وزير ليبي لـ («الشرق الأوسط») : ترقية حفتر إلى رتبة فريق أول خلال أيام

الأمم المتحدة متفائلة بالحوار الوطني رغم استمرار القتال

اللواء خليفة حفتر
TT

علمت «الشرق الأوسط» أن مجلس النواب الليبي سيعلن رسميا خلال الأيام المقبلة عن ترقية اللواء خليفة حفتر قائد عملية الكرامة التي يشنها الجيش الوطني الليبي ضد المتطرفين في ليبيا، إلى رتبة الفريق أول ليصبح بذلك أرفع مسؤول عسكري في الجيش الليبي.

ويعنى هذا القرار المرتقب تأكيد المعلومات التي انفردت «الشرق الأوسط» بنشرها أخيرا عن اعتزام البرلمان الذي يعتبر أعلى سلطة تشريعية وسياسية في ليبيا، تعيين حفتر ليتولى منصب القائد العام للقوات المسلحة الليبية مع تكليفه رسميا بإعادة بناء الجيش الليبي.

وقال وزير في الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني لـ«الشرق الأوسط» في تصريح مقتضب: «نعم، اعتبارا من الآن سنطلب من مختلف وسائل الإعلام استخدام اسم الفريق أول خليفة بلقاسم حفتر، عند تناول أخباره».

لكن الوزير الليبي، الذي اشترط عدم تعريفه، امتنع عن ذكر الأسباب وراء هذا القرار، مكتفيا بالقول: «لاحقا سيتم تعيين حفتر في منصب عسكري رفيع».

في المقابل أعلن اللواء عبد السلام العبيدي، الرئيس السابق لأركان الجيش الليبي الموالي للمؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق المنتهية ولايته)، عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة للسيطرة على العمليات العسكرية في ربوع ليبيا كافة وتكليف العميد محمد الأشطر بقيادتها.

وأوضح العبيدي في مؤتمر صحافي عقده أمس بالعاصمة طرابلس، أن الغرفة ستتكون من القوات العسكرية التابعة لرئاسة الأركان في المناطق العسكرية، ومن قادة الدروع، بالإضافة إلى مندوبين عن رئاسة الأركان والهيئات والإدارات المختلفة. لافتا إلى جاهزية هذه القوات لتنفيذ مهامها.

ومع ذلك فقد ادعى العبيدي حيادية رئاسة الأركان العامة عن التجاذبات السياسية في البلاد، وأنها مؤسسة عسكرية مهمتها تأمين المواطن والحدود وإرجاع الموانئ والمطارات والأهداف الحيوية لسيادة الدولة، مشيرا إلى أن رئاسة الأركان العامة طالبت الثوار المنضوين تحتها بتشكيل فريق عمل للحوار مع المؤتمر الوطني وما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني التي يترأسها عمر الحاسي (المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين وقوات فجر ليبيا)، ليكون لهم رأي في الحوار القادم لحل المشكلات السياسية العالقة في ليبيا.

من جهتها، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أنها استبشرت خيراً بما وصفته بالردود الإيجابية على مبادرتها الداعية إلى عقد جولة حوار سياسي بين مختلف الفرقاء في ليبيا.

واعتبرت البعثة في بيان أصدرته أمس وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن الخطوة التي أقدمت عليها الأطراف بتسمية أعضاء الوفود التي ستشارك في الحوار، تعد خطوة في الاتجاه الصحيح، وهي تعكس التزام هذه الأطراف بإيجاد حل سلمي للأزمة السياسية والعسكرية الحالية التي تمر بها ليبيا.

وأوضحت البعثة أنها ستستمر بإجراء المشاورات مع الأطراف خلال الأيام القادمة بغية وضع اللمسات الأخيرة على التحضيرات الحالية لعقد الحوار والتي تشمل التفاصيل المتعلقة بالمكان والتوقيت، كما لفتت إلى أن موافقة الأطراف على المشاركة بالحوار تشكل إشارة واضحة على إصرارها على بذل كل جهد ممكن بغية حماية العملية السياسية في المرحلة الانتقالية في ليبيا والمضي قدما نحو بناء دولة حديثة وديمقراطية قائمة على سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.

ومع ذلك فقد أعربت البعثة عن قلقها العميق بسبب القتال الحالي والمحاولات التي يبذلها كلا الطرفين لتدعيم وتعزيز مواقعهما في منطقة الهلال النفطي، مشيرة إلى أن من شأن هذا التصعيد تقويض الجهود المستمرة الرامية إلى عقد جلسة الحوار، كما أنه سيخلف بالتأكيد آثاراً سلبية خطيرة على اقتصاد ليبيا.

