استنكار مصري لدعوات «الإخوان» إلى عقد «برلمان 2012 المنحل» في تركيا

مدير مكتب القرضاوي السابق لـ «الشرق الأوسط»: الحضور كان ببطاقات الدعوة فقط.. ومندوبون آخرون من غير «الإخوان» شاركوا في مؤتمر إسطنبول

مواطن مصري يدخن النرجيلة بمقهى شمال القاهرة في وقت تشهد فيه مصر مزيدا من الاستقرار في ذكرى مرور 6 أشهر على حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي (أ.ف.ب)
TT

بينما تواصل القوى السياسية المصرية استعداداتها الأخيرة لوضع التصور النهائي لشكل تحالفاتها وقوائمها لخوض غمار السباق البرلماني في مصر، المزمع إجراؤه في مطلع العام المقبل، واصلت جماعة الإخوان المسلمين وحلفاؤها تحدي الشارع السياسي المصري؛ حيث عقد عدد من عناصرها من نواب مجلس الشعب السابق، المنحل بقرار من المحكمة الدستورية العليا منتصف عام 2012، أمس، مؤتمرا صحافيا في مدينة إسطنبول التركية، معلنين فيه «استئناف جلسات مجلس النواب واعتبارها مستمرة نظرا لخطورة الوضع في مصر»، بحسب ما جاء في مؤتمرهم، وهو ما عده سياسيون مصريون نوعا من «العبث والمهزلة السياسية»، بينما أكد قانونيون «أنه والعدم سواء»، مشيرين إلى موافقة الرئيس الأسبق محمد مرسي على قرار حل ذلك البرلمان.

وجاء في مؤتمر نواب مجلس الإخوان المنحل، الذي عقد في الواحدة ظهر أمس، بفندق «تيتانيك» في إسطنبول، اعتزامهم استئناف جلساتهم في تركيا، وذلك من أجل «إصدار التشريعات اللازمة للحفاظ على الثورة من تجاوزات السلطات الحالية»، مشيرين إلى قيامهم بحصر كل القوانين والتشريعات التي صدرت منذ 30 يونيو (حزيران) 2013 والعمل على بيان العوار فيها.

وادعى النواب السابقون بالبرلمان المنحل أنهم سيتعاملون مع «كل الهيئات والمنظمات الدوليّة لأننا ممثّلون عن الشعب في مجلس منتخب، وأن الرئيس الأسبق مرسي لم يوقّع على قرار حلّ مجلس الشعب».

لكن الشيخ الدكتور عصام تليمة، مدير مكتب القرضاوي السابق في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أكد في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»، أمس، أن «هناك كثيرا من العلماء والمشايخ والناشطين الذين شاركوا في مؤتمر إسطنبول، ليسوا من (الإخوان). وقال إن مؤتمر فندق (تيتانيك)، مستمر لمدة 4 أيام، وحضر اليوم الأول عشرات من البرلمانيين السابقين ووزراء سابقين في الحكومة، منهم صلاح عبد المقصود، وزير الإعلام المصري في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي». وقال إن الدخول إلى قاعة المؤتمر، كان ببطاقات الدعوة فقط».

