الأسهم السعودية تنزف النقاط.. وأغلب الشركات «عروض بلا طلبات»

المؤشر العام خسر 36 % من أعلى قمة حققها خلال هذا العام

الأسهم السعودية دخلت مرحلة الانهيار عقب خسارة المؤشر نحو 36 % من قيمته في 3 أشهر (تصوير: خالد الخميس)
TT

شهدت سوق الأسهم السعودية، يوم أمس الثلاثاء، تراجعات حادة للغاية، امتدادا للتراجعات القوية التي بدأها مؤشر السوق منذ 3 أشهر، مما ينبئ عن دخول الأسهم السعودية في مرحلة خسائر جديدة بعد أن فقد نحو 36 في المائة من أعلى قمة حققها خلال هذا العام، وهي المرحلة التي تشابه إلى حد كبير مراحل الخسائر التي سبق أن حدثت في عامي 2006 و2008 على التوالي.

ويرى مختصون أن تراجع أسعار النفط كان سببا مباشرا للخسائر التي تكبدتها سوق الأسهم السعودية، إلا أن هنالك بعض الأصوات تفترض عدم دقته، مستندين بذلك إلى أن الانخفاض الحالي الذي تشهده سوق الأسهم السعودية، شمل جميع القطاعات المدرجة، ولم يقتصر على قطاع الصناعات البتروكيماوية الذي يعتمد في ربحيته على الأسعار النهائية لكل من أسعار منتجات البتروكيماويات، وأسعار النفط.

وخلال تعاملات سوق الأسهم السعودية، كسر خام برنت مستويات الـ60 دولارا انخفاضا، مما زاد من حدة الانخفاض إلى 7.27 في المائة، وسط عروض كبيرة شهدتها معظم أسهم الشركات المدرجة، دون أي طلبات تذكر، وهو ما يدل على انعدام ثقة المستثمرين تجاه السوق المالية السعودية خلال الفترة الراهنة.

وعلى الصعيد ذاته، تكبد المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية، يوم أمس الثلاثاء، خسائر قاسية تجاوزت 570 نقطة، مغلقا عند 7330 نقطة، كأدنى إغلاق في 18 شهرا، ليسجل بذلك خامس أكبر خسائر يومية خلال السنوات السبع الماضية بحسب تقارير تفصيلية كشف عنها موقع «أرقام» عقب انتهاء التداولات أمس. وكان مؤشر السوق السعودي قد سجل أكبر خسائر يومية بالنقاط في السنوات السبع الأخيرة خلال جلسة 22 يناير (كانون الثاني) 2008، حيث مني مؤشر السوق - آنذاك - بخسائر بلغت نحو 977 نقطة، فيما سجل أكبر تراجع يومي من حيث النسبة في السنوات السبع الأخيرة خلال جلسة 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2008، نحو 9.8 في المائة.

وتعليقا على الانهيار الحالي في سوق الأسهم السعودية، أكد لـ«الشرق الأوسط» فضل البوعينين الخبير الاقتصادي والمالي، أن ما يحدث في سوق الأسهم السعودية من تراجعات حادة يحتاج إلى كثير من التأمل والقرارات الضابطة لأداء السوق للحد من أي ممارسات سلبية قد تحدث. وقال: «انهيار أسعار النفط شماعة للانهيار الحالي في سوق الأسهم، الارتباط يجب أن يكون حتى في الحالة الإيجابية، فبرميل النفط بلغ مستويات 140 دولارا ومؤشر السوق السعودية حينها يقبع في مناطق متدنية للغاية».

من جهة أخرى، أرجع خالد السلطان وهو مستثمر في سوق الأسهم السعودية منذ 10 سنوات، انخفاض سوق الأسهم السعودية إلى التراجع الحاد في أسعار البترول، وقال خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» يوم أمس: «أعتقد أن مؤشر السوق سيحاول الحفاظ على مستويات 6767 نقطة، وكسر هذا الحاجز يمثل نقطة سلبية جديدة، قد تدفع المؤشر العام إلى مزيد من الخسائر غير المنطقية». وفي السياق ذاته، تكبد مؤشر سوق الأسهم السعودية يوم أمس، خسائر قاسية بلغت نسبتها 7.27 في المائة، بما يعادل 575 نقطة، مغلقا بذلك عند مستويات 7330 نقطة، كأدنى إغلاق له في 18 شهرا، وسط تداولات بلغت قيمتها نحو 7.3 مليار ريال (1.9 مليار دولار).

