العبادي يجتاز حاجز المائة يوم الأولى من عمر حكومته.. بخزينة خاوية

كتل سياسية تحدثت إليها («الشرق الأوسط») اتفقت على وجود تقدم.. وتعد الحكم عليه سابقا لأوانه

صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقي لرئيس الوزراء حيدر العبادي خلال حضوره أمس المؤتمر الخاص بإطلاق تقرير التنمية البشرية في العراق
TT

على وقع الوعود والنوايا الحسنة وتحديات تنظيم داعش والهبوط المتسارع في أسعار النفط، اجتاز رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي المائة يوم الأولى من عمر حكومته ولكن بخزينة خاوية.

العبادي، الذي شكل حكومته في التاسع من سبتمبر (أيلول) الماضي بعد صراع عنيف مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي بقي متمسكا بما عده حقا دستوريا له بولاية ثالثة، كان وقع مع الكتل السياسية الرئيسية، لا سيما كتلة التحالف الكردستاني وكتلة تحالف القوى العراقية فضلا عن كتلة التحالف الوطني التي رشحته غالبية مكوناتها كبديل للمالكي، ما عرف بوثيقة «الاتفاق السياسي» التي مثلت البرنامج الحكومي له وترتبط الكثير من فقراتها بتوقيتات زمنية لا يزال يحاول إنجاز ما وعد به من فقرات بالرغم من التحديات التي كانت تواجهه والمتمثلة بسيطرة تنظيم داعش على أكثر من 40 في المائة من الأراضي العراقية من خلال احتلال الموصل وصلاح الدين وأجزاء من ديالى والأنبار.

وفي الوقت الذي تفاوتت ردود فعل القوى السياسية حيال فترة المائة يوم، فإن العبادي أكد في الكلمة التي ألقاها أمس في المؤتمر الخاص بإطلاق تقرير التنمية البشرية أن «الحكومة تجاهد من أجل محاولة الوصول إلى موازنة فاعلة لإقرارها سريعا في مجلس النواب». وأشار العبادي إلى «وجود من يضيع ثروات البلد ويحاول الاستيلاء عليها بشكل غير نزيه»، داعيا القيادات السياسية إلى «الاتجاه إلى طبقات المجتمع الأكثر ضعفا والتعامل معها ورعايتها كون الناس جميعا مكرمين».

ولفت العبادي إلى أن «البعض قام بفرض الحرب الأهلية وأضاع الثروات واستولى عليها بعد عام 2003 ما ساهم بشكل كبير في ضياع فرص الشباب وطموحاتهم». وأكد العبادي أن «زيادة إيرادات الدولة هو ليس بالضرورة مقياسا لرفاهية المجتمع، لأن زيادتها في بعض الأحيان يؤدي إلى اتساع الفارق بين فئات وشرائح المجتمع وبالتالي تصبح وبالا على المجتمع». ودعا العبادي إلى «استثمار الأمل من أجل تحقيق التنمية واستغلال طاقات الشباب بالرغم مما تمر به البلاد من تحديات الإرهاب والفساد».

وأكدت كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي استمرار تأييدها للعبادي برغم أن التحالف الكردستاني كان قد حدد سقفا زمنيا لمشاركته في حكومته لا يتعدى الـ3 أشهر. وقالت رئيسة كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراق، آلا طالباني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «ما حصل بعد تشكيل الحكومة أمر فاجأنا جميعا لا سيما التحديات التي لم تكن متوقعة وهي الانخفاض الكبير في أسعار النفط وهو ما جعل وضع الموازنة مربكا للجميع، وبالتالي فإن رهن تحقيق المنجزات بمدد زمنية محددة أمر قد لا يكون واقعيا شريطة أن تبقى الوعود والنوايا كما هي حتى لا تحصل انتكاسة لنا جميعا». وأضافت النائبة أن «التحالف الكردستاني حتى وإن كانت له مطالب معروفة وهي مطالب في إطار الدستور العراقي فإننا كنا وما زلنا نتمنى أن تكون المنجزات التي تتحقق هي للعراقيين جميعا». وأشارت إلى أنه «برغم التحديات التي هي تحديات للجميع فإننا نرى أن هناك تقدما حصل في الكثير من القضايا ولعل الاتفاق النفطي مع الإقليم كان واحدا منها والذي بدأ بالتبلور الآن من خلال اللجان التي تم تشكيلها والتي سوف تضع مفردات الاتفاق موضع التوفيق يضاف إلى ذلك المطالب التي رفعها الإخوة السنة وهي أيضا مطالب مشروعه وتلقى تجاوبا ولذلك فإننا برغم أننا حددنا فترة زمنية لكننا نرى اليوم أنه يتوجب على الجميع تأييد الحكومة لأن التأخير في إنجاز أي مطلب لا يعود لها إنما سببه التحديات التي تتطلب الوقوف بوجهها حتى تتمكن الحكومة من تحقيق ما وعدت به».

من جهته، أكد عضو البرلمان عن ائتلاف الوطنية حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «فترة المائة يوم الأولى قد لا تكون شهدت إنجازا حقيقيا مثلما كنا نتوقع ونتمنى لكن ما أود التأكيد عليه هو أن النوايا حسنة والجهود التي تبذل لتذليل العقبات لا بأس بها وتحتاج إلى مساعدة الجميع، وبالتالي فإن عملية التقييم قد تكون سابقة لأوانها لا سيما إن ما يمر به البلد خطير ويحتاج إلى تعاون الجميع لاجتياز هذا الظرف، يضاف إلى ذلك أن هناك من لا يزال يحاول أن يضع العراقيل أمام الحكومة لكي تفشل»، مبينا أن «رموز الفساد ومافياته يعملون بكل الطرق من أجل إفشال العبادي لكن مع ذلك لا يزال المطلوب منه الكثير خصوصا أن عمليات القتل والخطف في بعض المناطق لا سيما محافظة ديالى تحتاج إلى وقفة أكثر جدية لأنه لا يمكن القبول بذلك تحت ذريعة التحديات والظروف».

أما عضو البرلمان عن كتلة المجلس الأعلى الإسلامي محمد المسعودي فيرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الحراك السياسي اليوم حراك جيد بعكس ما كان يجري سابقا من أمور وأوضاع سلبية أثرت على البلد على كل المستويات»، مؤكدا أن «تحدي (داعش) بات يشكل خطرا على الجميع وأعطى رسالة مفادها أن الجميع مستهدفون وهو ما أدى إلى حصول توافق سياسي انعكس بشكل إيجابي على ما بدأت تحققه الحكومة من منجزات برغم التحديات الكبيرة». وأضاف المسعودي أن «ما يجب الانتباه إليه هو أن هناك من لا يزال يغرد خارج السرب ويضع العراقيل ولا يريد للحكومة أن تنجح ولكن لأنه لا يجد صدى لما يقول فإنه لم يعد قادرا حتى على التصريح وإنما حياكة المؤامرات السرية لكننا منتبهون جدا لما يقوم به هؤلاء ممن فشلوا فشلا ذريعا خلال الفترة السابقة».