وناشدت البعثة جميع القوات على الأرض فض الاشتباك والانسحاب فوراً من منطقة الهلال النفطي لتفادي تفاقم الوضع المأساوي الذي تعاني منه البلاد. وأضافت: «كما يجب على جميع الأطراف الكف عن أي عمل من شأنه عرقلة جهود الحوار وتعريض شريان البلاد الاقتصادي للخطر، فالنفط الليبي يعد مورداً استراتيجياً وهو ملك الشعب الليبي بأسره، هذا الشعب الذي يستحق فرصة العيش في ظل الاستقرار والازدهار».

وحذرت البعثة أولئك الذين يدعون إلى التصعيد العسكري، والذين يقومون بوضع العراقيل أمام التوصل إلى حل سياسي توافقي للأزمة، بأن أعمالهم هذه تشكل خرقاً لقرار مجلس الأمن 2174 (2014)، وأن الأفراد والكيانات الذين يهددون السلام أو الاستقرار أو الأمن في ليبيا سيواجهون عقوبات محددة الأهداف.

وقال البيان إن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، برناردينو ليون، سيقدم إحاطة إلى مجلس الأمن في أوائل الأسبوع القادم حول الجهود التي يبذلها والتحديات التي تواجه انعقاد الحوار بما في ذلك استمرار تصعيد عمليات الاقتتال المسلح على الرغم من دعوات المجتمع الدولي المتكررة لوقف القتال.

ميدانيا، شن الجيش الليبي أمس 3 غارات جوية على أهداف بمدينة غريان جنوب العاصمة الليبية طرابلس، حيث أعلن عبد الجليل احفيظ المتحدث باسم القوة الرابعة بدرع ليبيا التابعة لقوات «فجر ليبيا» المسيطرة على طرابلس، «إن طائرة مقاتلة يشتبه بأنها نوع (ميغ 21) نفذت 3 ضربات جوية على بوابة الأمن العام ومقر الشركة التركية في أبورشادة وغوط الريح جنوبي مدينة غريان» الواقعة على بعد 80 كيلومتر جنوب طرابلس.

وقال احفيظ لوكالة أنباء «شينخوا» الصينية إن «الهجوم لم يسفر عن خسائر مادية أو بشرية»، فيما قال آمر منطقة جبل نفوسة العسكرية العقيد محمد شطيبة إن الطيران الحربي استهدف مقر المعسكر بمنطقة الحمراء «أبو غلان» والبوابة الأمنية بمنطقة القدامة، مشيرا إلى أن المضادات الأرضية تصدت لهذا الطيران، مما أدى إلى ابتعادها دون إصابة أي هدف.

وقالت وكالة الأنباء الموالية لحكومة الحاسي إن ما وصفته بالقصف العشوائي أسفر عن تدمير عدد من حظائر الدواجن ومقر شركة تركية دون أي إصابات بشرية.

وتنفذ مقاتلات تابعة للجيش الليبي ضربات جوية منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على مواقع في مدن (طرابلس - زوارة - الزاوية - صرمان - غريان)، وهي مواقع عسكرية تتحصن فيها قوات «فجر ليبيا»، بحسب ما أعلن الجيش.

بموازاة ذلك، كشف مسؤول بديوان المحاسبة الموالى لحكومة الحاسي عن اتخاذ إجراءات قد تتضمن الإيقاف عن العمل بحق عدد ممن أسماهم بالمسؤولين الليبيين المخالفين بالسفارات والقنصليات بالخارج والذين حالوا دون تمكين اللجان المكلفة من الديوان بأعمال الفحص والمراجعة بممارسة مهامها المنوطة بها قانونا. وأوضح مسؤول بالديوان أنه لن يسمح تحت أي ظرف بتحويل أموال الليبيين لجهات عامة تعرقل مسؤولية ممارسته لاختصاصه بالرقابة على المال العام.

وتسيطر قوات «فجر ليبيا» المؤلفة من عناصر متشددة وثوار من مدينة مصراتة (شرق طرابلس) على العاصمة الليبية، حيث مركز التحكم والمراقبة الجوي الرئيسي لكل المنافذ الجوية بالبلاد منذ أغسطس (آب) الماضي بعد معارك مع قوات الزنتان الموالية للحكومة المؤقتة. كما تسيطر على مطارات معيتيقة بطرابلس ومصراتة وسرت (شرق العاصمة) وزوارة (غرب).

وتعاني ليبيا من تدهور أمني يتمثل في معارك بين الجيش وقوات موالية له من جهة ومسلحين متشددين وقوات فجر ليبيا من جهة أخرى في كل من بنغازي شرق البلاد ومناطق بغرب طرابلس، بجانب انقسام سياسي يتمثل في وجود حكومتين وبرلمانين، بعدما دعت القوات المسيطرة على طرابلس البرلمان السابق للانعقاد وتشكيل حكومة موازية.