المؤسسة العسكرية في الجزائر تتهم المعارضة بالإثارة والتحريض على التمرد

حديث «تنسيقية الحريات» عن تورط الجيش في السياسة يغضب وزارة الدفاع

TT

اتهمت المؤسسة العسكرية بالجزائر أحزاب المعارضة بدعوة الجيش إلى التمرد بعبارات واضحة وصريحة. وعدت «الجيش الوطني الشعبي حافظا للطابع الجمهوري للدولة، متمسكا بالمهام التي خولها له الدستور، لا يحيد عنها أبدا».

وذكرت وزارة الدفاع الجزائرية عبر لسان حالها مجلة «الجيش» الدورية، في عددها الصادرة في ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أن المنطقة التي تنتمي إليها الجزائر «تشهد توترا وعدم استقرار»، في إشارة إلى الحرب الأهلية في ليبيا والاضطرابات في شمال مالي الحدودي مع الجزائر. وتحدثت المجلة، التي يعبر فيها الجيش عن مواقفه من الأحداث، عن «تحديات ورهانات عسكرية وأمنية (تواجه البلاد) تتطلب التكاتف ولم الشمل والوحدة واقتراح الحلول المناسبة لحل المشكلات، بدل اعتماد الإثارة والمبالغة والمغالطة في اختلاق الأزمات وتزييف الحقائق على مختلف الأصعدة».

وأضافت المجلة أن المتهمين بـ«التحريض»، من دون ذكرهم بالاسم، «يخالفون القوانين والأعراف السياسية، فحري بهؤلاء احترام مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش، والمحافظة على استقراره وتماسكه ووحدته وعدم الزج به في الشأن السياسي الذي هو ليس من مهامه على الإطلاق، وعدم استغلال تمسكه بمهامه الدستورية للطعن في شرعية مؤسسات الدولة».

وتابعت مجلة «الجيش» بلهجة حادة: «على الرغم من المحاولات اليائسة لبعض الأطراف، التي تعبر عن طموحات شخصية نابعة من أفكار بعيدة كل البعد عن تاريخ وجغرافية وواقع الجزائر، وتسوق لأفكار وأمنيات تحولت مع الوقت إلى أوهام، والتي تسعى لتجسيدها وتنفيذها بالوكالة، يبقى الجيش الوطني الشعبي ثابتا ومتماسكا، واعيا بالتهديدات والمخاطر، متمسكا بمهامه في ظل القوانين والنظم». ودعت إلى «تكاثف الجهود ونبذ الفرقة وتغليب المصلحة العليا للوطن، على الطموحات الشخصية والمصالح الضيقة».

ويعكس هذا الهجوم الشديد لوزارة الدفاع، استياء بالغا للقيادة العسكرية من التكتل الحزبي المعارض «تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي»، التي تضم أحزابا إسلامية وعلمانية وليبرالية. ومرد هذا الهجوم، أن المعارضة انتقدت بشدة تصريحات لرئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، نقلتها صحيفة محلية بخصوص لقاء جمع الضابط الكبير مع أفراد الجيش بمنطقة عسكرية تقع جنوب البلاد. وانتقد صالح في هذا الاجتماع المعارضة بسبب التشكيك في نزاهة انتخابات الرئاسة التي جرت في 17 أبريل (نيسان) الماضي، وانتهت بفوز الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بولاية رابعة. ويعد قايد صالح من أشد المسؤولين العسكريين ولاء للرئيس الذي عينه نائبا لوزير الدفاع في التعديل الحكومي الذي جرى في مايو (أيار) الماضي.

ويفهم من حديث مجلة «الجيش» عن «تنفيذ أفكار بالوكالة»، أن المقصود طرف خارجي يوظف المعارضة الداخلية لغرض يخدم هذا الطرف. ومعلوم أن النظام الجزائري، بجناحيه المدني والعسكري، يميل في الغالب إلى اتهام المعارضة بـ«العمالة للخارج». وثارت ثائرة «أحزاب الموالاة»، بسبب لقاءات جمعت «التنسيقية» بوفد من الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي، تناولت علاقة الرئيس بالجيش ومصير بوتفليقة في الحكم في سياق المرض الذي يلم به.

ودعا رئيس الوزراء الأسبق مولود حمروش، في يونيو (حزيران) الماضي، الرئيس بوتفليقة والفريق صالح، والجنرال محمد مدين (توفيق) مسؤول جهاز المخابرات العسكرية، إلى «توفير مخرج للبلاد من حالة الانسداد التي تتخبط فيها». وقال إن الثلاثة «لا مناص من التوجه إليهم، لأنهم وحدهم من يملكون مفاتيح علاج الأزمة، وهم يتحملون المسؤولية أمام التاريخ إذا تعرضت البلاد لأي مكروه». وقال حمروش وبشكل صريح إن بوتفليقة «يستمد شرعيته من الجيش».

وجاء الرد سريعا من مجلة «الجيش» على حمروش، إذ استنكرت حينها «إقحام الجيش في مسائل لا تعنيه، لأنها بعيدة كل البعد عن مهامه والتزاماته». وأشارت إلى أن قيام الجيش بمهامه بكل إخلاص، يتطلب الالتزام بما يمليه الواجب والقانون بكل انضباط، كما يستوجب الوعي بأن المحافظة على صورة ومكانة الجيش الوطني الشعبي، وتجنب إقحامه في مسائل لا تعنيه، يعد واجبا وطنيا تمليه المصلحة العليا للدولة، وتفرضه دواعي ضمان مستقبلها وحماية حدودها، وحفظ سيادتها الوطنية وتوفير أسباب أمنها وتدعيم دفاعها الوطني».