فلسطينيون يهدمون قبر النبي يوسف إثر انسحاب مفاجئ للجيش الإسرائيلي منه

شيراك يبدي استياءه من تدنيس القبر ويدعو لوقف العنف

TT

القدس المحتلة ـ باريس: الوكالات بعد ساعات قليلة من قيام الجيش الاسرائيلي فجر امس باخلاء قبر النبي يوسف في نابلس بالضفة الغربية، في خطوة مفاجئة العالم، قام فلسطينيون بهدم المبنى المكون من خمس غرف تؤوي قبر النبي يوسف مستخدمين المعاول الحديدية والمطارق، واشعلوا النيران في الغرفة التي تضم القبر وتعلوها قبة بيضاء اللون، ولم يبق من المبنى سوى الجدران. واعلن قائد الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية الجنرال بيني غانتز ان عودة الجيش الاسرائيلي الى المكان الذي دمره الفلسطينيون محتملة «بدون ادنى شك». الا ان نائب وزير الدفاع افراييم سنيه اكد ان الجيش الاسرائيلي لن يعود ابدا للمكان. وفي باريس عبر الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن استيائه من هدم قبر النبي يوسف وتأثره لهذه الاحداث غير المقبولة وجدد نداءه لوقف العنف ومعاودة الحوار.

واخلى الجيش الاسرائيلي جنوده من مقام قبر النبي يوسف، وسحب الجنود العشرة الذين كانوا في المبنى اضافة الى طبيب وممرضة مع عتادهم قبل ان يتسلم عناصر الشرطة الفلسطينية الموقع، وهي خطوة اعتبرها الفلسطينيون اول نصر ميداني لهم. وانسحب الجنود الاسرائيليون من المقام في الساعة الثالثة من فجر امس، واكدت الحكومة الاسرائيلية ان الخطوة اتخذت بتنسيق كامل مع السلطة الفلسطينية. واكد الجيش الاسرائيلي ان رئيس الوزراء ايهود باراك اتخذ هذا القرار بتوصية من رئيس هيئة الاركان الجنرال شاوول موفاز ورئيس جهاز الامن الداخلي «شين بيت» ابراهام ديشتر. واوضح الجيش في بيان ان القرار اتخذ بهدف تجنب حصول صدامات واعمال عنف بين الاسرائيليين والفلسطينيين.

واكد بيان الجيش ان قرار الانسحاب «مؤقت» وان السلطة الفلسطينية «تعهدت احترام حرمة القبر ومنع السكان الفلسطينيين من الدخول اليه».

وذكرت الاذاعة الاسرائيلية العامة ان جنديا اصيب بجروح في ظروف لم تتضح بعد.

وقد رحبت القيادات الامنية الاستخبارية الاسرائيلية بقوة بالقرار الذي اتخذه باراك، ووصف قائد قوات حرس الحدود الجنرال اسحاق دادون الذي ترابط قواته عادة في المقام القرار بانه «قرار شجاع وينسجم مع الاوضاع الميدانية السائدة في المكان». من جهتها، نددت المعارضة اليمينية فورا بعملية الاجلاء ورأى حزب الليكود فيها «استسلاما جديدا ومعيبا من حكومة باراك التي رضخت لعنف الفلسطينيين». واضاف الليكود «بالامس رضخت الحكومة في جبل الهيكل واليوم في قبر يوسف وغدا سيكون التنازل في اي مكان في اسرائيل».

وكان بيان الليكود يشير الى انسحاب الشرطة الاسرائيلية، وللمرة الاولى، من باحة الاقصى واخلائها لناشطين من حركة فتح ليتولوا تنظيم الامن خلال صلاة الجمعة في المدينة القديمة بغية تجنب حصول اعمال عنف.

وفي المقابل، اشادت حركة السلام الان المعارضة للاستيطان بالقرار الشجاع الذي «اتخذه رئيس الوزراء الامر الذي سيؤدي الى خفض حدة التوتر».

ودعت حركة السلام الان باراك الى اصدار الاوامر «لاجلاء مواقع اخرى نعرف تماما انها ستنتقل الى السيادة الفلسطينية ضمن اطار اتفاق سلام نهائي». واوردت الحركة على سبيل المثال مستوطنة نتساريم في قطاع غزة حيث تدور مواجهات متواصلة منذ اكثر من اسبوع.

وعلى امتداد الساعات، لم يتوقف سيل السيارات القادمة من مناطق شتى للاحتفال بحدث الانسحاب من قبر النبي يوسف.

وسرعان ما غطي القبر بالاعلام الفلسطينية الا ان اجواء الفرح تبددت ليحل مكانها الغضب، اذ استخدم متظاهرون العصي والمطارق بنية واضحة لهدم المبنى. ولم يتحرك رجال الشرطة الفلسطينية وعددهم يناهز المائة لمنعهم من القيام بذلك.

ويعتبر الكثيرون من اليهود المتدينين المكان مقدسا. وبنى يهود متشددون في مطلع الثمانينات كنيسا ومدرسة دينية في المكان، واستمرت اسرائيل في احتلال منطقة القبر رغم انسحابها من نابلس عام 1995.

وكشف نائب درزي في البرلمان الاسرائيلي النقاب عن الملابسات التي دفعت رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك لاصدار الاوامر لقواته بالانسحاب من مقام «قبر النبي يوسف» في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية. فقد صرح النائب صالح طريف رئيس لجنة الداخلية في الكنيست الاسرائيلي ان كلا من جبريل الرجوب قائد جهاز الامن الوقائي الفلسطيني في الضفة الغربية والعميد الحاج اسماعيل جبر قائد قوات الامن الوطني الفلسطيني في الضفة الغربية قد اتصلا به وابلغاه ان قوات الامن الفلسطينية تنوي اقتحام مقام قبر النبي يوسف واخراج الجنود الاسرائيليين منه. ويضيف طريف ان الرجوب وجبر قد حذراه من ان معظم الجنود الاسرائيليين الذين يحرسون المكان هم من الدروز وان هناك احتمال ان يتعرض هؤلاء الجنود للموت في المواجهات التي من المتوقع ان تندلع في اعقاب ذلك. وقال طريف انه اتصل فورا بباراك وابلغه بالامر وحذره انه في حال مقتل المزيد من الجنود الدروز فان ردة فعل الطائفة الدرزية ضد الدولة ستكون قاسية. وافاد طريف ان باراك سارع لاتخاذ هذه الخطوة في اعقاب ذلك. وقد علم ان الفلسطينيين قد رفعوا العلم الفلسطيني على المكان لاول مرة. وقد اعتبر الفلسطينيون ان انسحاب الجيش الاسرائيلي من المقام بمثابة اول نصر ميداني لهم منذ تفجر انتفاضة الاقصى قبل عشرة ايام. وقد مثل مقام «قبر النبي يوسف» للفلسطينيين في نابلس رمز الاحتلال، حيث اجبرت اسرائيل السلطة الفلسطينية اثناء المفاوضات على اتفاق اريحا في عام 1995 على قبول بقاء قبر يوسف تحت الحماية الامنية الاسرائيلية على الرغم من ان المكان يقع في قلب الاحياء الشرقية من مدينة نابلس.