بوتين: لا أحد يمكنه ترهيب روسيا.. وسنعزز دفاعاتنا بـ50 صاروخا عابرا للقارات

موسكو تتهم الغرب بتأجيج الصراع في أوكرانيا.. وغموض حول موعد محادثات «مينسك 2»

بوتين ووزير دفاعه سيرغي شويغو أثناء الاجتماع مع كبار الضباط في موسكو مساء أول من أمس (رويترز)
TT

حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس من أن أي بلد لن يتمكن من «ترهيب أو احتواء أو عزل روسيا»، مؤكدا استعداده «لتحمل بعض الصعوبات» لحماية سيادة بلاده التي ترزح تحت عقوبات قاسية بسبب موقفها من الأزمة الأوكرانية. وشدد من ناحية أخرى على أن القوات المسلحة الروسية ستتعزز بـ50 صاروخا عابرا للقارات.

وقال بوتين في كلمة بمناسبة يوم العاملين في الأجهزة الأمنية: «بالطبع، لن يتمكن أحد من ترهيبنا أو من احتواء روسيا أو عزلها. لم ولن يتمكن أحد من ذلك يوما ما».

وذكر الرئيس الروسي بمحاولات من هذا القبيل استهدفت روسيا على مر التاريخ، مؤكدا أنه يتعين أن تكون بلاده «مستعدة لمواجهة بعض الصعوبات ولتقديم الرد المناسب على أي تهديدات ضد سيادتها واستقرارها وضد وحدة المجتمع» الروسي. وقال بوتين إن «روسيا تدفع غاليا ثمن موقفها المستقل ودعمها لمواطنيها في القرم، في سيباستوبول ويبدو أحيانا لمجرد وجودنا».

وجاءت كلمة بوتين غداة فرض الدول الغربية عقوبات جديدة على روسيا. ومنعت الولايات المتحدة أي مبادلات تجارية مع شبه جزيرة القرم التي استعادتها روسيا الخريف الماضي، في حين منعت كندا دخول نحو 20 مسؤولا سياسيا روسيا وانفصاليا أوكرانيا إلى أراضيها، مستهدفة أيضا قطاعي النفط والغاز. واتهمت الخارجية الروسية أمس الولايات المتحدة وكندا بتأجيج النزاع في أوكرانيا مع فرض هذه العقوبات الجديدة، وتدعمان بذلك «حزب الحرب في كييف».

وكان مفترضا أن تعقد جولة محادثات ثانية بين كييف والانفصاليين، في عاصمة بيلاروسيا مينسك بمشاركة روسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، لكنها أرجئت مرات عدة رغم الضغط الغربي على كييف وموسكو للتقدم في تسوية نزاع خلف أكثر من 4700 قتيل منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي. وكان الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو قال إن لقاء مينسك سيعقد اليوم الأحد، لكن الغموض لا يزال سائدا بشأن عقد لقاء «مينسك 2» في موعده. والعقبة الرئيسة تتمثل في طلب الانفصاليين أن تستأنف كييف تمويل المناطق المتمردة الذي أوقفته منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وتطالب كييف في المقابل بإلغاء نتائج التصويت الانفصالي في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك المعلنتين من جانب واحد في الثاني من نوفمبر الذي نسف برأيها اتفاق «مينسك 1» المبرم في الخامس من سبتمبر (أيلول) الماضي. واعتبر وزير الخارجية الألماني فرنك فالتر شتاينماير الذي زار كييف أول من أمس أنه يتوجب القيام بكل المساعي لاستئناف محادثات مينسك إن أمكن الأحد.

