«داعش» يعيد تنظيم صفوفه في الأنبار.. ويحاصر آلاف العوائل في الصحراء

قائد عسكري لـ «الشرق الأوسط»: التنظيم يسعى لتأجيل معركة الموصل

عناصر في «الحشد الشعبي» ينتشرون في مدينة بلد إلى الشمال من بغداد أول من أمس (رويترز)
TT

أبلغ قائد عسكري عراقي رفيع المستوى «الشرق الأوسط» بأن «تنظيم داعش بات يركز الآن على الأنبار من أجل التحضير لمعركة الموصل التي تنتظره خلال شهور ببطء في محاولة منه لاستكمال كل التحضيرات الميدانية واللوجيستية هناك، ومن بينها البدء بحفر خندق حول المدينة، ويمكن القول إن مصير التنظيم بات مرتبطا بنتائج تلك المعركة وليس أي معركة أخرى، سواء في العراق أو سوريا».

وأضاف القائد العسكري العراقي الميداني الذي اشترط عدم الإشارة إلى اسمه أو موقعه، أن «محافظة الأنبار بما تمتلكه من ميزات، ومنها صحراء مفتوحة وحدود مع نحو 3 دول، فضلا عن الحواضن التي تمكن التنظيم من امتلاكها خلال السنوات الماضية في الكثير من أقضية ومدن المحافظة، بالإضافة إلى الأرياف، ما زالت تمثل بيئة مناسبة لتحركاته بطريقة من شأنها أن تمثل إرباكا واضحا، سواء للجهد العسكري الحكومي أو الجهود التي يبذلها أبناء العشائر هناك، ولا سيما تلك المتصدية له».

وأوضح القائد العسكري، أن «تنظيم داعش تكبد خسائر كبيرة خلال المعارك الأخيرة، لكنه من خلال الدعم الذي لا يزال يأتيه من الأراضي السورية، بما في ذلك الأسلحة التي تفوق ما هو لدى الجيش والعشائر، بدأ في الآونة الأخيرة بإعادة تنظيم صفوفه في الأنبار باتجاهين يريد من خلالهما تحقيق نتيجة واحدة، وهما الاحتفاظ بالمدن والأراضي التي احتلها بأي وسيلة والسعي لاحتلال مناطق أخرى في المحافظة لكي تنشغل الحكومة العراقية عن معركة الموصل وتركز على الأنبار لكونها قريبة من بغداد أيضا».

ومضى القائد العسكري الميداني قائلا، إن «معركة الموصل هي المعركة الحاسمة على صعيد الاستراتيجية الأميركية، وقد بات تنظيم داعش يشعر بذلك؛ لذلك فإنه يريد الآن عمل مجموعة من الإجراءات التي تمكنه من الصمود؛ لأن تحرير الموصل بالنسبة لنا وللأميركيين يمثل نهاية (داعش) الحقيقية لأسباب يطول الحديث عنها، ولذلك فإنه يحاول اتباع أسلوب المشاغلة والمناورة وفتح عدة جبهات في آن واحد لهدف رئيسي هو تأجيل معركة الموصل إلى أبعد وقت ممكن».

وكانت قيادة عمليات الأنبار أعلنت أمس أن تنظيم داعش يعيد تشكيل خلاياه للهجوم على ما تبقى من المناطق الغربية لمحافظة الأنبار. وقال مصدر في قيادة العمليات هناك، إن التنظيم «يحاول إعادة تشكيل خلاياه في المناطق الغربية للأنبار للهجوم على قضاء حديثة وناحية البغدادي، ومن ثم مباغتة القوات الأمنية في مداخل الرمادي الغربية باستخدام الدبابات والمدرعات التي استولى عليها خلال الأشهر الماضية». وأضاف المصدر، أن «تنظيم داعش ومنذ أشهر يعمل على اقتحام قضاء حديثة والبغدادي (70 كم غرب الرمادي) والسيطرة على الرمادي مركز محافظة الأنبار مستغلا الظروف السياسية التي عصفت بالعراق، وكذلك قلة تسليح القوات الأمنية وعدم تجهيز مقاتلي العشائر».