وأوضح الشيخ تليمة أن المؤتمر كان «منظما، وحضره نواب سابقون من البرلمان وناشطون». وقال تليمة، وهو أحد قادة الإخوان السبعة الذين انتقلوا للإقامة في تركيا من الدوحة سبتمبر (أيلول) الماضي: «كان ضمن الحضور في مؤتمر إسطنبول، أيضا، الدكتور أسامة رشدي، عضو المكتب التنفيذي لما يسمى المجلس الثوري المصري، المتحدث الإعلامي السابق باسم الجماعة الإسلامية المصرية، وباسم خفاجي، وكان مرشحا محتملا لانتخابات الرئاسة في عام 2012 إلا أنه لم يتقدم بأوراق للترشح الفعلي، وكذلك جمال حشمت، البرلماني السابق عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين، وطاهر عبد المحسن، عضو مجلس الشورى الغرفة الثانية في البرلمان سابقا عن حزب الحرية والعدالة عن الإسكندرية، والدكتور ثروت نافع، وكيل سابق للجنة الأمن القومي بمجلس الشورى الغرفة الثانية بالبرلمان سابقا، وكان معينا ومن الموالين لحكم الإخوان وأستاذ اقتصاد، وعامر عبد الرحيم، من حزب البناء والتنمية التابع للجماعة الإسلامية وهو برلماني سابق، وأشرف بدر الدين، عضو اللجنة المالية في مجلس الشورى السابق، ومحمد الفقي، عضو مجلس الشورى الغرفة الثانية في البرلمان سابقا». وحضر المؤتمر أيضا نواب تابعون للجماعة الإسلامية وحزبها البناء والتنمية. وعن أهم الموضوعات التي ناقشها مؤتمر إسطنبول، قال عصام تليمة، إن «الحضور أكدوا أنهم موجودون بالنيابة عن الشعب المصري، وما تم من صفقات أو عقود لا بد أن تعود إلى مجلس الشعب المصري»، وقال إن: «المجلس الجديد سيقوم بإحياء التواصل مع البرلمانات المختلفة، والتجمعات البرلمانية العربية والدولية».

وكان البرلمان الذي جرى انتخابه عقب ثورة 25 يناير عام 2011، قد تم حله بقرار من المحكمة الدستورية العليا في 14 يونيو 2012، وذلك نتيجة عدم دستورية الانتخابات، معتبرة في حيثياتها أن المجلس يعد بالتالي «غير قائم بقوة القانون بعد الحكم بعدم دستورية انتخابه، دون الحاجة إلى اتخاذ أي إجراء آخر». وبناء عليه أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الحاكم آنذاك) قرارا بحله.

لكن مرسي عقب توليه الحكم أصدر قرارا جمهوريا يوم 8 يوليو (تموز) بعودة المجلس إلى الانعقاد، وانعقد المجلس بالفعل يوم 10 يوليو، لتقضي الدستورية مجددا في اليوم ذاته بـ«وقف تنفيذ قرار الرئيس»، وأمرت «بتنفيذ الحكم بمسودته وبغير تعديل». وأكد فقهاء قانونيون ودستوريون مصريون لـ«الشرق الأوسط»، أن «حديث النواب السابقين هو والعدم سواء»، مدللين على ذلك بأن مرسي وافق «صراحة» على حل البرلمان وقت أن كان في السلطة، و«جاء ذلك في بيان رئاسي واضح لا يقبل اللبس».

وكانت الرئاسة المصرية أكدت يوم 11 يوليو 2012 احترامها لقرار المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب، وأعربت في بيان عن «بالغ احترامها للدستور والقانون وتقديرها للسلطة القضائية والتزامها بالأحكام التي تصدر عن القضاء، وحرصها البالغ على إدارة العلاقة بين سلطات الدولة ومنع أي صدام». وجاء في البيان نصا: «إذا كان حكم المحكمة الدستورية العليا قد حال دون استكمال المجلس مهامه، فسنحترم ذلك لأننا دولة قانون يحكمها سيادة القانون واحترام المؤسسات».

وأكد فقهاء القانون أن «المجلس الذي جرى حله بحكم للمحكمة الدستورية، وموافقة صريحة على قرارها من الرئاسة في عهد الإخوان، لا يصح انعقاده تحت أي اسم كونه كيانا موازيا غير شرعي. وأن ذلك يعد عبثا قانونيا، ولا يؤخذ بأي قرار أو توصيات تخرج عنه، كونه والعدم سواء»، موضحين أحقية مصر في مطالبة تركيا رسميا بوقف ذلك، لأنه اعتداء صريح على السيادة المصرية.

