ميدفيديف يؤكد أن روسيا تملك الموارد المالية الضرورية لوقف أزمة الروبل

الحكومة تتعهد بالدفاع عن العملة المحلية

TT

أكد رئيس الوزراء الروسي، ديمتري مدفيديف، أمس (الأربعاء)، أن روسيا تملك الموارد المالية اللازمة لإنهاء الأزمة التي تسبب بها تدهور الروبل التاريخي من دون المساس بأسس اقتصاد السوق.

وقال رئيس الحكومة الروسية أثناء اجتماع طارئ مع وزراء القطاع الاقتصادي ورؤساء كبرى المجموعات المصدرة، نقل التلفزيون وقائعه مباشرة، إن «البلاد تملك الموارد المالية الضرورية لبلوغ أهدافها الاقتصادية، كما لديها أيضا أدوات السوق اللازمة لضمان الطلب المناسب»، رافضا في الوقت نفسه أي «ضبط بالغ الصرامة» للسوق.

وصرحت المتحدثة باسم وزارة المالية الروسية، سفيتلانا نيكتينا، لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس، أن «الوزارة تقوم ببيع عملاتها الأجنبية لدعم الروبل». وقالت المتحدثة إن «وزارة المالية تعتبر سعر الروبل أقل من قيمته الحقيقية بكثير، وبدأت في بيع فائض العملات الأجنبية لديها في السوق».

وقد تعهدت الحكومة الروسية، أمس، بالدفاع عن العملة المحلية (الروبل) في الوقت الذي واصلت فيه العملة تراجعها بعد أن انخفضت إلى مستويات قياسية خلال الأسبوع الحالي.

ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن أندريه بيلوسوف، كبير مساعدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للشؤون الاقتصادية، قوله إن «الحكومة والبنك المركزي الروسي يتوليان مهمة إنهاء العربدة في سوق العملات الأجنبية».

وقال رئيس الوزراء الروسي، ديمتري ميدفيديف، إنه «في حين أثر انخفاض أسعار النفط والعقوبات الغربية على قيمة الروبل، فإن المشكلة تتمثل في أن سعره الآن أقل من قيمته الحقيقية في السوق، لكن فرض قيود على حركة الأموال غير مفيد». وأضاف ميدفيديف خلال اجتماع لمسؤولين من الحكومة وكبار رجال الأعمال، أن «الأرقام التي نراها في مكاتب الصرافة في الأيام الأخيرة لا تعكس الصورة الحقيقية.. مصلحتنا المشتركة هي تدارك الموقف في أسواق العملة في أقرب وقت ممكن».

ووصل سعر الدولار في سوق الصرف بموسكو، بعد ظهر أمس، إلى 5.‏66 روبل، وهو ما يعني انخفاض قيمة العملة الروسية بنسبة 4 في المائة عن مستواها، مساء أمس. وبلغ سعر اليورو نحو 83 روبلا بانخفاض نسبته 8 في المائة تقريبا خلال الفترة نفسها.

كانت العملة الروسية قد انهارت بشدة، أمس، لتصل في بعض لحظات التعامل إلى مائة روبل لليورو، و80 روبلا للدولار، قبل أن تسترد جزءا من عافيتها في ختام التعاملات.

ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن نائب وزير مالية روسيا، أليكسي مويسيف، قوله إن الحكومة ستواصل بيع العملات الأجنبية «مادام ذلك ضروريا» في مواجهة اضطراب الروبل.

وقال ميدفيديف إن «الحكومة والبنك المركزي اتفقا على برنامج لتحقيق استقرار سوق الصرف». وأضاف: «لدينا احتياطي كاف من العملات الأجنبية.. وهناك أدوات سوقية لتحفيز الطلب»، مشيرا إلى أن «فرض قيود على حركة الأموال لا يفيد». وقال: «من غير المجدي تماما فرض إجراءات تنظيمية صارمة على السوق».

وقالت وزارة المالية الروسية إن لديها سيولة نقدية قدرها 7 مليارات دولار. في حين ذكرت بيانات البنك المركزي الروسي أن احتياطيات روسيا من النقد الأجنبي بلغت في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي نحو 416 مليار دولار.

وقال دبلوماسيون أوروبيون إن «الاضطرابات الحالية في روسيا ستكون على مائدة مناقشات قادة الاتحاد الأوروبي خلال قمتهم المقررة غدا في بروكسل». وقال دبلوماسي طالبا عدم الكشف عن هويته: «نحن نرى تأثير ذلك على السوق (المالية) في أوروبا، لذلك ستكون هناك مناقشة سياسية». وأضاف أن «الأمر لم يصل إلى حد الانهيار المالي الذي حدث عام 1998».

