تحت لهيب نار المعارك.. مدن الأنبار بين الحصار والدمار

لجنة الإعمار في المحافظة: إصلاح بنيتها سيكلف أكثر من 18 مليار دولار

جانب من الدمار الذي خلفته المعارك بين القوات الأمنية ومسلحي «داعش» في الرمادي
TT

تنتشر مشاهد الدمار في معظم مدن الأنبار جراء العمليات العسكرية بين القوات الحكومية العراقية ومسلحي تنظيم داعش الذي بات يسيطر على 85 في المائة من مساحة كبرى محافظات العراق. جسور ومبان حكومية ومؤسسات تعليمية وأخرى خدمية وعشرات الأحياء السكنية دمرت بالكامل وتحولت إلى أنقاض وركام.

ويرى باحثون ومختصون ومسؤولون حكوميون أن إعادة الإعمار ستتطلب جهودا دولية لأن حجم الدمار كارثي. وفي هذا السياق، يقول الدكتور عراك الدليمي، أستاذ إدارة الأعمال في كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة الأنبار، إن «البنى التحتية في الأنبار قد دمرت بالكامل والحياة قد انهارت بشكل مؤلم.. أحياء البكر والضباط وحي المعلمين في الرمادي حيث كنت أسكن قد سويت بالأرض وعملية إعادة بنائها وتأهيلها تتطلب جهد سنين وما سيخلفه رحيل الأهالي عن مناطقهم سيكلف الكثير والكثير».

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال المهندس أركان خلف الطرموز، رئيس لجنة الإعمار في مجلس محافظة الأنبار، إن «التقديرات الأولية لحجم الدمار الذي لحق بالبنى التحتية والمناطق السكنية في مدن المحافظة تتجاوز 40 في المائة»، مضيفا أنه «تم تدمير أكثر من 60 جسرا وأكثر من 40 حي سكني والعشرات من المباني الحكومية وتم تفكيك الكثير من المعامل الحكومية الكبيرة في مدن كبيسة والقائم ونقلت إلى سوريا من قبل تنظيم داعش». ويتابع الطرموز أن مدينة الرمادي وحدها شهدت تدمير أكثر من 38 ألف دار سكنية.

بدورها، تقدر لجنة الإعمار في الأنبار الكلفة التخمينية لإعادة إعمار وتأهيل الأحياء السكنية والجسور والمباني الحكومية التي تم تدميرها إثر العمليات العسكرية بما يزيد على 18 مليار دولار.

من جانب آخر، يعاني أهالي مدن الأنبار الذين لم يتمكنوا من الهرب من جحيم المعارك والنار التي طالت مدنهم وقراهم منذ 8 أشهر، خصوصا في المناطق التي يسيطر عليها مسلحو تنظيم داعش. ففي مدينة هيت التي تبعد عن الرمادي مركز محافظة الأنبار قرابة 70 كيلومترا كان تعداد السكان فيها قبل العمليات العسكرية أكثر من 600 ألف نسمة في حين تبقى منهم بعد سيطرة مسلحي داعش قرابة 125 ألفا فقط. ويقول أبو سعدون، الموظف في إحدى دوائر الكهرباء في مدينة هيت، إن أهالي المدينة «يعانون من شظف العيش وانعدام تام للتيار الكهربائي، والمواد الغذائية والطبية شبه معدومة، والأسعار وصلت لأرقام لم نشهدها من قبل، فقنية الغاز وصل سعرها لأكثر من 50 ألف دينار عراقي ورواتبنا انقطعت والسبيل الوحيد لنا في الحصول على الرواتب عن طريق تطوع أحد موظفينا بصفة معتمد والمخاطرة بالخروج من المدينة والذهاب إلى الرمادي لجلب شيك بمبلغ الرواتب موقع من قبل دوائر الدولة الحكومية التي يعمل بها هؤلاء الموظفون ويصرف الشيك لحامله ثم يذهب به إلى أحد التجار في مدينة هيت لصرفه بشكل سري وتوزع الأموال على الموظفين الذين يلازمون بيوتهم خوفا من بطش مسلحي (داعش)».