الرئيس الألماني يحث مواطنيه على الترحيب باللاجئين

صعود حركة «بيجيدا» المناهضة للهجرة يثير قلق السياسيين الألمان

الرئيس غاوك بعد تسجيل رسالته إلى الألمان بمناسبة أعياد الميلاد بقصر بيلفو الرئاسي في برلين (أ.ب)
TT

حث الرئيس الألماني يواخيم غاوك مواطنيه على الترحيب بمئات الآلاف من الفارين من مناطق الحروب ونبذ التوجهات الشعبوية المناهضة للاجئين. وخصص غاوك جزءا من خطابه السنوي بمناسبة عيد الميلاد، الذي سيلقيه من خلال التلفزيون الرسمي اليوم الخميس، للثناء على المواطنين الألمان الذي قدموا المأوى والدعم لنحو 200 ألف لاجئ جديد العام الحالي وللهجوم بشكل غير مباشر على حركة جديدة مناهضة للاجئين تدعى «بيجيدا».

وشارك أكثر من 17 ألف ألماني في أكبر مظاهرة ضد اللاجئين في ألمانيا يوم الاثنين في مدينة دريسدن في شرق البلاد، معبرين عن مزاعمهم بأن المسلمين يغزون ألمانيا. وارتفع عدد طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى ألمانيا هذا العام إلى نحو 200 ألف، أي ضعف العدد المسجل عام 2013، و4 أمثال العدد في عام 2012، وهو أكبر عدد بين جميع الدول الأوروبية. كما يستضيف عشرات الآلاف من المواطنين الألماني لاجئين في إطار مبادرات شخصية. وتعد قوانين اللجوء الألمانية بين الأكثر تساهلا في العالم ربما لأن اللجوء الذي منح للمواطنين الألمان في فترات سابقة ساعدت كثيرين وبينهم المستشار السابق فيلي برانت على الفرار من الحكم النازي. وقال غاوك: «نعرف أن المخاوف سترافقنا على الدوام لكننا نعرف أيضا أن الممارسة العملية لما نصفه بالإنسانية هي بالتأكيد تجسيد لأعظم قدرات البشر».

وقد انطلقت حركة «بيجيدا» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في دريسدن عاصمة ولاية سكسونيا التي لا يتجاوز تعداد سكانها من أصل أجنبي نسبة 2.2 في المائة، ثم وجدت نفسها في غضون بضعة أسابيع في واجهة الأحداث إعلاميا ليرتفع عدد المتظاهرين من بضع مئات إلى 17500 الاثنين الماضي. وترفع هذه الحركة شعار «رفض الأسلمة» أو منع قبول الأجانب الذين يرفضون الاندماج في المجتمع.

وأثار صعود هذه الحركة في البداية الذهول ثم القلق في بلد انطبع بالعنصرية الشديدة للديكتاتورية النازية. ولفت المحللون إلى قوتها في جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة، ألمانيا الشرقية الشيوعية سابقا، التي لم تعمل بعد 1945 على تجربتها مع الرايخ الثالث لأن النازيين كانوا في الغرب، لكن بعدما مر وقع المفاجأة علت الأصوات للتعبير عن رفض ما تثيره أفكار «بيجيدا» ومبادئها لدى قسم كبير من المجتمع الألماني. وجرت مظاهرات مضادة جمعت خليطا من المسؤولين السياسيين والفنانين والمواطنين العاديين في دريسدن كما في مدن أخرى. ومساء الاثنين كان المناهضون لبيجيدا مع 20 ألف شخص في مدن عدة في البلاد (بينهم 12 ألفا في ميونيخ فقط) أكثر عددا من مؤيديها.

وفي جانب السياسيين الذين يقولون إنهم «يأخذون على محمل الجد» مخاوف الناس، تشددت اللهجة أيضا. فصرحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأسبوع الماضي أن لا مكان في ألمانيا «للتحريض على الكراهية والافتراء». وأكد وزير خارجيتها الاشتراكي الديمقراطي فرنك فالتر شتاينماير أول من أمس لمجلة دير شبيغل أن «الألمان يعتبرون بغالبيتهم العظمى أن على هؤلاء الناس أن يجدوا عندنا ملجأ يحتمون فيه من الحرب الأهلية». كما دعا المستشار الألماني الاشتراكي الديمقراطي السابق غيرهارد شرودر في حديث لمجلة «كوراغيرت» الاثنين الماضي إلى «انتفاضة للناس الشرفاء».