وقد كثفت روسيا مساعيها، أمس، لوقف تدهور عملتها (الروبل)؛ حيث قامت ببيع المليارات من احتياطيها من العملات الأجنبية لدعم العملة وسط أسوأ أزمة اقتصادية يواجهها الرئيس فلاديمير بوتين طوال 15 عاما من الحكم. وفي الوقت ذاته أعربت واشنطن عن استعدادها لفرض مزيد من العقوبات على روسيا على خلفية النزاع في أوكرانيا. وقد ساهم ذلك إضافة إلى انخفاض أسعار النفط في إحداث عاصفة أدت إلى تدهور الروبل بشكل متسارع.

وخسر الروبل خُمس قيمته في يوم واحد (الثلاثاء)، ليفقد 60 في المائة من قيمته منذ بداية العام.

وكتبت صحيفة «فيدوموستي» المتخصصة في الأعمال في افتتاحيتها، أمس: «هذا وضع خطير للغاية.. وبعد أيام قليلة قد يقوم أصحاب الحسابات بعمليات سحب واسعة من البنوك»، محذرة من أن تسود مشاعر «الذعر» في البلاد. وقال محللو بنك «ألفا» إن «تهدئة الناس ومعالجة أي قضايا يعاني منها القطاع المصرفي بشكل استباقي أصبحت أمورا غاية في الأهمية، خصوصا قبل عطلة نهاية الأسبوع».

وما زاد في تدهور الوضع تأكيد البيت الأبيض في وقت متأخر، أول من أمس، أن الرئيس أوباما يعتزم المصادقة على قانون يفرض مزيدا من العقوبات على روسيا بسبب دورها في أوكرانيا.

وأعرب رئيس الوزراء، ديمتري مدفيديف، عن ثقته بأن موسكو قادرة على احتواء الأزمة، وقال في اجتماع طارئ نقل التلفزيون وقائعه مباشرة مع الوزراء وقادة الصناعة: «البلاد لديها موارد العملات التي تمكنها من تحقيق جميع الأهداف الاقتصادية والإنتاجية التي حددتموها».

وأعلن البنك المركزي الروسي، أمس (الأربعاء)، أنه انفق 1.96 مليار دولار، الاثنين الماضي، لحماية الروبل؛ مما يرفع الحجم الإجمالي لتدخلاته إلى أكثر من 10 مليار دولار منذ مطلع الشهر. وأعلن البنك المركزي في وقت متأخر منن الاثنين الماضي، عن زيادة كبيرة في نسبة الفائدة من 10.5 في المائة إلى 17 في المائة، إلا أن ذلك لم يوقف تدهور الروبل.

وكتب محللون في مصرف «ألفا بنك» أن العملة «تواصل تدهورها في الوقت الذي يبدو فيه بنك (روسيا) مصمما على الاحتفاظ بالاحتياطيات؛ مما يسمح للعملة المحلية بالاستقرار بشكل طبيعي في مدى معين». وواجهت استراتيجية البنك انتقادات قاسية في الإعلام الروسي، أمس الأربعاء.

وكتبت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» اليومية على صفحتها الرئيسية، أن «البنك المركزي دفن الروبل»، بينما قالت صحيفة «نوفيي أزفيستيا» إن «البنك لم يتمكن من وقف تدهور الروبل».

وصرحت متحدثة باسم وزارة المالية الروسية لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس، أن «الوزارة تقوم ببيع عملاتها الأجنبية لدعم الروبل».

وقالت المتحدثة سفيتلانا نيكتينا إن «وزارة المالية تعتبر الروبل أقل من قيمته الحقيقية بكثير، وبدأت في بيع فائض العملات الأجنبية لديها في السوق».

وقالت وزارة المالية إنها تملك نحو 7 مليارات دولار لدعم الروبل، وأكدت: «سنفعل ذلك للمدة الضرورية»، إلا أن الحكومة تتردد في المساس بصندوق الضمان الوطني الطارئ المقدرة قيمته بنحو 3 ترليونات روبل.

وفي اجتماع طارئ، أول من أمس، قررت الحكومة الروسية مجموعة من الإجراءات لدعم الوضع الاقتصادي، بحسب وزير الاقتصاد أليكسي أوليو كاييف.

ووجهت انتقادات لبوتين؛ حيث قالت صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس»: «لقد فقدنا الشعور بأن بوتين هو الساحر الذي يستطيع السيطرة على كل شيء»، مضيفة أن الرئيس حتى الآن «لا يتأثر بالانتقادات».

ولم يدلِ بوتين بأي تصريحات حول الأزمة الاقتصادية هذا الأسبوع، إلا أن المتحدث باسمه قال إن «هذه مسألة تتعلق بالحكومة وليس بالكرملين. ومن المقرر أن يعقد الرئيس مؤتمره الصحافي المنتظر بمناسبة نهاية العام، الخميس».

