انقسام حول قرار الاستعانة بكوزمين في «آسيا 2015»

بعضهم أكد صواب الخطوة.. وآخرون يجدون فيها «إساءة» للأندية السعودية

بعد خسارته للنهائي الخليجي بات الأخضر في مهمة تعويض الإخفاق عبر بطولة آسيا
TT

انقسمت آراء خبراء الكرة السعوديين حول قرار الاستعانة بالروماني كوزمين، مدرب الأهلي الإماراتي، لقيادة المنتخب السعودي في نهائيات «آسيا 2015» التي ستنطلق بعد أيام في أستراليا.

ففي حين يرى البعض أن المدرب الروماني ملم بالكرة السعودية وبكرة منطقة الخليج على وجه العموم، يرى البعض الآخر أنه من غير الصائب التعاقد معه كونه مبتعدا عن الملاعب السعودية منذ 5 سنوات، وقد تغيب عنه كثير من الأمور والتفاصيل المهمة.

«الشرق الأوسط» بدورها استطلعت آراء بعض المدربين الوطنيين والنقاد الرياضيين حيال القرار، ومدى الفائدة الفنية المرجوة منه خلال الفترة القصيرة التي سيتولى خلالها كوزمين تدريب الأخضر، وكانت البداية مع المدرب الوطني عبد العزيز الخالد الذي أكد أن أهمية المرحلة المقبلة للأخضر تتطلب وقفة من الجميع «مؤيد ومعارض» على حد وصفه، كون الواجب الوطني يتطلب دعم ومؤازرة الأخضر في مهمته المقبلة، فضلا عن قصر المدة التي تفصل انطلاقة البطولة القارية «نهائيات كأس آسيا» التي لا تحتمل المزايدة وتوجيه سهام النقد.

وقال الخالد: «تعاقد اتحاد الكرة مع كوزمين أضع عليه علامات استفهام كبيرة، فلست مقتنعا بتوليه مهمة الإشراف على الأخضر لعدة أسباب، منها توفر مدربين وطنيين وأجانب في السعودية أكفاء لديهم إلمام كبير بمستويات اللاعبين وإمكاناتهم، خلاف المدرب الروماني الذي يتولى مهمة التدريب في الإمارات منذ سنوات، وليس متابعا جيدا للكرة السعودية ولاعبيها، وذلك لانشغاله بطبيعة الحال بالاهتمام بالدوري الإماراتي الذي يتولى من خلاله الإشراف الفني على إحدى فرقها، الأمر الذي يعد معه اطلاعه على مستويات اللاعبين وإلمامه بها ضئيلا جدا».

وأضاف: «رغم ذلك يظل كوزمين، بصفته اسما تدريبيا، جيدا، وله خبرة طويلة في العمل بمنطقة الخليج، فإنني لم أجد أن الفترة القصيرة الحالية كانت تتطلب الاستعانة بمدرب لديه إلمام كبير باللاعبين السعوديين ومستوياتهم الفنية، لتسهيل مهمته في ظل قصر المدة الفاصلة عن انطلاقة البطولة الآسيوية».

وأردف: «أهمية الفترة الحالية تتطلب التوقف عن توجيه سهام النقد ودعم المدرب الروماني في مهمته المقبلة، مع ضرورة استعانة اتحاد الكرة بجهاز فني وطني مساعد مع كوزمين لتسهيل مهمته، على اعتبار أن أول مشكلة ستواجهه هي عدم إلمامه بمستويات اللاعبين وإمكاناتهم الفنية، رغم أنه مدرب يمتاز بقربه من اللاعبين، لكن الفترة التي قضاها في السعودية كانت منذ سنوات ومن الطبيعي أن يكون هناك تصاعد في مستوى لاعبين وهبوط لدى آخرين».

