حالة انفصام تضرب المجتمع السوري تحت الإرهاب وانفلات النظام

مظاهر مخالفة للتقاليد في دمشق سببها الفقر والحرب

TT

بينما تتوارد الأنباء عن ممارسات تنظيم داعش المرعبة حول تطبيق الحدود على السارقين والزناة ومخالفي الشرع حسب معتقدات التنظيم، ينهش الفقر المجتمع في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام ويدمر البنية الأخلاقية. وحسب ناشطين في العاصمة دمشق، فإن المظاهر المخالفة للآداب العامة باتت ترى بوضوح في الشارع العام، لا سيما في أوساط شباب الميليشيات المسلحة التابعة لقوات النظام، كجيش الدفاع الوطني، ومراهقات من أبناء الأسر التي شردت من مناطق شهدت تدميرا واسعا. ويقول الناشط رامي.ع، إن «ظاهرة المراهقات اللاتي يصطحبن شبانا من الدفاع الوطني باتت تستشري في مجتمع العاصمة الذي بدأ يتحول إلى مجتمع حرب، وبات من المشاهد المألوفة رؤية شبان بالزي العسكري بصحبة فتيات في الحدائق وتحت ظل الأشجار على مرأى من الناس وفي وضح النهار». ويضيف رامي موضحا، أن «الفتيات وتحت ضغط الفقر الشديد يلجأن إلى مصاحبة شبان مسلحين مقابل أن ينفقوا عليهن، بدءا من تأمين الوجبات الغذائية إلى تسديد ثمن وحدات الهاتف الجوال، هذا عدا الهدايا والأعطيات، فشبان الميليشيات الذين أطلق النظام يدهم لنهب وسلب المنازل في المناطق المدمرة (تعفيش)، يغدقون ما ينهبون من أموال على ملذاتهم الآنية السريعة تحت ضغط الشعور بأن حياتهم قصيرة جدا وقد يموتون بين لحظة وأخرى».

من جانبها، تشير ليليان. ن، وهي أم لـ3 أطفال وتسكن وسط العاصمة، إلى أنها باتت تخشى على أبنائها من ارتياد الحدائق، لأن الفساد بات منتشرا بشكل كبير في الشوارع، لافتة إلى أنها لم تكن تتخيل في يوم من الأيام أن ترى في وضح النهار بوسط دمشق رجلا وامرأة يجلسان في سيارة في وضع مخالف لتقاليد المجتمع السوري على بعد أمتار قليلة من مقر أمني كبير يعج في محيطه رجال الأمن والجيش.

إلا أن فريال.ب تبرر ذلك بالقول إن «النظام لا يهمه إن انتشرت مظاهر خادشة للحياء أو تعاطي الشبان للمخدرات في الشوارع العامة، ما دامت هذه الظواهر بعيدة عن السياسة، ولسان حاله يقول: (افعلوا ما شئتم بعيدا عن كرسي السلطة)». وتضيف أن «هذه السياسة ضربت المجتمع وعبثت بأخلاقه، وتكرست بعد هجرة غالبية سكان العاصمة المحافظين إلى خارج البلد ليحل مكانهم مستأجرون من مناطق أخرى من الموالين للنظام، وهؤلاء يعطون للعاصمة اليوم وجهها الذي ولد في الحرب». وتلفت إلى أن «أكثر الأحياء محافظة تبدو في الليل متحللة، وبدأنا نتقبل مظاهر الانفلات كما سبق أن تقبل المجتمع شراء المسروقات من أسواق (التعفيش)». أما أبو حسان التاجر المتقدم في العمر بسوق الصالحية، فيهز رأسه مما وصلت إليه أحوال المجتمع قائلا إنه تعرض في متجره لحادثة أرقته، حيث دخلت عليه بعض الصبايا لتبتعن بنطلونا وبعد أن اشترينه أوهمنه بأنهن دفعن ثمنه كاملا، وعندما حاول التدقيق رفعن أصواتهن بالصراخ واتهمنه بالتحرش بهن وسط السوق، وهددنه بالشبيحة. فما كان منه إلا أن التزم الصمت. أما رانية. م، فمن المصادفات الغريبة التي حصلت معها، وكان ذلك في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، أنها صحت على صوت امرأة تتشاجر مع رجل في الشارع وتهدده باللجوء إلى عناصر الحاجز، ولدى تبين الأمر اتضح أن الرجل الذي كان يضربها يعمل في الاتجار بالنساء، والمرأة من ضمن اللاتي يشتغلن معه في أعمال غير شريفة. واللافت - تقول رانية.م - أن الناس في الشارع لم يهتموا بذلك الشجار وبدا الأمر كأن شيئا لا يحدث.