مفتي أستراليا عن احتجاز رهائن سيدنى لـ («الشرق الأوسط»): ليس من قيم المسلمين

طراد رئيس الجمعية «الإسلامية الأسترالية»: المسلح الإيراني يعاني من أمراض نفسية ومعروف لدى أبناء الجالية وطلباته أثارت القلق

الشيخ إبراهيم أبو محمد
TT

ندد مفتي أستراليا العام، إبراهيم أبو محمد، بالعملية المسلحة، التي حدثت، في مقهى وسط سيدني، قائلا إن المسلمين «فجعوا كما فجع عموم الأستراليين بما تداولته وكالات الأنباء من احتجاز أناس في مقهى». وقال في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»: «عمل الاحتجاز لا يُقبل بأي وجه من الوجوه، كما أنه مدان في قيم وأخلاق وشريعة المسلمين مهما كانت ملابسات هذا الفعل ومن أي جهة صدر».

وأكد أبو محمد أن الأستراليين «يتطلعون إلى نتائج التحقيق في هوية الفاعل وملابسات الفعل ليكون أمام إجراءات مناسبة لهذا الجرم وتحميل المسؤولية»، معربا عن تضامن المسلمين في أستراليا مع المحتجزين وعائلاتهم. وقال أبو محمد إن العلم الذي رفعه المسلح هو «علم مختطف عبر العصور». وأضاف: «نحن ندعو إلى المنهج الوسطي للإسلام في كل مكان، وما حدث هو عمل متطرف لا يمثل الإسلام في شيء». ودعا الجالية المسلمة في أستراليا إلى التمسك بإسلامها الحقيقي وبهويتها دون خوف. وأوضح: «لا نعتذر عن ذنب لم نرتكبه»، مشيرا إلى أن «الأحداث علمت الجالية المسلمة قدرتها على امتصاص هذه الأحداث، لأننا جزء من نسيج المجتمع الأسترالي».

من جهته قال قيصر طراد رئيس جمعية الصداقة الإسلامية الأسترالية لـ«الشرق الأوسط»: «إن المشتبه به شخص يعاني من اضطرابات نفسية وله سجل جنائي ومعروف بين أبناء الجالية المسلمة، وأعرب عن اعتقاده أن الحادث الإرهابي، لن يستمر طويلا، لأن المشتبه به قد لا يستطيع السيطرة بمفرده لساعات طويلة على الرهائن».

وأضاف أن المشتبه به طلب أشياء غريبة أثارت القلق مثل علم «داعش»، وكذلك طلبه الحديث إلى توني آبوت رئيس الحكومة. وقد طلبت الشرطة وسائل الإعلام المحلية بعدم الكشف عن المطالب التي يقدمها المسلح عبر مكالمات الرهائن، والتزمت معظم وسائل الإعلام بهذا الطلب في الوقت الذي تدخل فيه أزمة الرهائن ساعتها الـ14. وعن عدد الرهائن المحتجزين قال طراد: «هناك تضارب في أعداد المحتجزين، البعض يقول 30 بالإضافة إلى العاملين في المقهى، إلا أن أحد المسؤولين الأستراليين أكد أن التقديرات الأولية تشير إلى احتجاز ما يقرب من 40 شخصا بينهم 10 من الموظفين في المقهى المحتجز به الرهائن في وسط سيدنى. فيما أكد إعلاميون في أستراليا أن المسلح الذي يحتجز عددا من الرهائن في مقهى وسط سيدني اتصل بـ3 وسائل إعلام وتحدث إليها عبر المخطوفين، معلنا وجود قنابل داخل المقهى وطلب مناداته بـ«الأخ» وعرض الإفراج عن أحد الرهائن مقابل تزويده بعلم لتنظيم داعش.

وقد عرضت مشاهد تلفزيونية حية تظهر زبائن داخل مقهى يقفون وهم يضعون أيديهم على النوافذ، كما شوهد على النافذة ما يشبه علما داخل المقهى يحمل علامات ودلالات قريبة من علم تنظيم داعش. ولاحقا خرجت 3 من الرهائن وهن يركضن من المقهى، في حين قالت الشرطة إن مفاوضين على اتصال بمسلح داخل المقهى. وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء توني آبوت إن الحادث «مقلق للغاية»، مشيرا إلى أن الأجهزة الأمنية «مدربة ومجهزة جيدا وتتصرف بطريقة شاملة وحرفية»، ودعا إلى اجتماع أمني للتعامل مع الحادث.