وفي برلين قال مسؤول بالمفوضية الأوروبية، أمس، إن «المفوضية قلقة من التطورات الأخيرة في روسيا وليس لها أي مصلحة في تعثر اقتصاد البلاد». وقال المسؤول، في مؤتمر صحافي في برلين قبيل قمة قادة الاتحاد الأوروبي التي تبدأ غدا (الخميس) في بروكسل: «نراقب بقلق التطورات الاقتصادية في روسيا». وأضاف: «ليس في صالح أحد أن تنزلق روسيا في براثن ركود حاد».

وانخفضت الأسهم الأوروبية في بداية التعاملات، أمس، لتبدد جزءا من مكاسبها في الجلسة السابقة بفعل المزيد من التراجع في أسعار النفط، فضلا عن أزمة مالية تلوح في أفق روسيا. ونزل مؤشر يوروفرست 300 للأسهم الأوروبية الكبرى 9.‏0 في المائة إلى 21.‏1303 نقطة. وهبطت العقود الآجلة لبرنت أكثر من 1 في المائة، أمس (الأربعاء)، في سادس جلسة من الخسائر على التوالي؛ إذ أبقت المخاوف المستمرة من تخمة المعروض الأسعار قرب أدنى مستوى في 5 سنوات ونصف دون 60 دولارا للبرميل. ونزل سهم توتال 2.‏1 في المائة، وسايبم 9.‏0 في المائة، وبي بي 5.‏0 في المائة.

وفي أنحاء أوروبا نزل مؤشر فايننشال تايمز البريطاني 4.‏0 في المائة، وداكس الألماني 2.‏1 في المائة، ومؤشر كاك 40 الفرنسي 3.‏1 في المائة عند الفتح.

وفي ألمانيا حذرت مجموعة أعمال ألمانية أمس (الأربعاء) من تداعيات انهيار العملة الروسية على الاقتصاد الألماني، وتوقعت انخفاض صادرات ألمانيا إلى روسيا بنسبة 20 في المائة هذا العام ومزيدا من الانخفاض في السنوات المقبلة.

وقال إكيهارد كورديس، رئيس مجموعة لجنة العلاقات الاقتصادية مع أوروبا الشرقية الصناعية، إن «الهبوط الحاد الذي شهده الروبل سيضر بالتجارة التي تضررت بالفعل بالعقوبات الغربية التي فرضت على موسكو بسبب الأزمة الأوكرانية، مما أدى إلى انخفاض عائدات الشركات الأجنبية العاملة في روسيا». وصرح لصحيفة «هاندسبلات» اليومية المتخصصة في الأعمال: «لقد حذرت من الشماتة.. لأن زعزعة روسيا ليست في مصلحة أحد، وستؤثر علينا جميعا». وأضاف: «في الوقت الحالي نتوقع انخفاض الصادرات الألمانية إلى روسيا بنسبة 20 في المائة 2014، ولكن إذا استمر الوضع الراهن فيمكن أن نشهد انخفاضا أكبر».

وسجل الروبل هذا الأسبوع أدنى مستوى له مقابل الدولار واليورو، وخسر نحو 60 في المائة من قيمته منذ بداية العام بسبب انخفاض أسعار النفط والعقوبات الغربية المفروضة على روسيا.

وقال كوردس، الرئيس السابق لسلسلة المتاجر الألمانية مترو، إن «الشركات الألمانية في روسيا، خصوصا شركات صناعة السيارات والآلات تواجه حاليا خيارا صعبا مع ارتفاع كلفة استيراد المكونات والمواد بشكل كبير». وقال إن «هذه الشركات إما أن تواصل الإنتاج وتقبل تقلص أرباحها، أو ترفع الأسعار وتواجه انهيارا في الطلب».

وحذرت غرفة الصناعة والتجارة الألمانية كذلك من أن أعضاءها سيتضررون كثيرا من «الانخفاض الكبير في القوة الشرائية» للروس، وقالت إن «توقعات التجارة والاستثمار قاتمة».

وصرح الخبير في التجارة الخارجية الألماني، فولكر ترير، لصحيفة «نيو أوسنابروكر تسايتونغ»، أن «مصانع السيارات الألمانية خفضت، منذ أسابيع، ساعات العمل، كما استغنت عن أعداد من الموظفين». وأشار إلى موجة تسوق في روسيا وسط محاولة الناس التخلص من أموالهم بالروبل التي تفقد قيمتها، إلا أنه أضاف أن «هذا الأمر سيتوقف عند نفاد المدخرات».