إردوغان يدافع عن اعتقال صحافيين ويتابع تحقيقات غولن

أشار إلى اعتقال صحافيين في بريطانيا في فضيحة التنصت على الهواتف

رجال شرطة أتراك يستخدمون خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لتفريق مظاهرة ضد إردوغان في ساحة كيزلاي في انقرة أمس (أ.ف.ب)
TT

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس: إنه «يتابع عن كثب تحقيقا يتعلق برجل الدين المقيم في الولايات المتحدة وبوسائل الإعلام المقربة منه». رافضا انتقادات بأن القضية لها دوافع سياسية وذلك وفقا لـ«رويترز».

وتحدث إردوغان بعد يوم من إصدار محكمة في إسطنبول أمرا باعتقال فتح الله غولن الذي يتهمه إردوغان بقيادة مؤامرة إرهابية للاستيلاء على السلطة. وقام إردوغان بتطهير القضاء والشرطة من أنصار كولن.

وقد يمثل أمر الاعتقال بحق كولن - الذي يعيش في منفاه الاختياري في ولاية بنسلفانيا الأميركية - اختبارا للعلاقات مع واشنطن ويثير تساؤلات حول استقلال القضاء في تركيا. واتهم ممثل ادعاء تركي كولن بتزعم جماعة إرهابية مسلحة.

وقال إردوغان في خطاب بثته قناة «إن تي في» التلفزيونية: «أتابع الإجراءات القانونية عن كثب..كل شيء يسير وفقا للقانون. لا يعاقب أحد دون محاكمة».

وكان غولن يوما حليفا مقربا لإردوغان لكن العلاقات توترت بين الرجلين في ديسمبر (كانون الأول) 2013 عندما أشار تحقيق في الفساد أجرته عناصر من الشرطة مقربة من حركة حزمت التابعة لكولن إلى ضلوع إردوغان وبعض أفراد عائلته ووزراء بالحكومة في قضايا فساد.

ووصف الرئيس قضية الفساد بأنها محاولة انقلاب. وأسقطت محاكم تركية منذ ذلك الحين قضايا الفساد.

وقال تحالف القيم المشتركة الذي يمثل المنظمات التابعة لحزمت في الولايات المتحدة في بيان: إن «أمر الاعتقال ليس سوى محاولة لتحويل انتباه الرأي العام عن قضايا مثل الفساد».

وداهمت السلطات منظمات إعلامية مقربة من حركة حزمت في 14 ديسمبر واعتقلت مديرين وموظفين آخرين مما أثار انتقادات حادة من الاتحاد الأوروبي.

وقال إردوغان: «ما الضير إذا كان المعتقلون من الصحافيين. ألا يرتكب الصحافيون جرائم.. الصحافة تستخدم كتمويه».

وقررت محكمة تركية أمس الجمعة استمرار حبس رئيس تلفزيون سمانيولو المقرب من كولن و3 أشخاص آخرين على ذمة التحقيقات لحين المحاكمة في اتهامات بالانتماء إلى جماعة إرهابية. وجرى الإفراج عن 8 آخرين بينهم أكرم دومانلي رئيس تحرير صحيفة «زمان» المقربة من كولن لحين المحاكمة.

وقال دومانلي المتهم بالانتماء إلى عصابة مسلحة: «عندما يتحدث الرئيس عن القضية علانية فهذا تدخل في العملية القانونية وهو مسعى لتوجيه القضاء».

وقالت وكالة الصحافة الفرنسية: إن «معارضي إردوغان يرون في حملات المداهمة آخر دليل على تسلط إردوغان الذي انتخب رئيسا في الصيف الماضي بعد أن تولى رئاسة الحكومة لأكثر من 10 سنوات».

لكن إردوغان قال إن «اعتقال الصحافيين ليس أمرا غير مألوف»، ملمحا إلى اعتقالات في بريطانيا في إطار فضيحة تنصت على الخطوط الهاتفية استهدفت صحف الفضائح.

وقال إردوغان: «بمشيئة الله، لن يتذكر أحد منظمة المجرمين» وهي التسمية التي يطلقها على مجموعة غولن. واعتقل في إطار موجة اعتقالات في إسطنبول وفي مدن أخرى استهدفت بالإجمال 30 شخصا بينهم (صحافيون وعناصر شرطة وكتاب سيناريو ومخرجون في التلفزيون) في الأوساط التي يفترض أنها قريبة من الشبكة التي يتولى إدارتها غولن.

واعتقل مدير شبكة سمانيولو هداية قره جا، بعد أن وجهت إليه تهمة «الانتماء إلى منظمة مسلحة وإدارتها».

