ملفات الفساد تثير جدلا في البرلمان المغربي

وزير العدل يدعو حزب الاستقلال المعارض إلى التخلص من «كائناته الانتهازية»

TT

تسببت قضية إحالة ملفات الفساد على القضاء في المغرب إلى تبادل للاتهامات داخل البرلمان بين وزير العدل والحريات مصطفى الرميد ونواب حزب الاستقلال المعارض.

واستعد الرميد المنتمي لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية متزعم الائتلاف الحكومي، بشكل مسبق للمواجهة مع غريمه السياسي حزب الاستقلال خلال الجلسة العامة المخصصة للأسئلة التي عقدت أول من أمس، ردا على سؤاله بشأن المعايير المعتمدة من قبل وزارته، لإحالة ملفات الفساد التي يحقق فيها المجلس الأعلى للحسابات (أعلى هيئة لمراقبة المال العام) على المحاكم.

فبينما اتهم نواب «الاستقلال» الرميد باعتماد «الانتقائية» في إحالة ملفات بعينها إلى القضاء، وخرق قرينة البراءة بكشفه عن فرار نائبين من حزب الاستقلال خارج البلاد متهمين بالفساد خلال برنامج تلفزيوني. دعا الرميد خلال الجلسة العامة لمجلس النواب حزب الاستقلال إلى التخلص من «الكائنات الانتهازية» داخله، مستعملا تشبيها قدحيا أثار غضب الاستقلاليين. واضطرت البرلمانية رشيدة بنمسعود رئيسة الجلسة لرفعها لمدة قصيرة.

وخاطب الرميد نواب «الاستقلال» قائلا: «أمسكتكم من الجانب الذي يضركم في جسدكم الحزبي، ألا وهو الفساد». وأضاف: «أقول لكم وللجميع إن الجسد يفرز أوساخا بشكل طبيعي، ويحتاج الإنسان أن يذهب إلى الحمام ليتخلص من الأوساخ، وكذلك الجسد الحزبي يحتاج أن يلج باستمرار حمام المحاسبة الذاتية والتخليق الضروري، للتخلص من الكائنات الانتهازية والنفعية». وتابع الرميد قائلا: «أنبه إلى أن الإنسان الذي لا يتخلص من أوساخه فإنه مع الزمن تتكاثر الأوساخ وتصبح قاذورات وميكروبات وفيروسات تؤدي في النهاية إلى هلاك الكائن الحزبي».

بدوره رد نور الدين مضيان رئيس الفريق النيابي لحزب الاستقلال بشكل لاذع على تصريحات الرميد، وقال: «انتقلنا من اللغة التشريعية السياسية إلى لغة الحمامات».

ومساندة لوزير العدل في رده على خصومه السياسيين، قال النائب عبد العزيز أفتاتي من حزب العدالة والتنمية، إن اتهام الرميد بالانتقائية في إحالة ملفات الفساد إلى القضاء ليس له معنى سوى أن حزب الاستقلال يرفض محاربة الفساد، بدليل أنه لم يستطع أن يحدد الموقف من برلمانييه الهاربين من العدالة، مشددا على ثقته في الحكومة ونزاهتها. ونفى وزير العدل والحريات بشدة أن تكون الحكومة تتعامل بمنطق الانتقائية مع ملفات الفساد.

وكان الفريق النيابي لحزب الاستقلال قد أصدر بيانا ينتقد فيه بشدة تصريحات الرميد بشأن فرار نائبين منتميين إلى الحزب من العدالة، كشف عنها خلال برنامج تلفزيوني عرض الخميس الماضي، وذلك في معرض رده على انتقادات وجهها إليه الحبيب طلابي عضو المجلس الوطني لحزب الاستقلال خلال البرنامج، قال فيها إن الرميد يمارس «البهرجة الإعلامية» في محاربة الفساد. فرد عليه الرميد متسائلا: «هل تقبل أن يكون في حزبك برلمانيان هاربان من وجه العدالة ثم تأتي عند المواطنين وتتحدث لهم عن محاربة الفساد وعن البهرجة الإعلامية لوزير العدل؟». وكشف الرميد أن أحد النائبين هرب منذ عام ونصف العام، والآخر منذ شهور.

ووصف الفريق النيابي لحزب الاستقلال تصريحات الرميد بأنها «غير مسؤولة يحاول من خلالها تغطية فشل الحكومة في محاربة الفساد وتحويل أنظار الرأي العام عن الفضائح التي يغرق فيها الوزراء، والتي ما زال الرأي العام الوطني يتتبعها باهتمام بالغ».. في إشارة إلى «فضيحة الملعب».

ودعا نواب الاستقلال الرميد إلى الإفصاح عن أسماء البرلمانيين اللذين يتهمهما بالهروب من العدالة، باعتباره المسؤول الأول عن تحريك الدعوى القضائية وإعمال القوانين الجاري بها العمل لإحضار جميع المتهمين كيفما كانت مرتبتهم من أجل الخضوع للتحقيق القضائي، ووصفوا تصريحاته أيضا بأنها «خطيرة يحاول من خلالها النيل من سمعة ممثلي الأمة المنتمين لحزب الاستقلال في الوقت الذي لم تكن له فيه الجرأة لتحريك الملفات التي تهم قياديين من حزبه متهمين بالفساد». واتهم نواب «الاستقلال» وزير العدل بـ«استغلال منصبه من خلال لجوئه إلى إطلاق التهم بطريقة عشوائية» وعدوا ذلك «مسا خطيرا باستقلال العدالة وحرمة القضاء»، داعين إلى «فتح ملفات الفساد كيفما كان نوعها من دون تمييز أو انتقائية في إطار دولة الحق والقانون».