وشدد الخالد على أن مشكلة الأخضر ليست فنية فقط، بل هي إدارية ونفسية ومعنوية، والفترة الحالية تتطلب العمل على الجانب المعنوي والنفسي للإعداد الأمثل للاعبين قبل انطلاقة المنافسات الآسيوية، مشيرا إلى أن «المرحلة المقبلة تتطلب عملا كبيرا، وتحديد المهام والتركيز العالي لتنعكس إيجابا على الأداء العام»، منوها إلى «ضرورة وضع الجهاز الفني في حساباته مشاركات اللاعبين الدوليين مع الأخضر في الآونة الأخيرة ومراعاة اللاعبين المجهدين جراء كثرة المشاركات الدولية، والاستعانة بلاعبين أكثر نشاطا وحيوية»، مبينا أن «هناك لاعبين جيدين لم يتم ضمهم لقائمة الأخضر أخيرا رغم المستويات الفنية الجيدة التي يقدمونها مع فرقهم».

وأبان الخالد أن «اللاعب السعودي قادر على المنافسة وتحقيق الألقاب». وقال: «اللاعب السعودي لديه الروح العالية التي يتميز بها عن بقية اللاعبين، والسعودي دوما عندما يكون في مهمة وطنية يتسامى عن كل شيء، ويبذل جل ما لديه لرفعة وطنه، والشواهد كثيرة، ومن تجربة شخصية مع اللاعب السعودي أؤكد أن لديه روحا عالية، وغيرته على وطنه تدفعه لتسجيل حضور مميز مهما كانت المهمة، وهو ما عهدناه عنه، ولا بد من تفعيل هذا الجانب النفسي وشحذ همم اللاعبين وإظهار الروح القتالية لديهم لتحقيق النتائج المرضية للجماهير الرياضية».

من جانبه نبه المدرب الوطني عمر باخشوين إلى أهمية تجنب الجدل حول تعاقد اتحاد الكرة السعودي مع المدرب كوزمين، مبينا أنه «بصفته مدربا لا يختلف عليه اثنان باعتباره متمكنا وملما بكواليس لاعبي المنطقة الخليجية». وواصل: «المنتخب السعودي يمر بظروف صعبة في ظل بطولتين متتاليتين (خليجي22) و(آسيا2015)، ولم يحقق الأخضر في الأولى المأمول منه، بحسب المتابعين، رغم أني أختلف معهم تماما باعتبار أن وصول المنتخب السعودي للنهائي أمر جيد في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها الكرة السعودية، وأجد أنه حقق المطلوب منه ببلوغه النهائي».

وأضاف: «ضيق الوقت دفع اتحاد الكرة السعودي للبحث عن مدرب جيد للفترة الحالية ولديه إلمام بالكرة السعودية، وأرجح أنهم كانوا أمام خيارين: التعاقد مع مدرب عادي للفترة المؤقتة، أو إحضار مدرب جيد ومؤقت، وفي كلتا الحالتين كان القرار صعبا، وكانت ستأتي معه ردود فعل جماهيرية مصاحبة، والحديث عن التعاقد مع كوزمين بأنه غير موفق لا بد أن يتوقف كون الفترة الحالية تتطلب التفاف الجميع ودعم الجهاز الفني واللاعبين في مهمته، وعلى الجميع أن يستوعبوا أمرا مهما، أن كثرة تعاقب المدربين لن تساهم في تقدم الكرة السعودية، وأي مدرب يحضر لا بد من منحه الوقت الكافي للعمل ومن ثم تقييم عمله».

وأردف باخشوين: «لو وصلنا لنهائي آسيا، ماذا سيكون رد فعل النقاد حيال المدرب كوزمين؟ وأتمنى في حال تحقيق نتائج إيجابية مع الأخضر في البطولة القارية، أن يسعى اتحاد الكرة السعودي لمواصلة المدرب الروماني مشواره مع الأخضر، بالتواصل مع الأشقاء في نادي الأهلي الإماراتي للتوصل إلى تسوية معهم، وفي حال لم يحالفه الحظ، بطبيعة الحال، لا يلام المدرب على ذلك، ولا بد أن نبحث عن مدرب قدير يتولى المهمة، ويمنح كل الصلاحيات، والأهم منها منح المدرب المقبل الوقت الكافي للعمل».

