بوتفليقة يؤكد استعداد الجزائر للإسهام في حل الأزمة الليبية

حكومة سلال تتعرض لانتقادات بسبب عدم تحسبها الكافي لهبوط النفط

TT

قال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، في رسالة وجهها إلى رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح عيسى، إن الجزائر «على استعداد تام لتكثيف جهودها الرامية إلى لم شمل الأشقاء في ليبيا، ومرافقتهم في مسار الحل السلمي التوافقي الكفيل بالمحافظة على وحدة وطنهم وسيادته وإقامة الدولة التي يرتضونها».

وجاء في الرسالة التي نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية، أمس بمناسبة مرور 63 سنة على استقلال ليبيا من الاستعمار الإيطالي، أن الجزائر «حريصة دوما على الوقوف إلى جانب الشعب الليبي الشقيق، لا سيما في هذا الظرف الحساس الذي يمر به».

وتأتي دعوة الرئيس بوتفليقة أطراف الأزمة في ليبيا إلى عقد حوار بالجزائر، يفضي إلى مصالحة، في سياق مساع جزائرية تم إطلاقها في أغسطس (آب) الماضي، لجمع ناشطين سياسيين وأعضاء مجموعات مسلحة ورموز من النظام الليبي السابق، بهدف بحث مخرج من الأزمة. وتعتبر الجزائر نفسها المتضرر الأكبر من الحرب الأهلية في ليبيا، على أساس أن أمنها القومي مهدد من الأسلحة الليبية التي تسرَبت من الترسانة الحربية، في عز الحملة التي أدت إلى مقتل العقيد معمر القذافي في خريف 2011.

وأوفدت الجزائر الشهر الماضي، مبعوثين دبلوماسيين إلى مختلف الأطراف في ليبيا وسلَموهم دعوة للمشاركة في حوار بالجزائر، كان يفترض أن يعقد قبل نهاية العام الجاري. غير أن المسعى فشل لأسباب كثيرة، أهمها تحفظ بعض الأحزاب، خاصة الإسلاميين، على مشاركة أحمد قذاف الدم ابن عم القذافي الذي تلقى دعوة. وتتحاشى السلطات الجزائرية القول بأنها لم تنجح في إقناع الفرقاء الليبيين بالمسعى، وتفضل الحديث عن «عوائق فنية حالت دون عقد الاجتماع».

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية عبد العزيز بن علي شريف، صرح للصحافة، بأن الجزائر «تؤدي دور المسهل في أزمة ليبيا وليس بإمكانها إبعاد أي طرف من الحوار، إلا من أقصى نفسه بنفسه»، مشيرا إلى أن «الذين يمارسون العنف لن يشاركوا في الحوار»، من دون توضيح من يقصد بالضبط.

إلى ذلك، تتعرض حكومة الرئيس بوتفليقة لانتقاد شديد، بحجة أنها لم تتخذ الاحتياطات الضرورية لتفادي الإفرازات السلبية لانهيار أسعار النفط. ودعا بوتفليقة في اجتماع عقده مع 5 وزراء الثلاثاء الماضي، إلى «ترشيد النفقات». وعدَ كلامه بأنه دعوة إلى التقشف. وقال الخبير الاقتصادي عبد الحق لعميري لـ«الشرق الأوسط» إن «بوتفليقة ورئيس الوزراء عبد المالك سلال وأعضاء الحكومة، كانوا على علم بأن أسعار النفط ستنخفض، لبروز مؤشرات ذلك منذ سنة على الأقل. وكان ينبغي أن تحتاط الحكومة لهذه الأزمة منذ سنوات لتفادي انخفاض مداخيل البلاد، التي تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط».

وردَ سلال أمس بالعاصمة على الاتهامات، بمناسبة مظاهرة اقتصادية، فقال: إن الجزائر «لا تعيش ظروفا صعبة، لأن هناك إنجازات كبيرة قام بها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة منذ سنوات، من بينها تسديد المديونية الخارجية مبكرا وبالتالي يمكن القول إننا لسنا في الوضع الذي كنا عليه عام 1986»، في إشارة إلى سنة توقف كل مشاريع التنمية في البلاد، بعد انهيار أسعار النفط في منتصف الثمانينات من القرن الماضي.

وذكر رئيس الوزراء أن البلاد «تتوفر على احتياطي صرف ضخم (200 مليار دولار)، ما يمكنها من مواجهة تقلبات أسعار النفط لمدة لا تقلَ عن 5 سنوات. زيادة على أنها تتوفر على آليات أخرى لتجاوز الأزمة، منها صندوق ضبط العائدات». وأضاف: «ستواصل الدولة استثماراتها الكبرى ودعمها لأسعار المواد الاستهلاكية، رغم التقلبات التي تشهدها أسواق النفط العالمية. وقد اتخذت الحكومة احتياطاتها تجاه هذه التقلبات من أجل مواصلة برنامج الاستثمارات العمومية للخماسي المقبل 2015 - 2019». ودعا بوتفليقة حكومته إلى ترشيد الإنفاق العمومي، مبديا قلقا من انخفاض أسعار النفط. غير أنه استبعد وقف مشاريع البنية التحتية الجارية، التي رصدت لها مبالغ ضخمة.