وخلال اجتماعه مع قيادات المؤسسة العسكرية بمقر المركز القومي لهيئة العمليات، شدد بوتين على ضرورة تطوير القوات الاستراتيجية بوصفها العامل الرئيس للتوازن العالمي، وأكثر سبل الردع لأي عدوان محتمل ضد بلاده. وقال إنه رغم تزايد نشاط حلف شمال الأطلسي، لا سيما في بلدان شرق أوروبا، فإن روسيا تظل تتمسك بعقيدتها العسكرية الدفاعية، لكنها تؤكد أيضا ضرورة الاهتمام أكثر بدعم قواتها المسلحة وإمدادها بأحدث المعدات والأسلحة الحديثة دفاعا عن مصالحها الوطنية وأمنها القومي. وفيما عهد إلى وزارة الدفاع تقديم في ديسمبر (كانون الأول) من العام المقبل خطة الدفاع 2016 – 2010، قال إن روسيا تسعى من أجل دعم الاستقرار العالمي وتحقيق الأمن المتكافئ لكل الدول والشعوب. وأضاف أن هناك من لا يستطيع تفهم رد فعل بلاده تجاه ما تراه يهدد أمنها ومصالحها الوطنية، مؤكدا وجوب الاستمرار في العمل بشكل هادئ بعيدا عن التوتر.

وكشف الرئيس الروسي عن زيادة تسليح القوات المسلحة الروسية اعتبارا من عام 2013 بمقدار 150 في المائة بعد دعمها بـ4.5 ألف من مختلف أنواع الأسلحة، ومنها 142 مقاتلة و135 مروحية قتالية و4 غواصات نووية، و15 بارجة وزورقا بحريا، و19 من منظومات الصواريخ و590 دبابة ومدرعة من أحدث الطرازات، فضلا عن المنظومات الصاروخية الاستراتيجية من طراز «يارس» وتحديث 7 قاذفات استراتيجية.

وفي إشارة غير مباشرة إلى تعثر تسلم روسيا للبارجتين الفرنسيتين من طراز «ميسترال»، شدد بوتين على ضرورة الاهتمام بالاعتماد على الصناعات الوطنية، مشيرا إلى أن القوات المسلحة ستتسلم في عام 2015 ما يزيد على 50 من الصواريخ العابرة للقارات. كما أكد على السعي لتحديث القاذفات الاستراتيجية البعيدة المدى من طراز «تو - 160» و«تو - 95 MC»، إلى جانب التفكير في أنواع أخرى من الجيل الجديد. وتأكيدا لموقع القوات المسلحة في نسيج المجتمع الروسي كشف بوتين عن ارتفاع مستوى الإقبال على الالتحاق بالكليات والمعاهد العسكرية، مؤكدا اهتمام الدولة برعاية كل العسكريين وتوفير أفضل الظروف المعيشية لهم ولأفراد عائلاتهم.

وطالب مؤسسات المجمع الصناعي العسكري بإنتاج أفضل نماذج الأسلحة والمعدات العسكرية في العالم. وتوقف بوتين بالكثير من التفاصيل عند الدور الذي قامت به القوات المسلحة في شبه جزيرة القرم، حيث وصفه بـ«الباهر»، مؤكدا أنه ساهم في تفادي كارثة كبيرة كان يمكن أن تودي بالكثير من الأرواح البشرية مثلما حدث في مدن وقرى جنوب شرقي أوكرانيا، وهو ما كان سبق وتوسع في الإشارة إليه في معرض المؤتمر الصافي السنوي الذي عقده في موسكو يوم الخميس الماضي. وقد توقف المراقبون عند توقيت ذلك الاجتماع وتوسع أجهزة الإعلام الروسية في نشر وقائعه وتفاصيله، ما عده البعض محاولة للحد من الارتباك الذي أصاب بعض قطاعات الدولة في أعقاب الانهيار المالي في مطلع الأسبوع الماضي، وردا على نزعات الإدارة الأميركية وتوجهها نحو التصعيد. ومن هذا المنظور أيضا تناول المراقبون اجتماع الرئيس الروسي في الكرملين مع عدد من أبرز كبار رجال الأعمال الروسيين على نحو بدا أشبه بالمصالحة التي كان توجها بالإفراج عن فلاديمير يفتوشينكوف الملياردير الذي كان القضاء الروسي أصدر عليه حكمه بفرض الإقامة الجبرية منذ سبتمبر الماضي ورفض الطعن المقدم للإفراج عنه، مؤيدا استمرار فترة الإقامة الجبرية حتى مارس (آذار) من العام المقبل.