مفتي مسلمي أوكرانيا لـ «الشرق الأوسط»: الجهل بالدين سبب التطرف

قال إن المؤسسات الدينية المعتدلة في العالم «خط الدفاع الأول» لمجابهة الإرهاب

الشيخ أحمد مطيع تميم مفتي مسلمي أوكرانيا («الشرق الأوسط»)
TT

قال الشيخ أحمد مطيع تميم، مفتي مسلمي أوكرانيا، إن «نشر صحيح الدين بين الأفراد والمجتمعات يعد سلاحا فعالا في محاربة الإرهاب والتطرف»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» على هامش مشاركته في مؤتمر الأزهر «الإرهاب والتطرف» الذي اختتم فعالياته بالقاهرة مؤخرا، أن «الأزهر أخذ على عاتقه مواجهة جذور الإرهاب وتوعية الأفراد بخطورته. ومن جانبنا، فنحن نضم صوتنا إلى صوت الأزهر بضرورة معالجة الإرهاب والتطرف والوقوف على أسبابه، فلا يقتصر دورنا على تبرئة الإسلام من الإرهاب؛ بل يمتد ليشمل توضيح الرؤية لمهاجمة كل أنواع التطرف والغلو الديني المسبب للإرهاب»، لافتا إلى أن «توقيت مؤتمر القاهرة عن الإرهاب والتطرف جاء في وقته، بعد أن رأينا اضمحلال أمر الفوضى واستعمال الدين في السياسات، والأزهر بشيخه وجميع قياداته لهم دور فعال في لم شمل المسلمين في كل بقاع المعمورة، وعبر التاريخ كان له دور من حيث التفقيه والتعليم والإرشاد والمواقف الثابتة لنصرة أهل السنة والجماعة، وتوقيت مؤتمر الإرهاب بمصر في هذه الفترة يبين استقرار مصر وخلوها من الأزمات الداخلية».

وأكد مفتي مسلمي أوكرانيا أن «واجبنا لدحر ومجابهة الإرهاب أن نؤدي دورنا الشرعي المتمثل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتي هي أحسن، ولا يكون ذلك إلا بنشر العلم، فينبغي أن نقوم بتعليم النشء بداية من الصفوف الأولى بالمدارس إلى الجامعات.. فحينها سيتمكن الفرد من التمييز بين ما هو مقبول وغير مقبول، ويدرك ما حرمه الله.. فتكون هذه هي بداية وقاية المجتمعات من الفكر المتطرف».

وأضاف الشيخ أحمد مطيع تميم أن «الأصل في الفرقة وسبب انتشار الإرهاب والتطرف هو الجهل بالدين، والذي تسبب في أن البعض اعتلى المنابر في المساجد وأسمع الناس كلاما باطلا وادعى به أنه من شرع الله، فأفتى بغير علم وتسبب في تضليل بعض الشباب المتأثرين بالحوادث التي تدور حولنا، خاصة القضية الفلسطينية، التي كانت دوما القضية الأولى بالنسبة للأمة الإسلامية، والتي استعملت دوما لتوصيل بعض الأفكار والخطوات التي هي في غير محلها في المواضع الاجتماعية والسياسية». وتابع بقوله إنه «بسبب هذا الجهل هناك من تكلم باسم الدين وأثر على عقول الشباب، والنتيجة ظهور هذه الفتاوى المضللة والأعمال التنفيذية وفق هذه الفتاوى المضللة، فالمرجع في هذا الأمر هو تعلم علم الدين ونشر الثقافة الإسلامية بين عامة المسلمين وليس فقط بين المثقفين والفقهاء؛ بل لا بد من نشر علم العقيدة بين عامة المسلمين»، لافتا إلى أن «الذي نراه في زماننا الآن أن أصحاب الأفكار المسيسة للدين والمعتقدات الممنوعة كلهم تكلموا عن عقائدهم؛ ولكن قل من يتكلم أو يتحدث عن عقيدة المسلمين، التي فيها الخلاص من نشر الفتن والضلالات في أرجاء العالم الإسلامي والمجتمعات الإسلامية».

