حلفاء سوريا في لبنان يطرحون حلين لتحرير العسكريين: ممرا آمن أو عملية أمنية

إحباط بين الأهالي وترقب إعدام جندي جديد خلال الساعات المقبلة

TT

مرّت 3 أشهر ونصف الشهر، لم تسمع خبرا عنه، تماما كباقي أهالي الجنود الـ15 الآخرين الذين تحتجزهم «جبهة النصرة» منذ أغسطس (آب) الماضي في جرود بلدة عرسال الحدودية شرق البلاد.

تتحدث الزوجة المحبطة عن تهديدات تلقاها أهالي العسكريين الـ9 المحتجزين لدى «داعش» بإعدام أحد الجنود، اليوم الأربعاء، لافتة إلى أن هؤلاء اتصلوا يوم أول من أمس الاثنين ليبلغوا عائلاتهم بأن لدى الحكومة اللبنانية مهلة 48 ساعة للدخول في مفاوضات جدية قبل قتل عسكري جديد.. «أما مصير أولئك الذين لدى (النصرة) ومن بينهم زوجي، فمجهول تماما.. صمت (النصرة) المريب يخيفنا كثيرا». وكانت الجبهة أعدمت قبل نحو 10 أيام الجندي علي البزال، ليصل عدد الجنود الذين أعدمتهم إلى اثنين، وهو عدد الجنود الذين قتلهم «داعش».

لم تمل صابرين بعد من المكوث في خيام الاعتصام المركزي، المواجهة للسراي الحكومي في منطقة وسط بيروت. هي تترك ابنتيها التوأم يوميا وتتوجه من منزلها الواقع في منطقة البقاع شرق البلاد إلى العاصمة لتكون على تماس مع آخر أخبار المختطفين. ما تؤكده حاليا هو توقف كل الوساطات والمفاوضات دون استثناء، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «نحن حاليا في إحباط تام، والأمور ما دون نقطة الصفر».

حال زوجة زياد عمر كحال معظم الأهالي الذين فقدوا الأمل في دولتهم وفي إمكانية نجاح خلية الأزمة الوزارية في تحقيق أي خرق يُذكر على صعيد تحرير أبنائهم، خاصة أن الأزمة انتقلت إلى داخل الخلية بعد فشل أعضائها في التوافق على وسيط يقود المفاوضات مع الخاطفين، وهو ما تجلى بمقاطعة وزير المال علي حسن خليل اجتماع الخلية يوم أمس الثلاثاء، ترجمة للموقف الأخير لرئيس مجلس النواب نبيه بري الذي طلب فيه أن يُترك ملف العسكريين في عهدة الأمنيين.

وبدا وكأن الحكومة اللبنانية تتعاطى حقيقة مع الملف باعتبار العسكريين المختطفين «شهداء حرب»، وهو ما وصل لمسامع الخاطفين خلال الأيام الماضية مما دفعهم للضغط على الأهالي ورفع وتيرة التهديد. وبما يؤشر إلى بدء المعنيين بالبحث عن حلول خارج إطار مبدأ مقايضة المختطفين بموقوفين إسلاميين من السجون اللبنانية، وهو ما يطالب به الخاطفون، كشف النائب عن حزب «البعث» عاصم قانصو عن جهوزية سوريا للسير في حلين اثنين لأزمة العسكريين اللبنانيين المختطفين بالتعاون مع الجيش اللبناني واللواء إبراهيم، لافتا إلى أن الحل الأول يقول بتأمين ممر آمن لمسلحي «النصرة» و«داعش» الموجودين في جرود عرسال إلى أي وجهة يريدونها مقابل تحرير العسكريين، أما الحل الآخر فبشنّ عملية عسكرية سورية - لبنانية مشتركة عليهم. وقال قانصو لـ«الشرق الأوسط»: «أي مراهنة على أي مخرج آخر مضيعة للوقت، وهذا ما أثبتته الأشهر الماضية»، متسائلا «على ماذا يراهن الأهالي باللجوء إلى النائب وليد جنبلاط؟ النظام السوري وحده بالتعاون مع الجيش اللبناني قادر على حل المسألة، وكل ما عدا ذلك يندرج بإطار التصاريح الدونكيشوتية».

وكان مدير عام الأمن العام السابق اللواء المتقاعد جميل السيد، المقرب من النظام السوري، تحدث عن «استعداد سوري لإعطاء ممر آمن للمسلحين للعبور إلى داخل منطقة في سوريا والخروج من جرود عرسال مقابل الإفراج عن العسكريين»، معتبرا أن «هذا الاستعداد تضحية كبيرة من سوريا تجاه موقفها من الجيش اللبناني والأمن السوري واللبناني على الحدود اللبنانية السورية». وشدّد السيد، في حديث تلفزيوني، على أن «السكة الصحيحة في قضية العسكريين تكون بتفويض الجيش بالإمساك بالملف، فإذا رأى أنه بحاجة إلى عمل عسكري لتحرير العسكريين، فلا أحد من السياسيين يجب أن يعترض».

وتستبعد مصادر معنية بالملف أن يقبل الخاطفون بتحرير العسكريين مقابل تأمين النظام السوري مخرجا آمنا لهم، لافتة إلى أن عناصر «النصرة» الموجودين في جرود عرسال «هم من اللاجئين السوريين الذين كانوا بالبلدة، إضافة إلى لبنانيين هم أصلا من عرسال وبالتالي لا مصلحة لهم على الإطلاق في ترك مراكزهم إلى أي مكان آخر داخل سوريا». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «أما الحديث عن حل أمني أو عسكري آخر، فقد فات الأوان عليه، فإذا كان أركان الدولة اللبنانية عاجزين عن التوافق على وسيط يقود المفاوضات فكيف الحال بالتفاهم على حل عسكري سيحتّم التنسيق مع النظام السوري؟».

بدوره، أعاد النائب عن تيار «المستقبل» جمال الجراح سبب المراوحة في ملف المخطوفين إلى «الخلاف داخل خلية الأزمة» المكلفة من الحكومة بإدارة الملف، داعيا في حديث إذاعي إلى «الاتفاق على سقف معين للمقايضة لأن أي انتظار أو تضييع للوقت سيؤدي إلى خسارة جنود آخرين».