«داعش» يفرض دفع «الأتاوات».. ويحظر على عناصره استخدام منتجات «أبل»

تحت إشراف ما أطلق عليه «أمير ديوان بيت المال المسلمين»

TT

يقوم تنظيم داعش بإجبار سكان مناطق سيطرته على دفع الزكاة لما يُعرف بـ«بيت مال المسلمين» الذي يتولى الإدارة المالية للتنظيم، ويُعد بمثابة البنك المركزي في الدول الحديثة.

ويتولى موظفو التنظيم في كل ولاية عملية جباية أموال الزكاة من التجار وأصحاب الأعمال الذين تتجاوز أرباحهم خلال العام ما يُعرف بالنصاب المطلوب لدفع الزكاة، البالغ ما يعادل قيمة 85 غراما من الذهب، على أن يتم اقتطاع نسبة 2.5 في المائة منها كأموال للزكاة.

وذكر مصدر ميداني في محافظة الرقة لـ«الشرق الأوسط» أن التنظيم قام بتشكيل «لجان من موظفي ما يُعرف بديوان بيت مال المسلمين، تقوم بمهمة التدقيق بحسابات التجار وأصحاب الأعمال لاحتساب قيمة أرباحهم خلال العام، وإقرار القيمة من الزكاة التي يتوجب دفعها للتنظيم، على كل من تتجاوز أرباحه في العام قيمة ما يعادل 85 غراما من الذهب، بينما يُعفى من لم تبلغ أرباحه تلك القيمة». كما سمح التنظيم لأصحاب أموال الزكاة بدفع القيمة المطلوبة منهم بالعملة المحلية أو الدولار بعد احتساب قيمتها مقابل الذهب، حسب سعر السوق.

ويشرف على مهمة تنظيم عمليات دفع الزكاة في كل ولاية ما يُعرف بـ«أمير ديوان بيت المسلمين»، وهو المسؤول المالي الأعلى في مناطق سيطرة التنظيم، ومهمته تقوم على إدارة تنظيم الشأن المالي لـ«داعش» داخل منطقة إدارته التي عُين فيها من قبل أمير التنظيم أبو بكر البغدادي.

ويترأس الأمير مجموعة من الموظفين الذين قاموا بمبايعة التنظيم، وتم توظيفهم في «بيت ديوان بيت المال» للقيام بأعمال المحاسبة، وتنظيم عمليات الجباية وتوزيع الرواتب.

ويسعى «داعش» من خلال حصر دفع أموال الزكاة عبره إلى زيادة موارده المالية، وعدم السماح بأي هامش من اللامركزية المالية بأن تحدث في مناطق نفوذه، فذلك في رأي التنظيم من شأنه إحداث فوضى مالية لا يمكن ضبطها، وقد تفسد إدارته المالية في مناطق سيطرته.

وكان التنظيم قد أقر نظامه المالي بعد إعلانه عن الخلافة الإسلامية في 29 من يونيو (حزيران) الماضي، حيث عمل على ربط جميع موارده بصندوق مالي واحد، وهو «بيت مال المسلمين»، الذي يشرف عليه أبو بكر البغدادي بشكل شخصي.

ويتولى أمير ديوان «بيت مال المسلمين» مهمة إدارة الموارد المالية للتنظيم في كل ولاية.

ويعتمد التنظيم على تأمين موارده المالية من خلال بيع نفط الآبار التي يستولي عليها، بالإضافة للأموال التي يغنمها من المناطق التي يقوم باجتياحها. كما يتقاضى أمراء ديوان «بيت المال» أموال الجباية التي كان السكان يقومون بدفعها للنظام ثمنا للخدمات، كفواتير المياه والكهرباء والاتصالات وغيرها، بالإضافة لأموال إيجارات العقارات والمحال التجارية والأراضي الزراعية التي قام التنظيم بالاستيلاء عليها مع الإبقاء على المستأجرين فيها.

ومنعا لانتشار الفساد بين صفوف المقاتلين والأمراء وضع «داعش» جميع الأموال التي يكتسبها التنظيم خلال انتصاراته في صندوق واحد يشرف عليه أمير التنظيم، في المقابل، أقر نظاما متكاملا من الرواتب والمكافآت يضمن للمقاتلين الكفاية المالية بدفع 300 حتى 500 دولار كراتب لكل مقاتل، ومنحهم بعض الامتيازات الخدماتية، كتوزيع حصص غذائية على عائلاتهم، بالإضافة للحصول على الوقود بشكل مجاني وتأمين مساكن لهم من تلك التي تعود بملكيتها لأعداء التنظيم الذين قاموا بمحاربة «داعش» في وقت سابق.

كما قام التنظيم بإقرار عقوبات صارمة بحق من يقوم بأي تجاوزات مالية من مقاتلي التنظيم أو أمرائه ممن يعتدون على أموال التنظيم، أو يجاوزون الصلاحيات الممنوحة لهم أثناء المداهمة والمصادرة، كأخذ أموال «أعداء» التنظيم وحيازتها لملكهم الخاص. وقد أطلق التنظيم على تلك الأفعال اسم «الاحتطاب»، ويُعاقب مرتكبها من عناصره باتباع دورات شرعية بعد حبسه في سجون التنظيم، وقد تصل في حال تكرار العقوبة إلى الإعدام.

وعلى صعيد آخر حظر تنظيم داعش على عناصره استخدام منتجات شركة «أبل» الأميركية الشهيرة بصناعة أجهزة الكومبيوتر والبرمجيات والهواتف الذكية (آيفون) واستعمال خدمة تحديد المواقع (جي بي إس – GPS)، «نظرا لخطورتها».

وتحدثت وكالة «الأناضول» التركية عن تعميم منسوب إلى «داعش» تم تداوله على صفحات موالية للتنظيم على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، يقول إنه تقرر «منع استعمال منتجات شركة (أبل - Apple) من الهواتف والأجهزة اللوحية نهائيا وذلك لخطورتها»، دون أن تحديد ماهية الخطورة. كما منع التنظيم، وبحسب التعميم نفسه، استخدام أي جهاز إلكتروني أو وسيلة اتصال تحتوي على خدمة «جي بي إس» لتحديد الموقع.

وأشار «داعش» إلى أن قرار منع استخدام «GPS» جاء «بناء على مقتضيات المصلحة العامة وحفاظا على أرواح جنود الدولة وممتلكاتهم في ظل الحملة الصليبية الشرسة على دولة الخلافة وسدا لأبواب الاختراق التي يستعملها العدو للوصول إلى أهدافه وضربها بدقة عن طريق طائراته الحربية والمسيرة».

ولفت التنظيم إلى أنه تم «تعيين تقنيين في كل ولاية لتعطيل هذه الخدمة ورفعها من الهواتف الجوالة والحواسيب اللوحية نهائيا»، متمنيا على كل عناصره المبادرة برفعها خلال مدة أقصاها شهر، وتوعد بمصادرة أي جهاز يحتوي على الخدمة المذكورة بعد انقضاء المدة المذكورة و«مساءلة صاحبه لعدم الالتزام وتعريض إخوانه لخطر محدق»، دون أن يبين العقوبة المترتبة على هذه المخالفة.وصادر التنظيم في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي أجهزة إنترنت فضائي وأغلق عددا من مقاهي الإنترنت، في مناطق في ريف دير الزور القريبة من مطار دير الزور العسكري، «للحد من نقل تحركات تنظيم داعش في المنطقة، والحيلولة دون نشر تفاصيل سير الاشتباكات في محيط مطار دير الزور العسكري».