وأوكرانيا هي دولة من الدول التي كانت تشكل ما كان يعرف بالاتحاد السوفياتي سابقا، وهي تقع وسط أوروبا وعدد سكانها 63 مليون نسمة يتكونون من خليط من القوميات المختلفة. ويزيد عدد المسلمين في أوكرانيا على مليوني مسلم، وفي العاصمة كييف وحدها 45 ألف مسلم. وقد حصلت جمهورية أوكرانيا على الاستقلال سنة 1990، وفي سنة 1993 تأسست أول إدارة دينية لمسلمي أوكرانيا، وقد استمر الوجود الإسلامي في هذا البلد نظرا لوجود قوميات مسلمة كانوا يحافظون على هويتهم الإسلامية تحت غطاء الحفاظ على العادات والتقاليد، فكانوا يحفظون القرآن ويؤدون واجباتهم الدينية سرا، لكن بعد الاستقلال خصوصا بعد أن أصبحت للمسلمين إدارة دينية تعمل بقواعد معترف بها من طرف القوانين الأوكرانية، تم جمع شمل المسلمين من جميع القوميات.. بإظهار الشعائر الإسلامية عن طريق فتح المصليات والمقابر الإسلامية.

وعن دور علماء المسلمين والمؤسسات الدينية في مواجهة التطرف الإرهاب في الوقت الحالي، قال الشيخ تميم «لا شك أن العلماء والمؤسسات الدينية في العالم كالأزهر وغيره من المؤسسات الأخرى في البلدان الإسلامية، عليها دور مهم في مواجهة الإرهاب.. فالمؤسسات الدينية المعتدلة هي خط الدفاع الأول في العالم بأسره في مواجهة الإرهاب قبل كل الأسلحة الحربية، ويجب على كل الدول في العالم أن تدعمها، لأنها تعمل على الحفاظ على حياة كل النفوس الإنسانية، بغض النظر عن دينها أو معتقدها، وتجعل المساس بها جريمة كبرى تستوجب أشد العقاب في الدارين، لذا فإن هذه المؤسسات تدافع عن العالم بأسره في مواجهة الإرهاب»، موضحا أن «الذي نرجوه أن يقوم العلماء المسلمون بوظيفتهم في نشر المفاهيم الصحيحة من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا ما يساعد على حل الكثير من الأزمات التي تعوق ترابطنا مع بعضنا بعضا كمسلمين».

ترأس الشيخ أحمد تميم أول جمعية رسمية لمسلمي مدينة كييف في 1992، وبطلب من مسلمي البلد الأصليين وأبناء الجالية الإسلامية من المغتربين تسلم الإمامة والخطابة في مدينة كييف عاصمة أوكرانيا. وأسس في أوكرانيا أول إدارة دينية لمسلمي أوكرانيا وذلك في عام 1993، حيث ترأس إدارتها وانتخب مفتيا لمسلمي أوكرانيا بإجماع أعضاء المؤتمر التأسيسي الأول لمسلمي أوكرانيا.. ومنذ ذلك التاريخ يعتبر عضوا في رئاسة الإدارة الدينية المركزية لمسلمي اتحاد روسيا الفيدرالية والقسم الأوروبي من دول الكومنولث.

وحول من يفتون من غير المتخصصين بغير علم وينتشرون على شاشات الفضائيات، طالب مفتي مسلمي أوكرانيا بضرورة توخي الحذر من الفتاوى المتضاربة ممن لا علم لهم ولا يفقهون أصول الفتوى، موصيا بضرورة نشر علم الدين الضروري بين العامة، واتباع ما أوصى به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في ذلك الأمر، مشيرا إلى أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) كان لا يسمح للبائع أو التاجر بأن يدخل الأسواق إلا ولديه علم بالأحكام الشرعية في التعاملات التجارية.. متسائلا: «فكيف ممن يريد أن يتكلم بالفتاوى الدينية وفي الحلال والحرام؟».