وواصل باخشوين حديثه متسائلا: «هل المشكلة في المدرب فقط؟ وعلى الجميع أن يدرك أن كم الأجهزة الفنية المتعاقبة على الأخضر في فترة بسيطة لم تسهم في رفعة الكرة السعودية، بل انعكست سلبا ولا بد من توقف سيل الانتقادات في حال تعاقد اتحاد الكرة مع مدرب قدير بعد الآسيوية ومنحه الثقة لفترة طويلة وتركه للتفرغ للعمل»، مبينا أن «المدرب يحتاج إلى فترة زمنية ليست قصيرة».

وأشار باخشوين إلى أن المدرب الروماني أمامه فترة قصيرة ستكون صعبة بطبيعة الحال ونعول عليه، بصفته مدربا جيدا وملما بالكرة السعودية، أن يقدم الأخضر بصورة مختلفة في البطولة القارية والإسهام في تقديم اللاعبين مستويات جيدة، وقال: «لكي نصل إلى أبعد نقطة مع المدرب، لا بد من منحه كل الصلاحيات لعمل ما يشاء، وأيا كانت النتائج لا بد أن نتقبلها كما يجب ألا نتحدث عنها، ونتمنى أن تكون نتائج جيدة تليق بسمعة الكرة السعودية في المحفل القاري».

في المقابل، أكد محمد الشيخ الناقد الرياضي، أن اختيار اتحاد الكرة موفق، مشيرا إلى أن «الانتقادات التي صاحبت التعاقد مع المدرب تعد رؤية ضيقة باعتباره أفضل الحلول»، وقال: «اتحاد الكرة أخطأ في البداية بمكابرته في تجديد الثقة بالمدرب الإسباني لوبيز كارو قبل انطلاقة بطولة الخليج، رغم أن الأمور كانت واضحة بعدم جدوى استمراره، فإن اتحاد الكرة ارتأى استمراره رغبة في الاستقرار، التي يدفع الآن الأخضر كلفتها باهظة قياسا بضيق الوقت الذي يفصله عن انطلاقة منافسات البطولة القارية».

وشدد الشيخ على أن «خيار اتحاد الكرة التعاقد مع كوزمين قرار موفق»، مبينا أن «التعاقد مع مدرب عالمي وذات قدرات عالية لن يكون متاحا في الفترة الحالية»، ناهيك عن حاجته للوقت لمعرفة اللاعبين وإمكاناتهم وهو الذي لن يتوفر له، وقال: «المعطيات التي يمتلكها كوزمين تشير إلى أنه قادر على النجاح، لمعرفته باللاعب السعودي وإلمامه بقدرات اللاعب الخليجي، فضلا عن معرفته بالكرة الآسيوية، وأتوقع أن يحقق الحد الأدنى من المطلوب».

من جانبه، أشار أحمد الفهيد الناقد الرياضي، أن طريقة التعاقد مع كوزمين كانت سيئة جدا ولها دلالات غير جيدة، مستغربا توجه اتحاد الكرة السعودية للخارج للبحث عن مدرب من أحد الأندية. وأضاف: «ليس من المعقول أن بلد أشبه بقارة ومشهود له عربيا بامتلاكه لأقوى الدوريات، لا يجد مدربا من أحد أنديته المحترفة أو مدربا وطنيا قادرا على قيادة المنتخب في حل مؤقت لأخطاء كبيرة ارتكبت، تمثلت في الإبقاء على لوبيز رغم سيل الانتقادات والملاحظات التي وجهت للمدرب الإسباني عبر الشارع الرياضي».

وأضاف: «بالنسبة للمدرب كوزمين فهو يملك سيرة ذاتية جيدة، وهو مدرب قدير وله خبرة بالكرة السعودية، وحقق إنجازات متعددة على مستوى الأندية التي أشرف عليها، كما أنه قادر على تغيير شكل الفرق التي يشرف عليها لقدرته على توظيف اللاعبين بصورة جيدة، والفترة القصيرة جدا أمامه، وما سيساعده أن المنتخب السعودي يضم لاعبين مهرة وجيدين ونتمنى في نهاية الأمر التوفيق للأخضر».