الموت يغيب عبد العزيز حجازي مهندس تمويل حرب أكتوبر

رئيس وزراء مصر الأسبق عاصر الانفتاح وتبرأ من نتائجه

TT

توفي صباح أمس الدكتور عبد العزيز حجازي، رئيس وزراء مصر الأسبق في عهد الرئيس الأسبق أنور السادات، رئيس مجلس أمناء جامعة النيل المصرية، عن عمر يناهز 91 عاما إثر أزمة صحية ألمت به مؤخرا. وكان حجازي وزيرا للخزانة المصرية عقب هزيمة عام 1967 العسكرية، ونجح في توفير التمويل اللازم لحرب أكتوبر عام 1973، من دون أن يتسبب ذلك في إفلاس مصر، بحسب ما كان يعتقده كثير من الخبراء في ذلك الوقت.

وشعيت بعد صلاة الظهر أمس جنازة الدكتور حجازي من مسجد عمر مكرم بميدان التحرير، وتقدم المشيعين مندوب عن رئاسة الجمهورية، والمهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، الذي حضر إلى المسجد مترجلا من مقر مجلس الوزراء، إضافة إلى عدد كبير من الوزراء. وشيع الجثمان ملفوفا بعلم مصر وسط دموع محبيه وأصدقائه وتلامذته عرفانا لرجل قدم كثيرا للوطن.

ولد حجازي في 2 يناير (كانون الثاني) 1923، وترأس مجلس وزراء مصر من 25 سبتمبر (أيلول) عام 1974 إلى عام 1975. كما تولى رئاسة عدة بنوك، وتولى أخيرا منصب رئيس مجلس أمناء جامعة النيل.

وشغل الدكتور حجازي منصب وزير الخزانة في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، ثم نائب رئيس الوزراء ووزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية في عهد السادات، قبل أن يتولى رئاسة الوزراء بعد حرب أكتوبر، وكانت مهمته إعادة الإعمار وتنشيط الاقتصاد المنهك بعد الحرب. وقال عن ذلك في تصريحاته أخيرا: «يكفيني فخرا أنني وفقت في تمويل معركة أكتوبر وتجهيزها دون الإفلاس».

واستمر حجازي في العمل العام طوال حياته، وصولا إلى تولي رئاسة لجنة الحوار الوطني عقب ثورة يناير في عام 2011. وحصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، ووشاح النيل المصري، ووشاح الملك عبد العزيز من المملكة العربية السعودية، إضافة إلى جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة عام 1982.

ورغم أن حجازي تولى منصب رئاسة الحكومة المصرية في فترة وجود الانفتاح الاقتصادي بمصر، فإنه تبرأ منه لاحقا، حيث أكد، خلال كلمته بصالون إحسان عبد القدوس عام 2011 أنه غير مسؤول عما حدث بالبلاد بعد يناير 1975، بعد فشل سياسة الانفتاح الاقتصادي وسوء تطبيقها في مصر.

وتابع حجازي «أبرئ نفسي من الانفتاح بعد 1975، حيث فشل لسوء تطبيقه في مصر، وأنا شريك فقط في المسؤولية في الفترة من 1968 وحتى 1975، تلك السنوات الـ7 العجاف»، لافتا إلى أن الانفتاح لم يكن نظرية وفلسفة لكن حاجة وطنية وضرورة فرضتها الظروف، لفتح الباب للاستثمار، وأنه كان تغييرا وطنيا مستقلا لم تتحكم فيه القوى الدولية أو الشركات متعددة الجنسيات.

وأضاف حجازي أن الانفتاح فشل لأنه لم يحل المشاكل المزمنة التي نعاني منها، والدولة غنية جدا لكن هناك سوء إدارة في الموارد والطاقات، موضحا أن وزيرا بحكومته وقتها تآمر عليه للإطاحة به عام 1975، وأقنع الرئيس الراحل أنور السادات بمجموعة من الإجراءات والقرارات رفعت الديون من ملاليم إلى أكثر من 100 مليار جنيه، موضحا أن الوزير المذكور حرك مظاهرات ضده، تهتف: «حجازي بيه حجازي بيه.. كيلو اللحمة بقى بجنيه».

وفي الأعوام الأخيرة، شدد حجازي في أكثر من حوار له على أن العشوائيات والفقر والجهل من أخطر ما يواجه الحكومات؛ وهي من أخطر ما يواجه حكومة رئيس الوزراء المصري الحالي المهندس إبراهيم محلب، على حد قوله. ومن أبرز تعليقاته عن الأوضاع في مصر مقولته «منتجعات هنا وعشوائيات هناك»، حيث حذر من تزايد منتجعات الأثرياء مقابل عشوائيات الفقراء، منتقدا التزايد المستمر للعشوائيات في مصر وتغول المعاناة والفقر بها، مبرزا بيانات أعلنها وزير التنمية الاقتصادية الأسبق عثمان محمد عثمان بوجود 1000 منطقة عشوائية في مصر. وحذر حجازي من استشراء الطبقية في المجتمع وانتشار منتجعات الأثرياء مقابل عشوائيات الفقراء، قائلا: «إذا كان شيخ الأزهر في نهاية العصر الملكي محمد مصطفى المراغي قد وصف سلوكيات الملك فاروق في سفرياته قائلا: تقتير هنا وإسراف هناك، فإن المثل الذي يصدق الآن على الواقع المصري هو منتجعات هنا وعشوائيات هناك».

وقدم حجازي للمكتبات العربية عدة مؤلفات اقتصادية، منها الأصول العلمية للتكاليف الفعلية، وتصميم النظام المحاسبي للتكاليف الفعلية في المشروعات الصناعية الدراسة التحليلية للميزانيات التجارية، وتصميم النظام المحاسبي للتكاليف الفعلية في المشروعات الصناعية والدورات المستندية، والمحاسبة المالية وتنظيم الدفاتر التجارية، والمحاسبة المالية وإمساك الدفاتر بالزراعة، وميزانيات المشروعات الزراعية، دراسة تحليلية، والرقابة المحاسبية والقوائم المالية، والتوازن الحسابي.

وترأس حجازي مجلس إدارة بنك التجارة والتنمية (التجاريون)، نائب رئيس مجلس إدارة بنك فيصل الإسلامي سابقا، رئيس مجلس إدارة الشركة العربية الأميركية للاستثمار، رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، رئيس مجلس إدارة المعهد المصري للمحاسبين والمراجعين، الرئيس الشرفي لاتحاد المحاسبين والمراجعين العرب.

ويذكر أن حجازي حصل على بكالوريوس التجارة، شعبة محاسبة، عام 1944، ثم حصل على درجة الماجستير عام 1945، ودكتوراه الفلسفة في التجارة، من جامعة برمنغهام البريطانية عام 1951. وتدرج بالكادر الجامعي حتى وصل إلى منصب عميد كلية التجارة بجامعة عين شمس.