مساعي ترقية حفتر تتحول لمعركة سياسية.. ورئيس البرلمان يتعرض لضغوط

اقتحام منزل سفير سويسرا وسط العاصمة الليبية طرابلس

ليبي يحمل صورة للواء خليفة حفتر خلال مسيرة مؤيدة له في بنغازي أمس (غيتي)
TT

تحولت أمس ترقية متوقعة للواء خليفة حفتر، قائد عملية الكرامة ضد المتطرفين في ليبيا، إلى رتبة فريق أول مع تعيينه في منصب القائد العام للقوات المسلحة الليبية، إلى معركة سياسية غير معلنة بين جهات داخلية وخارجية تسعى لإحباط تمرير القرار عبر مجلس النواب الليبي الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد مقرا له.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن تعيين حفتر في منصبه الجديد هو الخيار الذي اعتمده رئيس البرلمان المستشار صالح عقيلة بعد استبعاد إمكانية تشكيل مجلس عسكري يترأسه حفتر، فيما قال أعضاء في مجلس النواب لـ«الشرق الأوسط» إن رئيسه يتعرض لما وصفوه بـ«ضغوط خارجية وداخلية» لإجباره على التراجع عن توقيع قرار بمنح حفتر أعلى منصب عسكري في الجيش الليبي. وبدا أمس أن ثمة اعتراضا من بعض أعضاء المجلس على تمرير القرار، لكن وزيرا في الحكومة الليبية وأحد المقربين من حفتر قال في المقابل إنه واثق من أن «أعضاء المجلس سيوافقون في نهاية المطاف على الوضع الجديد لحفتر داخل المؤسسة العسكرية الليبية».

وامتنع حفتر، الذي تحقق قواته العسكرية إنجازات بطيئة لكن بخطى ثابتة ضد الجماعات المتطرفة في شرق ليبيا، عن التعليق على الجدل الذي يحتدم بشكل غير معلن داخل أروقة مجلس النواب وحكومته التي يترأسها عبد الله الثني، لكنه ظهر مؤخرا وسط المارة في وسط وضواحي بنغازي في إشارة إلى تقدمه العسكري على المتطرفين.

وزعم وزير في حكومة الثني ومقرب من حفتر أن «معظم قادة الجيش يؤيدون تعيينه في منصب القائد العام للجيش لأنه أفضل من يقود العمل العسكري في هذه المرحلة خاصة مع انهيار كل الوساطات المحتملة لإقناع ما يسمى بعملية (فجر ليبيا) والبرلمان السابق وحكومته بالانصياع للشرعية الحقيقية».

وأبدى رئيس الاتحاد الدستوري الليبي محمد بن غلبون اعتراضا على هذا الاتجاه، واعتبر في خطاب مفتوح وجهه للواء حفتر أن ترقيته المرتقبة إلى أعلى رتبة عسكرية في الجيش الليبي بمثابة شبه انقلاب عسكري، محذرا مما وصفه بأطماع حفتر واندفاعه وراء وعود بعض القبائل في البلاد. واعتبر أن خبرة حفتر العسكرية والسياسية لا تمكنّه من فهم ما يجري حوله ولا استيعاب الواقع الذي يخوضه فضلا عن استشراف مخاطر المستقبل.

ومن جانب آخر، نفى مصدر مسؤول من مجلس النواب ما تردد عن إقرار تعديلات على قانون العزل السياسي تتضمن إدراج السيدة صفية فركاش أرملة العقيد الراحل معمر القذافي وأبنائه وأقاربه على قائمة الممنوعين من تولي مناصب سيادية وإدارية في ليبيا أو الدخول في الحياة الحزبية لمدة عشرة أعوام. وأكد المصدر، في المقابل، عزم البرلمان إلغاء كل القوانين سيئة السمعة التي أقرها المؤتمر الوطني العام (لبرلمان) السابق والمنتهية ولايته تحت تهديد السلاح والاقتحامات المتكررة من قبل العصابات المأجورة، مؤكدا أن هذا البرلمان يعبر عن كل الليبيين بغض النظر عن مواقفهم السياسية أو الحزبية أو القبلية.

وكان البرلمان السابق قد أقر منتصف العام الماضي قانون العزل السياسي والإداري، الذي يمنع كل من تولى أي مناصب خلال حقبة القذافي التي دامت نحو 42 عاما من تولي أي مناصب رسمية جديدة في الدولة الليبية.

إلى ذلك، قال مصدر عسكري إن قوات «فجر ليبيا» فشلت في السيطرة على قاعدة براك الشاطئ الجوية، مشيرا إلى أن قادة الجيش وقادة القوات الخاصة والكتيبة 204 دبابات توجهوا إلى منطقة بن جواد لدعم الجبهة المفتوحة ضد الميليشيات المسلحة التي تسعى للسيطرة على منطقة الهلال النفطي.

وحذرت حكومة الثني الشرعية، أمس، من انتشار الإرهاب في دول الجوار إذا ما تمكنت قوات «فجر ليبيا» من احتلال الموانئ النفطية، واعتبرت أن من شأن هذا القضاء على كل فرص الحوار الذي تسعى لعقده بعثة الأمم المتحدة وتبناه مجلس النواب والحكومة.

وأكدت الحكومة، في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، أن زحف الميليشيات الإرهابية باتجاه الشرق يستهدف بالدرجة الأولى فك الحصار عن المجموعات الإرهابية كـ«أنصار الشريعة»، والمناصرين لها في بنغازي ودرنة، بعد تلقيها ضربات موجعة على أيدي قوات الجيش الليبي، وأبناء الوطن المساندين للجيش.

إلى ذلك، اقتحم مسلحون مجهولون مقر إقامة آرفين هوفر السفير السويسري في العاصمة طرابلس، وعبثوا بمحتوياته، قبل أن تتمكن قوات أمنية من إجبارهم على الفرار من المنزل. وقال مصدر في الأمن الدبلوماسي لوكالة الأنباء الكويتية «كونا» إن مجموعة مسلحة اقتحمت منزل السفير هوفر في منطقة بن عاشور، وهي أحد الأحياء الراقية في طرابلس، وعبثت بمحتوياته، قبل أن تتمكن قوات أمنية من إجبارها على الفرار من المنزل الخالي من ساكنيه.

وغادرت جميع البعثات الأجنبية العاصمة طرابلس نتيجة تردي الأوضاع الأمنية، فيما توجد في ليبيا حكومتان وبرلمانان منذ أغسطس (آب) الماضي عندما سيطرت مجموعة تطلق على نفسها اسم «فجر ليبيا» على طرابلس مما أجبر حكومة رئيس الوزراء عبد الله الثني المعترف بها دوليا على الانتقال إلى شرق البلاد.