقديمها إلى مجلس الأمن، يناقشون مبادرة أخرى فرنسية (أوروبية) تدعو لإطلاق المفاوضات من جديد، ويحاولون جاهدين إقناع الأوروبيين بأن ينضموا إلى مساعيهم، بينما دخلت الولايات المتحدة على الخط بتحرك جديد ما زال غير معروف إن كان مستقلا أم سينضم إلى الجهود الأوروبية في هذا المجال.

ويلتقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم في روما، ويلتقي كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات في لندن غدا، في محاولة للوصول إلى اتفاق «ينزع فتيل المواجهة»، ويضمن تجميد الخطوات الفلسطينية في مجلس الأمن مقابل خطة أخرى تدعهما الولايا المتحدة.

وقال عريقات لـ«الشرق الأوسط» قبل سفره للقاء كيري: «المسألة بالنسبة إلينا ليست مسألة مشاريع، هناك مشروع قرار عربي مشترك الآن، وهناك اقتراحات فرنسية نتعامل معها بحدية كاملة، لكن المهم بالنسبة إلينا هو المضمون».

وأضاف: «ما نريده هو تثبيت مبدأ دولة فلسطين على حدود 1967، وعاصمتها القدس، وحل قضايا الوضع النهائي، وعلى رأسها قضية اللاجئين استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية، واعتبار كل الاستيطان الإسرائيلي بأشكاله كافة منذ بدء الاحتلال وحتى الآن غير شرعي، ولا يخلق حقا، ولا ينتج التزاما سواء في الضفة أو القدس، ونريد أن نضع سقفا زمنيا لإنهاء الاحتلال.. هذا هو المضمون، فإذا توافقنا مع أوروبا حوله أو مع الولايات المتحدة، (فأهلا وسهلا)، أو نحن سنقوم بعرض مشروع قرارانا الذي يثبت مبدأ الدولة ويضع حدا للاحتلال».

وفي وقت متأخر من مساء أمس، أعلنت القيادة الفلسطينية عزمها التوجه إلى مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء المقبل للمطالبة بالاعتراف بالدولة، قبل ساعات من لقاء وزير كيري مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في روما اليوم لبحث مقترحات تتردد في أروقة الأمم المتحدة لإقامة دولة فلسطينية، قبل لقاء عدد من نظرائه الأوروبيين في باريس ومن بعدها مع مسؤولين عرب في لندن.

وتشير الاجتماعات التي رتب لها على عجل إلى الطابع الملح في مسعى واشنطن لإدارة الجهود في مجلس الأمن حيث يسعى أعضاء بالمجلس إلى صياغة اقتراح جديد قبل الانتخابات الإسرائيلية في مارس (آذار).

ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية قوله إن «واشنطن لم تقرر بعد أن صدور قرار من مجلس الأمن هو الطريق الصحيح للمضي قدما». وأضاف: «هذه الأمور كلها في حالة تغير مستمر بدرجة كبيرة.. ليس الأمر كما لو أنه يطلب منا اتخاذ موقف بشأن أي قرار محدد لمجلس الأمن الآن. سيكون من السابق لأوانه بالنسبة لنا مناقشة وثائق ذات وضع غير مؤكد الآن».

وأكد عريقات أنه سيطرح على كيري هذا الموقف، وسيسمع منه ما الجديد لديه في لقاء يجمعهم الثلاثاء، بناء على طلب وزير الخارجية الأميركي.

وردا على سؤال عن إمكانية توحيد الجهود الفلسطينية والأوروبية في مشروع واحد، قال عريقات: «كل المشاورات تتم بين المجموعة العربية التي انتدبت الأردن وفلسطين للتشاور مع كل الأطراف بناء على ذلك، نحن نأمل أن نتمكن من التوصل إلى صيغة مشتركة تأخذ بعين الاعتبار ما نريده».

وكان يفترض أن يقدم الفلسطينيون الشهر الماضي مشروعهم، لكن الاتصالات الدبلوماسية المكثفة وظهور مبادرات جديدة، أرجأت المسألة إلى الشهر الحالي.

وأكد ممثل فلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، أن اتصالات مكثفة تجرى حاليا بين الفلسطينيين والدول الأوروبية، في محاولة لبلورة صيغة متفق عليها لمشروع القرار الخاص بالانسحاب الإسرائيلي.

وأشار المندوب الفلسطيني إلى أن هذه الاتصالات تجري بشكل خاص مع فرنسا وبريطانيا وألمانيا.

