احتقان في أوساط دروز الجولان بعد مقتل ناشط تحت التعذيب في «فرع فلسطين» بدمشق

22 معتقلا درزيا قضوا في سجون النظام منذ بدء الأزمة السورية

TT

قتلت قوات الأمن السورية المعالج الفيزيائي عماد أبو صالح من أبناء الجولان السوري المحتل والمقيم في جرمانا تحت التعذيب، بعد اعتقاله من قبل فرع الأمن العسكري بدمشق، المعروف بفرع فلسطين، قبل نحو عام ونصف العام، ليرتفع عدد المعتقلين الدروز الذين قتلوا تحت التعذيب في السجون السورية إلى 22 معتقلا.

وأكد مصدر معارض من مدينة جرمانا لـ«الشرق الأوسط» أن ذوي المعتقل تلقوا إخطارا من الشرطة العسكرية في دمشق، يطالبهم بالتوجه إلى أحد المراكز الأمنية لتسلم بعض المقتنيات الشخصية العائدة لأبو صالح، وأجبرتهم على توقيع وثيقة الوفاة التي وردت فيها الأسباب بأنها كانت نتيجة «نزلة برد سببت جلطة قلبية أدت إلى الوفاة».

وكان أبو صالح قد اعتقل أواخر شهر يونيو (حزيران) عام 2013، على خلفية مشاركته في أعمال الإغاثة داخل مدينة جرمانا، بعدما شهدت موجات نزوح كبيرة لسكان أحياء الميدان والقابون والقدم ومن ثم سكان قرى غوطة دمشق إليها، وذلك منذ منتصف يوليو (تموز) 2012. وأقدمت قوات الأمن التابعة لـ«فرع فلسطين» على اعتقاله برفقة زوجته في بادئ الأمر وهددته باستمرار اعتقالها كنوع من الضغط عليه لانتزاع المعلومات منه، إلا أن الفرع أطلق سراحها وأبقى عليه قيد الاعتقال إلى حين مقتله.

ورجح المصدر أن يكون أبو صالح «قد قضى تحت التعذيب بعد شهر من اعتقاله»، مستندا إلى «تسريب أخبار موته تحت التعذيب». وقال إن «أحدا لم يتسن له التحقق من تلك الأخبار، وبقيت طي الكتمان إلى أن جاء خبر استشهاده ليثبت صحتها»، وذلك «خلافا لما ذكر في تقرير الوفاة بأن المعتقل قد توفي قبل شهر واحد فقط من إبلاغ أهله».

ويواصل نظام الرئيس السوري بشار الأسد اتباع نهج عدم تسليم جثامين المعتقلين الذين قتلوا تحت التعذيب، وذلك لإخفاء حقيقة أسباب الوفاة وتاريخها من جهة، ومنعا لأن يقيموا تشييعا لأبنائهم من شأنه إحداث فوضى. ورفضت السلطات الأمنية الإدلاء بأي إجابة حول طريقة الحصول على جثة أبو صالح الذي لم تتسلمه عائلته، على غرار ما يحدث لدى أكثر أهالي الشهداء المعتقلين، مما زاد من فرضية أن يكون قد قضى بالفعل بعد شهر من تاريخ اعتقاله وتم دفنه في إحدى المقابر الجماعية.

ويعتبر عماد أبو صالح القتيل الثاني والعشرين من أبناء الطائفة الدرزية الذين قتلتهم القوات الأمنية داخل المعتقل. وحذرت أوساط معارضة درزية في السويداء وجرمانا من أن يلقى عشرات الشباب قيد الاعتقال من الدروز المصير ذاته، وذلك نظرا لعدم وجود أي أخبار عن معظمهم، خصوصا من قضى منهم مدة تزيد على العام، ولم يحوّل إلى القضاء بهدف المحاكمة.

وانتشر خبر مقتل عماد أبو صالح تحت التعذيب في بلدات وقرى هضبة الجولان المحتل، وسرعان ما انتشرت حالة من السخط الشديد على النظام وعلى الطريقة الوحشية المرعبة التي يتعامل بها داخل أقبية المخابرات السورية. وأقام أقارب أبو صالح موقف عزاء له وصلاة على روح الغائب في بلدة عين شمس التي شهدت حضور المئات من الموالين والمعارضين من دروز سوريا، في حين «بدت بعض مواقف الموالين للنظام بأنها رافضة هي أيضا لأن يتم التعامل مع المعارضين السلميين على وجه التحديد بطريقة التصفية داخل السجون»، كما قال مصدر درزي معارض لـ«الشرق الأوسط».

وقالت ليلى الصفدي، التي تقيم في الجولان المحتل لـ«الشرق الأوسط»: «بمعزل عن الحزن الذي خيم على قرى الجولان مع ورود نبأ استشهاد أحد أبنائه في فرع فلسطين، إلا أنه شكل نوعا من الصدمة المفاجئة بين الأوساط الاجتماعية، وأيقظ الخوف الكامن لدى الجميع من الموت المخيم على أرجاء الوطن، والذي ظنه بعضهم لوهلة بعيدا عنهم أو توهموا أن النظام قد يكون أكثر تساهلا مع (المخطئين) من أبناء الجولان». ورأت أن «هذه الطريقة البشعة بقتل المعتقلين تحت التعذيب جعلت الناس في الجولان يعيدون حساباتهم بوهم الأكاذيب الكثيرة ومنها حماية الأقليات والمكانة الخاصة التي يحوزها الجولان المحتل لدى النظام».

وأعربت الصفدي عن اعتقادها أن ما جرى «أسهم إلى حد كبير في إيقاظ الخوف النائم لدى الأهالي الذين، وإن كانوا بمنأى عن ظلم النظام لوجودهم خلف شريط شائك، إلا أن أقرباءهم وأحبابهم منتشرون داخل سوريا»، لافتة إلى أن «العائلات التي تشتتت بين الداخل السوري وخلف شريط الاحتلال يقيم أقرباء لها على الجانب الآخر من الشريط».

وعماد أبو صالح ولد في الجولان عام 1964، وانتقل مع بعض أفراد عائلته إلى مدينة جرمانا إثر حرب عام 1967، وانقسم أفراد الأسرة بين الجولان المحتل ومدينة جرمانا التي أقام فيها وعمل معالجا فيزيائيا حتى وفاته تحت التعذيب في سجون النظام السوري.