في السياق نفسه، أكد شيخ عشيرة البو نمر، نعيم الكعود، أن تنظيم داعش يحاصر 5000 من أبناء عشيرته. وقال الكعود في تصريح: «عناصر (داعش) يحاصرون 5000 مدني من النساء والأطفال من أبناء عشيرة البو نمر في مناطق مختلفة من منطقة حوض الثرثار (شمال شرقي الرمادي) منذ 3 أشهر وهم في ظروف إنسانية وصحية صعبة». وأضاف الكعود، أن «أبناء عشيرة البو نمر محاصرون في مناطق مختلفة من حوض الثرثار منها السحيلية والصدامية وعين المي ومنطقة المنيصير وخنيزير والبو دبس والمركدة وأشطيحية والمناخ ورأس المي»، مشيرا إلى أن «العائلات المحاصرة أصبحت تعتمد على النباتات والأشجار الصغيرة التي تنمو بالقرب من واحات المياه وبحيرة الثرثار».

من جهته، أكد أبو أكرم النمراوي، أحد وجهاء عشيرة البو نمر الذين يوجدون في الميدان، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن «الحالة يرثى لها على كل المستويات، فمن ناحية التجهيزات العسكرية فإننا نسمع بهذا الأمر منذ شهور، ولكن دون فائدة، ومن حيث الغذاء والدواء فإن الجميع يضحك علينا، سواء الحكومة أو السياسيون أو الشيوخ»، مشيرا إلى أنهم «الآن في العراء، فبعد حر الصيف الماضي نواجه اليوم برد الشتاء القارس في منطقة صحراوية، يضاف لها تهديدات (داعش) الذي بإمكانه ارتكاب مجزرة بشرية في أي لحظة»، معربا عن خيبة أمله «من الجميع لأن العبرة ليست بالكلام، بل بالفعل».

وتعليقا على ما أعلنه القائد العسكري العراقي الميداني، قال الخبير الأمني المتخصص بشؤون الجماعات المسلحة في العراق، هشام الهاشمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «من بين أهم نقاط قوة (داعش) ونفوذه هو أنه يوجد، حيث يوجد المدنيون الذين هم أهم نقطة ضعف لدى الحكومة والأجهزة الأمنية»، مؤكدا أن «تنظيم داعش بتغلغله في صفوف المدنيين يحقق هدفين معا، وهما عدم إمكانية تعرضه لسلاح الجو لأن المدنيين سيكونون هدفا لهذه الضربات، والثاني هو جعل هؤلاء المدنيين دروعا بشرية». وأشار الهاشمي إلى أن «الجانب الآخر المهم أن (داعش) يستعمل أسلوب حرب العصابات، بينما هو يواجه قوات نظامية لا تجيد هذا النوع من القتال، كما أن العشائر هي الأخرى لا تجيد هذا النمط من القتال، وفي الوقت الذي تسرف فيه العشائر باستخدام النار بكثافة، وهو ما يجعلها تفقد الكثير منه وهو شحيح أصلا، فإن (داعش) لديه القدرة على ضبط النار وعدم الإسراف، وكل هذه الأمور تصب في صالحه على المستوى العملياتي».

من ناحية ثانية، أعلنت وزارة حقوق الإنسان أن أبو أنس الليبي، أحد قيادات (داعش)، قتل أكثر من 150 امرأة. وقال بيان للوزارة أمس (الثلاثاء)، إن «من بين أولئك النسوة حوامل تمت تصفيتهن بسبب رفضهن تلبية فكرة جهاد النكاح الذي تفرضه عصابات (داعش) الإرهابية في مدينة الفلوجة». وأضاف البيان، أن «عصابات (داعش) الإرهابية نفذت عمليات قتل إرهابية واسعة في المدينة المذكورة ودفنت القتلى في مقبرتين جماعيتين في منطقتي الزغاريد في حي الجولان وناحية الصقلاوية». وأشار البيان إلى أن «العصابات الإرهابية قامت بتحويل جامع الحضرة المحمدية في الفلوجة إلى سجن كبير فيه مئات المحتجزين من الرجال والنساء المعارضين والمناوئين لأفعال تلك العصابات الإرهابية في المدينة».