أما أكرم دومانلي مدير جريدة «زمان» التابعة للمجموعة الصحافية نفسها التي تطبع نحو مليون نسخة، فأفرج عنه وعن 7 آخرين على أن تتم محاكمتهم لاحقا. ولا يسمح لدومانلي بمغادرة البلاد. واعتقل أيضا 3 من عناصر الشرطة بتهمة التواطؤ في الإرهاب.

وعاد دومانلي إلى مكتبه في صحيفة «زمان» حيث استقبله المئات من الموظفين استقبال المظفرين هاتفين هتافات مؤيدة لحرية الصحافة، وفق مشاهد عرضها تلفزيون «سمانيولو».

ولا يتوقع أن تستجيب واشنطن لطلب تركيا تسليم غولن الذي توجد لحركته حزمت ملايين الأتباع وتمكنت من بناء شبكة دولية وثرية من المدارس الخاصة. ويرى مؤيدو غولن في حزمت حركة معاصرة تؤيد الفكر الإسلامي التقدمي.

واكتفت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جنيفر بساكي بالقول الجمعة إن «الخارجية لا تدلي بتعليقات على طلبات التسليم، كما أنها لا تؤكد أو تنفي التقدم بطلب تسليم».

وإردوغان الذي كان رئيس الوزراء بين 2003 و2014 قبل انتخابه رئيسا في أغسطس (آب) يؤكد باستمرار على تصميمه على شل أنشطة أنصار غولن، ويتهمه بتشكيل «دولة داخل الدولة» والتآمر في الظل لإطاحته عبر فبركة وتوجيه تحقيقات بالفساد.

وقال يوم الأربعاء «سنطاردهم إلى وكرهم» متهما شبكة غولن بأنها «بنية موازية يستخدمها بلد في الجنوب» في إشارة إلى إسرائيل.

ونفت حركة غولن أي علاقة لها بالتحقيقات ضد الفساد التي طالت إردوغان شخصيا ومحيطه السياسي وأثارت أزمة سياسية خطيرة في شتاء 2013 - 2014. وتمكن إردوغان من وقف هذا التحقيق عبر إقالة آلاف الشرطيين وعدد من القضاة واستصدار قوانين تعزز سيطرة الدولة على الجهاز القضائي وعلى الإنترنت.

وبعد توقيف الصحافيين ندد رئيس حزب المعارضة الرئيسي، حزب الشعب الجمهوري (علماني) كمال كيليتشدار أوغلو «بحكومة انقلابية». وأثارت حملة الاعتقالات انتقادات لدى الاتحاد الأوروبي. لكن إردوغان رد على ذلك بقوله: إن «تركيا ليست بواب الاتحاد الأوروبي». وأضاف بلهجة ساخرة: إن «الاتحاد الأوروبي سارع إلى توجيه انتقاداته خلال فترة أعياد الميلاد، فيما جعل تركيا تنتظر على بابه 50 عاما».

وفي تطور آخر اعتقلت الشرطة التركية عشرات المتظاهرين أمس في العاصمة أنقرة واستخدمت رذاذ الفلفل والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق تظاهرة مؤيدة لنظام التعليم العلماني.

وداهمت الشرطة التظاهرة التي نظمتها نقابات العمال في منطقة كيزيلاي في أنقرة وأجبرت المتظاهرين على التفرق للاحتماء من المياه ورذاذ الفلفل، بحسب ما أفاد مصور وكالة الصحاف الفرنسية.

إلا أن بعض المتظاهرين واصلوا التحدي وبقوا في أماكنهم رغم توجيه المياه المتدفقة بقوة من الخراطيم نحو صدورهم، وحملوا لافتات تؤيد نظام التعليم العلماني.

وشوهدت الشرطة تطلق الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل على المتظاهرين بينما كان رجال الشرطة الذين يرتدون الخوذات والأقنعة الواقية من الغاز يقتادونهم، بحسب المصور.

وذكرت بعض التقارير أنه تم اعتقال نحو 100 شخص من بينهم رئيس نقابة التعليم فيلي ديمير.

وأعرب الكثير من النشطاء عن غضبهم من تدخل حزب العدالة والتنمية المنبثق عن التيار الإسلامي في النظام التعليمي في تركيا، واتهموه بتقويض العلمانية في البلاد. ورفعت الحكومة الحظر على ارتداء الطالبات الحجاب في المدارس الثانوية وشجعت على افتتاح المدارس الإسلامية التي تدرس المنهج الديني إلى جانب المنهج العصري. ويتهم المعارضون الرئيس رجب طيب إردوغان بأسلمة البلاد تدريجيا، إلا أن الحكومة تؤكد أنها تعمل على ضمان الحقوق المتساوية لجميع الأتراك.