وعلى الصعيد السياسي، قوبلت دعوات الإخوان لعقد جلسات برلمانهم في تركيا بعاصفة من «التهكم» و«الاستنكار» من أغلب القوى السياسية المصرية. ووصف عفت السادات، رئيس حزب السادات الديمقراطي، تلك الدعوة بـ«المهزلة التي يقودها الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، في إطار حربه ضد مصر وقيادتها»، قائلا إن «تصرفات إردوغان تتناقض تماما مع ما قاله نائبه بشأن إعادة إصلاح العلاقات مع القاهرة»، مؤكدا أن «الإخوان لن يستطيعوا مهما فعلوا الوقوف في وجه إرادة الشعب المصري الذي سيقول كلمته في انتخابات البرلمان القادم وسيطردون الإخوان نهائيا من أي مشهد سياسي».

من جانبه، وصف الدكتور صلاح حسب الله، نائب رئيس حزب المؤتمر، دعوات جماعة الإخوان لانعقاد البرلمان في تركيا بـ«التهريج والفراغ السياسي»، قائلا إنها تأتي «من أجل الحفاظ على رضا تركيا التي تأويهم على أرضها، وللحصول على تمويلات.. لكنهم في النهاية يعلمون جيدا أن هذه ألاعيب انتهى زمانها ولم تعد تنطلي على الشعب المصري».

وعلق يحيى قدري، النائب الأول لرئيس حزب الحركة الوطنية، على الدعوة بقوله إن «ما يفعله الإخوان يشعرنا بأننا نعيش في روضة أطفال»، واصفا الموقف بأنه «مهزلة، لأن الدول الكبرى لا تسير بهذا الفكر المتخلف، والإخوان كما هم من يعيشون حالة مرضية ذهنية غير طبيعية».

كما أكد البرلماني السابق حمدي الفخراني أن تلك الدعوة هي «كلام عبثي وليس لها أساس من الواقع»، مشيرا إلى أن الجماعة «مجموعة أشخاص غائبون عن الوعي وعن وضع الدولة بما تمر به الآن». بينما قال محمد سامي، رئيس حزب الكرامة، إن ذلك «محاولة مستحيلة لتكوين كيان مواز للبرلمان القادم»، مضيفا أن «الإخوان يدركون تماما أنهم بعيدون كل البعد الآن عن التأييد أو التواصل الشعبي معهم.. وتصرفاتهم تعد مسرحية هزلية دون جمهور». وتأتي تلك التطورات في وقت تشهد فيه الساحة المصرية تكثيفا لاجتماعات الأحزاب السياسية من أجل وضع اللمسات الأخيرة على خريطة تحالفاتها للانتخابات البرلمانية المقبلة. ويستعرض المجلس الرئاسي لائتلاف الجبهة المصرية، اليوم، آخر التطورات على الساحة السياسية، وأسماء مرشحي القائمة بعد إضافة التعديلات عليها، وإضافة مرشحي أحزاب: الغد، والمؤتمر، والتجمع، تمهيدا لإرسالها للدكتور كمال الجنزوري، رئيس الوزراء الأسبق، فيما يعرف إعلاميا بـ«قائمة الجنزوري».

وقال مصطفى بكري، المتحدث باسم ائتلاف الجبهة المصرية، أمس، إن الاجتماع «سيناقش عمل لجنة الانتخابات في إعداد القائمة الخاصة بالائتلاف»، موضحا أن الاجتماع «سيضم أعضاء المجلس الرئاسي فقط، وذلك للتشاور والتفاهم حول أهم المعوقات التي تواجهها الجبهة في المرحلة الحالية وكيفية التغلب عليها».

ويذكر أن المجلس الرئاسي يضم الدكتور علي المصيلحي، المنسق العام، ومصطفى بكري، المتحدث الرسمي للائتلاف، ويحيى قدري، نائب رئيس حزب الحركة الوطنية، وقدري أبو حسين، رئيس حزب مصر بلدي، والربان عمر صميدة، رئيس حزب المؤتمر، وسيد عبد العال، رئيس حزب التجمع، وناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل، ونبيل دعبس، رئيس حزب مصر الحديثة، والمهندس موسى مصطفى موسى، رئيس حزب الغد.