سيدة سعودية تحول حياتها من العوز إلى الكسب الوفير

الهنوف محمد الحازمي تنفض غبار الإحباط وتحصد جائزة بـ300 ألف ريال بمشروع «سدو»

TT

«الإحباط قوة دافعة للنجاح». هذا هو الشعار الذي رفعته السيدة السعودية الهنوف محمد الحازمي، التي رفضت أن تستسلم وتكون أسيرة للإحباط والخيبة والظروف التي تكالبت عليها نتيجة انفصالها عن زوجها السابق، بعد أن أنجبت منه 4 أبناء باتوا يثقلون كاهلها المادي في ظل المتطلبات المتزايدة للمعيشة الكريمة؛ إذ سعت بجد لتوفير كل ما يحتاجه أبناؤها كي لا يكونون أقل من غيرهم من حيث المظهر والمأكل والمشرب والملبس، وحتى اقتناء الكماليات، وحتى لا يعيشون حياة تجعلهم معرضين للإحباط والعقد النفسية والنقص، وغير ذلك من الدواعي التي تؤثر في نفسياتهم حينما يدركون أنهم أقل من غيرهم في المجتمع.

السعودية الهنوف الحازمي، وهي حاليا في العقد الثالث من عمرها، ثابرت وتحدت كل الظروف وباتت مثالا يقتدى به للسيدة المثابرة والمجتهدة في منطقة الجوف شمال المملكة، وتوجت عملها وجهدها ومثابرتها لتكون السيدة رقم «22» في ترتيب اللواتي سبق لهن الفوز بجائزة الأميرة صيته بنت عبد العزيز للتميز في العمل الاجتماعي، ومبلغ مالي قدرة 300 ألف ريال، حيث ستتسلمه في الاحتفال الذي سيقام في العاصمة الرياض، بعد غد (الثلاثاء)، في فندق «الفيصلية» عن مشروعها في صناعة «السدو» ضمن الفرع الثاني للجائزة «مشروعات المستفيدين» في دورتها الثانية، وموضوعها: «التمكين الاجتماعي والاقتصادي للمطلقات والمعلقات والأرامل».

في حكايتها عن قصة العزيمة والإصرار التي جعلت منها سيدة منتجة تعتمد على الله، ثم على نفسها في توفير حياة كريمة، تقول الهنوف الحازمي: «بحثت عن مصدر رزق يساعدني في تربية أبنائي الأربعة بعد أن هجرني زوجي، وأن أتجاوز الظروف الصعبة التي كنت أمر بها، وسعيت لكسر حالة الإحباط التي كانت تحيطني وقتها، فقدمت مشروعي لمركز بناء الأسر المنتجة (جنى) الذي ساعدني بمبلغ (وصفته بالكبير رغم محدوديته)، والذي لم يتجاوز 6 آلاف ريال، ومن خلاله استطعت أن أشتري بعض الأدوات الأولية في صناعة وغزل السدو، الذي - ولله الحمد - بدأ يدر علي دخلا يكفيني عوز الحاجة من الجمعيات الخيرية أو من بعض المتبرعين، وحتى المعونات المقطوعة».

«بدأت خطوة خطوة حتى قمت بإنتاج أعمال ومناظر من التراث والحرف اليدوية، واجهت صعوبات كثيرة، وهي أنني لا أملك المادة لكي أشتري المواد التي أنسج بها، ففكرت بجمع الصوف وبقايا الأقمشة والخيوط من جارتي، وبدأت أنسج أعمالا بسيطة وأبيعها، وبثمنها أشتري موادا أخرى، بالإضافة إلى أخذي قرضا من المركز ضمن مشروع القروض متناهية الصغر ودعم المشاريع الواعدة، فتكوَّن لدي رأسمال للمشروع. ومنه تعززت إمكانياتي وقدراتي المادية؛ مما جعلني أقوم بالعمل من داخل منزل الوالد وعرض أشغالي على من حولي، حتى وصلت سمعتي لعدد كبير من الناس ونجح مشروعي بفضل من الله، ثم بإصراري الذي أوصلني إلى المشاركة في المعارض والبازارات التراثية، ومنها: مهرجان الجنادرية الذي له دور بارز في توسع شهرتي وترك بصمة إيجابية لكل من تعامل معي واقتنى أعمالي».

وفي ختام حديثها قالت الهنوف: «أتقدم للمركز الذي دعمني في خطوتي الأولى، وكذلك لأمناء جائزة الأميرة صيته بنت عبد العزيز للتميز في العمل الاجتماعي الذين فتحوا لي نافذة جديدة لأطور عملي حتى أصل إلى الاستدامة المالية في هذا المشروع».

يذكر أن أمناء الجائزة خصصوا للفرع الثاني من الجائزة «مشروعات المستفيدين» مبلغ 4.8 ملايين ريال حيث فاز بهذا الفرع «21» سيدة، وهو موجه لصاحبات المشروعات من النساء ممن قمن بإنشاء مشروعات أعمال ابتكارية وأصيلة، أدت إلى تمكينهم اقتصاديا واعتمادهم على أنفسهم، وكان للجائزة المالية المجزية التي قدمتها المؤسسة أثر كبير في تطور مشاريع كثير من السيدات؛ حيث توسعت مشاريعهن وتحولت حياتهن من العوز والحاجة إلى الربح الوفير في المجال التجاري الذي انتهجوه.