وأضاف، أن لدى الفلسطينيين تحفظات على المشروع الأوروبي بصيغته الحالية، ولكنهم يدركون أن احتمالات التصديق على المشروع الأوروبي أقوى بكثير من احتمالات إقرار المشروع الفلسطيني العربي.

واتصلت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني، بعباس أمس، وبحثا هذه المسألة.

وعقب مصدر دبلوماسي أوروبي بقوله، إن «الاتصالات الجارية حاليًا، في مجلس الأمن الدولي، حول مشروع القرار الفلسطيني بشأن جدولة إقامة الدولة الفلسطينية زمنيا، فرصة يجب اغتنامها». وأشار المصدر إلى «احتمال انفتاح الولايات المتحدة على المضي قدما، ولو بحذر، نحو تسوية النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني عبر مؤسسات الأمم المتحدة، وذلك بعد فشل مسار التفاوض المباشر الذي جرى بوساطة أميركية».

وهذا ما يبحثه في روما اليوم كيري مع نتنياهو، على أمل الاتفاق على آلية تجنب واشنطن اللجوء إلى استخدام الفيتو في حال تم عرض القرار الفلسطيني أو الأوروبي للتصويت في مجلس الأمن.

وكان كيري اتصل بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، في وقت متأخر الجمعة، في محاولة لاستمزاج الآراء والوصول إلى حلول وسط مقبولة.

وناقش كيري مع عباس مسائل سيناقشها مع نتنياهو وعريقات والوزراء العرب، وتصب في مصلحة استئناف مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتأجيل خطوة مجلس الأمن «المنفردة»، كما أكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط».

وقالت المصادر إن كيري لم يطرح خطة محددة على عباس، لكنه أبلغه أنه سيناقش استئناف العملية السلمية ومستقبل الدولة الفلسطينية مع نتنياهو وعريقات ووزراء عرب سيلتقيهم في روما ولندن، وأعاد تأكيد أن إقامة الدولة لا يمكن أن يتم إلا عبر المفاوضات.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية قوله: «من المهم أن نفهم أن هدفنا العام هنا هو الاستماع إلى الأطراف الأخرى والتحاور معها.. والاستماع إلى آرائهم، والعمل بأقصى قدراتنا للتوصل إلى مسار مشترك إلى الأمام». وأضاف: «جميعنا نريد نزع فتيل التوترات وتخفيف احتمالات اندلاع عنف، ونريد جميعا أن نبقي على الأمل في التوصل إلى حل الدولتين، وجميعنا نريد أن نمنع تصعيد العنف على الأرض».

وأكد المسؤول الأميركي أن إقرار أي قانون بشأن الدولة الفلسطينية سيكون «خطوة مهمة»، مشيرا إلى أنه «من المبكر» لواشنطن أن تبدي موقفا لعدم وجود نص بعد.

والتقى كيري أمس نظيره الروسي سيرغي لافروف لبحث التحركات الدبلوماسية الأخيرة في الأمم المتحدة بشأن القضية الفلسطينية.

لكن نتنياهو الذي سيلتقي أيضا رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي، أعلن أنه سيبلغهما - كيري ورينتسي - أن إسرائيل ستتصدى لأي خطوات من جانب الأمم المتحدة لوضع جدول زمني للانسحاب من الأراضي التي يسعى الفلسطينيون إلى إقامة دولة عليها. وأضاف في جلسة الحكومة: «إسرائيل تقف إلى حد كبير كجزيرة منعزلة أمام موجات التطرف الإسلامي التي تجتاح الشرق الأوسط بأكمله، وهي تواجه الآن، هجوما دبلوماسيا محتملا (لإجبارنا) على مثل هذا الانسحاب خلال سنتين».

وتابع: «سيؤدي ذلك إلى جلب العناصر الإسلامية المتطرفة إلى ضواحي تل أبيب وإلى قلب القدس. لن نسمح بهذا. سنرفض هذا بقوة انطلاقا من الشعور بالمسؤولية. لا شك في أن هذا سيكون مرفوضا».

ويعتقد الإسرائيليون أن واشنطن تدرس الآن خيارين: الأول، تقديم مبادرة منفصلة وتتضمن رؤية لإقامة الدولة الفلسطينية عبر المفاوضات وتؤكد الاحتياجات الأمنية لإسرائيل. والثاني، دعم المبادرة الفرنسية مع إجراء تعديلات عليها لتكون مقبولة لجميع الأطراف.

أما الفلسطينيون، فقد وضعوا خطة بديلة إذا أفشل مسعاهم في مجلس الأمن وسقطت جميع المبادرات الأخرى، تقوم على الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، كما يسمح لهم بوضعهم كدولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة الذي حصلوا عليه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012.