السيستاني يدعو السياسيين إلى التضحية بامتيازاتهم لعبور الأزمة المالية

اللجنة المالية البرلمانية: عجز الموازنة ستتم تغطيته بالضرائب على السيارات والجوال والإنترنت

عناصر من الميليشيات الشيعية يشيعون في النجف أحد قتلاهم في الحرب ضد داعش شمال العراق (إ.ب.أ)
TT

في الوقت الذي شرع فيه البرلمان العراقي بالقراءة الأولى مشروع الموازنة المالية في البلاد لعام 2015 في ظل عجز مالي غير مسبوق، دعا المرجع الديني الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني كبار السياسيين إلى التضحية بامتيازاتهم من أجل أن تعبر البلاد الأزمة المالية.

وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي، ممثل المرجع الأعلى، خلال خطبة الجمعة في كربلاء أمس، إنه «في خضم الحديث المتداول في كيفية مواجهة النقص من الموارد المالية فالمطلوب لسد النقص وما تبعه من تخفيض للموازنة الاستثمارية التي ستؤثر كثيرا في تقديم المشاريع والخدمات الني ينتظرها المواطنون، فضلا عن تقليلها فرص العمل لعدد كبير من خريجي الجامعات والمواطنين ممن هم بحاجة ماسة إليها». وأضاف أن «مثل هذه الظروف والأحوال التي من الممكن أن تتكرر مستقبلا لا يصح أن يقتصر على اتخاذ إجراءات آلية عاجلة وإن كانت مطلوبة وضرورية، بل لا بد من وضع دراسة مالية واقتصادية شاملة من قبل ذوي الاختصاص والخبرة تتشكل من جميع الوزارات والدوائر ومن الممكن الاستفادة من تجارب دول أخرى شهدت ظروفا اقتصادية مماثلة وتمكنت من تجاوزها».

وأشار إلى أن «المسؤولية تجاه هذه الظروف هي مسؤولية وطنية تضامنية، أي يتحملها الجميع بدءا من أعضاء مجلس الوزراء وكبار المسؤولين في الحكومة والنواب وسائر موظفي الدولة وحتى المواطنين للخروج من الأزمة من مختلف مواقعهم، بالإضافة إلى فتح منافذ جديدة للموارد الدولية كتطوير القطاع الصناعي والزراعي والسياحي، ولا بد من الاعتماد على الكفاءات الوطنية وعدم الاعتماد على الخارج إذا كان المحلي متوفرا». وكان البرلمان العراقي أنهى القراءة الأولى للموازنة المالية خلال جلسة استثنائية، حيث قدرت بـ99 تريليونا ومليار واحد و875 ألف دينار، في حين بلغت النفقات 125 ألفا و203 مليارات و10 ملايين و783 ألف دينار لنفقات السنة المالية 2015.

وفي هذا السياق أكدت اللجنة المالية البرلمانية، أن «الزيادة الجديدة في سلم رواتب الموظفين لن تصرف ضمن موازنة 2015»، مشيرة إلى أن «المبلغ سيتم ادخاره للموظفين». وقالت ماجدة التميمي، عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي خلال مؤتمر صحافي عقدته في مبنى البرلمان، أن «الدرجات الوظيفية ستقتصر على وزارات الدفاع والداخلية والصحة والتربية»، مشيرة إلى أنها «لا تستطيع الكشف عن عدد الدرجات الوظيفية لحين الاطلاع الكامل على الموازنة». وبينت التميمي، أن «مبلغ الموازنة بلغ 123 تريليون دينار عراقي بواقع عجز بمبلغ 23 تريليونا»، مبينة أن «الموازنة بنيت على سعر 60 دولارا لبرميل النفط الواحد وبواقع تصدير 3.3 ملايين برميل يوميا». وتابعت عضوة اللجنة المالية، أن «سعر البرميل الذي بنيت عليه الموازنة هو سعر مرتفع، وخاصة أن النفط العراقي يباع بسعر أقل بـ8 دولارات عن نفط برنت»، مستبعدة أن «يصل إنتاج النفط العراقي إلى 3.3 ملايين برميل يوميا». ولفتت التميمي إلى أن «العجز في الموازنة ستتم تغطيته من خلال الضرائب على الهاتف الجوال بنسبة 20 في المائة وعلى السيارات الجديدة وعلى الإنترنت». وبينما كان الخلاف النفطي بين الحكومة المركزية السابقة وحكومة إقليم كردستان أحد أبرز العوائق في عدم إقرار موازنة عام 2014 وما تم فرضه من عقوبات جزائية على الإقليم بسبب عدم تسليمه الكميات المصدرة من النفط من قبل الإقليم دون الرجوع إلى الحكومة الاتحادية فإنه وطبقا لما أعلنته رئيس كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي آلا طالباني خلال مؤتمر صحافي عقدته في مبنى البرلمان يوم الخميس الماضي، أن «ما يهمنا جدا تمرير الموازنة، وأن الإقليم كردستان ونظرا للظروف الحالية فإن ما تم تحقيقه له من الموازنة مرضٍ جدا لجميع الأطرف من أجل تحقيق العدالة بالإيرادات». وأضافت طالباني، أن «ما حصل من اتفاق بين بغداد والإقليم أسهم في تحقيق نتائج إيجابية، منها نسبة الـ17 في المائة من الموازنة للإقليم، فضلا عن الموافقة على تصدير النفط وتخصيص مبلغ مالي لقوات البيشمركة»، لافتا إلى أنهم «يقاتلون تنظيم (داعش) في كل الجبهات». وفي هذا السياق أكد المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي الدكتور مظهر محمد صالح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «موازنة عام 2015 المقبل تتضمن الكثير من التحوطات والبدائل تحسبا من حدوث أمور غير متوقعة»، مشيرا إلى أن «الميزانية التشغيلية تبلغ 63 تريليون دينار والاستثمارية تبلغ 37 تريليونا». وأضاف صالح، أنه «في الوقت الذي تعاني فيه الموازنة من عجز حقيقي، لكنه ليس مقلقا تماما، بل هو مسيطر عليه حتى الآن فيما يجري البحث عن بدائل لتغطيته». وأكد صالح، أن «هناك الكثير من الإجراءات التي قامت بها الحكومة حتى الآن مثل تأجيل الدفعة الأخيرة من التعويضات الكويتية والبالغة أكثر من 4 مليارات دولار، وهو ما سوف يساعد في تقليص العجز، كما أن هناك مسائل أخرى مثل الاقتراض من المصارف الأهلية أو سندات الخزينة وضغط النفقات، لا سيما الكمالية منها». من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة المجلس الأعلى الإسلامي محمد المسعودي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «التفاهم بين البرلمان والحكومة أمر في غاية الأهمية وجعلنا نغادر بالفعل المرحلة السابقة التي كانت مرحلة مناكفات ومشاحنات سياسية أضرت البلاد كثيرا وعطلت كل شيء». وأشار إلى أن «التوافق السياسي سوف ينسحب على أداء الجميع في كل الميادين بمن في ذلك تقديم الخدمات والأمن».