وأكد شهود عيان فرار 5 من الرهائن الذين كان أحد المسلحين يحتجزهم داخل مقهى وسط مدينة سيدني الأسترالية، ولم يتضح عدد الذين بقوا داخل المقهى المحاط من قبل المئات من رجال الشرطة الذين فرضوا حصارا مشددا على المنطقة.

وقالت شرطة نيو ساوث ويلز في تغريدة على «تويتر» الشرطة تقوم بعملية في مارتن بليس المنطقة التجارية المركزية بسيدني. طلب من الناس مغادرة المنطقة. فيما أكدت كاثرين بيرن، نائب قائد شرطة ساوث ويلز، إن الفارين الخمسة «باتوا بأمان مع الشرطة» رافضة تقديم المزيد من التفاصيل حول ما إذا كان الخاطف قد أفرج عن الرهائن أم أنهم تمكنوا من الفرار بأنفسهم. وكشفت بيرن أن الشرطة «باتت على اتصال بالخاطف» الذي يبدو أنه اختطف العاملين بالمقهى وعددا من زبائنه.

وسعى زعماء دينيون وأستراليون عاديون إلى نزع فتيل توترات طائفية، أمس، بعد احتجاز مسلح لرهائن في مقهى بسيدني، وإرغامهم على رفع علم إسلامي.

مما زاد المخاوف من رد فعل ضد الأقلية المسلمة في البلاد. وخلال ساعات من الهجوم على مقهى لينت في وسط المدينة، أفادت جماعة مسلمة بأن نساء يرتدين الحجاب تعرضن للبصق عليهن، ودعت رابطة الدفاع الأسترالية اليمينية أتباعها إلى الاحتجاج عند مسجدين كبيرين. ولم تحدث الاحتجاجات ولا يعرف الكثير عن الدوافع الحقيقية للمسلح محتجز الرهائن في المدينة الساحلية التي يوجد بها نصف عدد المسلمين في أستراليا، البالغ 500 ألف فرد. لكن الشرطة تحركت ضد رجل صاح بكلمات مناهضة للإسلام عند موقع احتجاز الرهائن.

وتقدم الرجل إلى طوق من رجال الشرطة وهتف: «شخص ما سيموت هنا بسبب الإسلام. لا يوجد شيء اسمه إسلام معتدل. استيقظوا وافهموا الوضع على حقيقته». وتصدى له رجل آخر رد عليه صائحا: «مرحبا بالمسلمين هنا»، وطلبت الشرطة من الرجل الأول المغادرة، وسط مزيج من صيحات الاستهجان لتحرك الشرطة والتصفيق تأييدا لها.

ويتزامن احتجاز الرهائن مع تزايد المخاوف في أستراليا بشأن المخاطر التي يمثلها المتشددون الإسلاميون. ورفعت وكالة الأمن الأسترالية مؤشرها الوطني للتحذير العام من الإرهاب إلى «مرتفع» في سبتمبر (أيلول). وفي الشهر نفسه، قالت شرطة مكافحة الإرهاب إنها أحبطت تهديدا وشيكا لذبح شخص عشوائي من الجمهور، وبعد أيام قتل فتى في مدينة ملبورن بالرصاص، بعد أن هاجم بسكين اثنين من ضباط مكافحة الإرهاب.

وقال مفوض شرطة نيو ساوث ويلز أندرو سيبيون إنه يعمل عن كثب مع الجماعات المحلية، وإن وجود الشرطة سيكثف في المدينة لضمان أن يبقى الجميع في أمان.

ودعت منظمة تضم كل الجماعات المسلمة الرئيسية في البلاد إلى الهدوء، وعبرت عن الصدمة والرعب التامين.

وأكدت المنظمة أن العلم الأبيض والأسود، الذي عرضه رهائن متوترون، عبر نافذة المقهى، وإلى جانب لافتة «عيد ميلاد سعيد»، يمثل تعبيرا دينيا وليس سياسيا. وقالت الجماعة في بيان: «نذكر الجميع بأن الكتابة العربية على العلم الأسود ليست تمثيلا لبيان سياسي لكن تؤكد شهادة بالإيمان اختلسها أفراد مضللون لا يمثلون سوى أنفسهم».