وعطفا على إغلاق مؤشر سوق الأسهم السعودية، فإن مؤشر السوق واصل هبوطه للجلسة الثامنة على التوالي مسجلا أطول سلسلة انخفاض منذ أكثر من عامين (نوفمبر «تشرين الثاني» 2012)، وبذلك فإن مؤشر السوق مدد خسائره لتصل خلال هذه الجلسات فقط إلى أكثر من 1600 نقطة (18 في المائة).

وعمت التراجعات أغلبية الأسهم المتداولة، يتقدمها سهم «سابك» وهي الشركة الأعلى من حيث القيمة السوقية، بأكثر من 6 في المائة، كما هوت أسهم أكثر من 100 شركة بالنسبة القصوى، منها ما هو في قطاع البنوك كمصرف الإنماء، ومنها ما هو في قطاع الصناعات البتروكيماوية كشركات «كيان»، و«التصنيع» و«بترورابغ»، وشركات أخرى في مختلف القطاعات القيادية كقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، وقطاع الإسمنت، والاستثمار الصناعي، وغيرها.

ويأمل المستثمرون في السوق المالية السعودية، أن يحافظ مؤشر السوق على مستويات 7200 نقطة، وهي المستويات التي من المتوقع كسرها انخفاضا اليوم في حال واصل مؤشر السوق خسائره الحادة، لتكون بذلك نقطة الدعم الجديدة عند مستويات 6767، وسط حالات هلع وبيوع جماعية شهدتها تعاملات الأسهم السعودية يوم أمس الثلاثاء.

وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي رفعت فيه هيئة السوق المالية السعودية درجة المأمونية والجودة في أعمال الأشخاص المرخص لهم (المؤسسات المالية المرخص لها من هيئة السوق المالية)، وذلك من خلال (قواعد الكفاية المالية) التي بدأ تطبيقها في شهر يناير من العام المنصرم، على المؤسسات العاملة في نشاط الأوراق المالية لتضاف على اللوائح الأخرى المنظمة للنشاط، ومن بينها لائحة «الأشخاص المرخص لهم».

وقالت هيئة السوق المالية السعودية في بيان صحافي، الشهر المنصرم: «دأبت الهيئة خلال إعداد (قواعد الكفاية المالية) الجديدة على تطبيق أفضل الممارسات والمعايير الدولية في هذا المجال والمتمثلة في متطلبات بازل 2 و3، وتهدف هذه القواعد إلى تحديد حد أدنى لمتطلبات رأس المال للتأكد من توافر الموارد المالية اللازمة لاستمرار أعمال الشخص المرخص له والحد من حجم المخاطر التي يتعرض لها».

وأضافت أن هذه القواعد تعتمد على قيام الشخص المرخص له بالحفاظ على قاعدة رأسمال كافية لتغطية متطلبات الحد الأدنى لرأس المال، حيث يجري تحديد مقدار الحد الأدنى لمتطلبات رأس المال بناء على حجم المخاطر التي يتعرض لها الشخص المرخص كمخاطر الائتمان، وتقلبات السوق، والمخاطر التشغيلية، وبذلك فإن الحد الأدنى لمتطلبات رأس المال يزيد بزيادة تعرض الشخص المرخص له لهذه المخاطر.

وتابعت هيئة السوق: «تراقب الهيئة الكفاية المالية للأشخاص المرخص لهم بحسب متطلبات قواعد الكفاية المالية والمكونة من 3 ركائز؛ الأولى: تنظم متطلبات الكفاية المالية التي تشمل مخاطر الائتمان ومخاطر السوق والمخاطر التشغيلية، والركيزة الثانية تشمل عملية التقييم الداخلي لكفاية رأس المال، وهاتان الركيزتان جرى العمل بهما خلال العام الحالي، أما الركيزة الثالثة فتشمل الإفصاح عن الاستراتيجيات والعمليات الخاصة بإدارة المخاطر والالتزام وقيمة قاعدة رأس المال، وسيبدأ العمل بها في الربع الأول من العام المقبل».

وتفيد بيانات صادرة عن هيئة السوق المالية السعودية في السياق ذاته، بأن عدد المؤسسات المالية المرخصة للعمل في نشاط الأوراق المالية، بلغ بنهاية العام الماضي 89 مؤسسة، إجمالي رساميلها 15.7 مليار ريال (4.18 مليار دولار)، في حين بلغت إيراداتها 6.3 مليار ريال (1.68 مليار دولار).