ليبرمان «يهرب» من فضائح الفساد بالسفر إلى باريس لدفع مبادرته السلمية

تلقى ضربات في استطلاعات الرأي بشأن حزبه

TT

في الوقت الذي كانت فيه المحكمة تقرر حبس وزير سابق ونائبة وزير ونحو 30 شخصية أخرى معظمها من حزب «إسرائيل بيتنا» للاشتباه بتورطهم في قضايا فساد كبرى، اختفى زعيم هذا الحزب، وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، ثم أعلن أنه سافر إلى العاصمة الفرنسية باريس، «لمقابلة شخصيات عربية مهمة للتباحث معها حول مبادرته للسلام الإقليمي، بين إسرائيل والدول العربية».

وكانت مصادر مقربة من ليبرمان قد ردت على أسئلة الصحافيين بالتهرب والاكتفاء بالقول إنه «سافر كالعادة في مهمة تتعلق بوزارته». ولكن عندما سرت إشاعات تقول إن ليبرمان هرب من البلاد خوفا من أن يعتقل هو الآخر بتهمة الفساد الكبرى المذكورة أعلاه، وافقوا على الاعتراف بأنه في باريس. وسئل المقرب منه: «ألا يعرف ليبرمان أن الأوروبيين خرجوا إلى عطلة منظمة بمناسبة عيد الميلاد، وأنه لن يجد من يجتمع به من المسؤولين الغربيين في العيد؟». هنا اعترف الناطق بأن ليبرمان يجري لقاءات سرية ولكنه اعتذر عن إعطاء تفاصيل واكتفى بالقول إنه ليس مخولا في الإدلاء بمعلومات عن الرحلة.

وتشير التقديرات في تل أبيب إلى أن ليبرمان يزور باريس من أجل التقاء شخصية عربية رفيعة المستوى، يحاول بالتعاون معها دفع فكرة «التسوية الإقليمية» التي يتحدث عنها ليبرمان كثيرا في الآونة الأخيرة. وأضافت المعلومات في إسرائيل بأن ليبرمان ينزل هذه المرة في فندق «رفائيل» الفخم في باريس، الذي يفضل مسؤولون عرب، والخليجيون خاصة، الإقامة فيه.

وقال يوسف فيرتر، أحد خبراء السياسة الداخلية الإسرائيلية، إن من الصعب تقدير وتوقع تحرّكات ليبرمان، الذي يُعتبر سياسيا محنكا، ومن الصعب فهم ما خططه. خرج أمس إلى سلسلة من اللقاءات في باريس، وبخلاف المعتاد، لم تنشر وزارة الخارجية (التي يترأسها ليبرمان بصفته وزيرا للخارجية) أخبارا عن ذلك. وتوقيت خروج ليبرمان إلى باريس مثير للاستغراب وللدهشة. أولا بسبب التحقيقات الكبيرة مع رفاقه في قيادة حزب «إسرائيل بيتنا»، عقب حقيقة أنه خرج يوم عيد الميلاد، ولذلك يُعتقد أن احتمال لقائه مع شخصيات أوروبية معينة هو احتمال ضعيف.

وأشار فيرتر إلى أن انتشار فضيحة الفساد الكبرى في حزب في فترة تقع فيها دولة إسرائيل في خضم عملية انتخابات، قد يكون حاسما بخصوص استمرار الحياة السياسية لليبرمان وقد تؤدي إلى زعزعة الخارطة الحزبية في إسرائيل. فقد تطاله التحقيقات بشكل شخصي، ويعتقل، حيث إنه لا يمكن أن يكون بريئا من هذه التهم. فهو الشخص الذي يقرر كل ما يحدث داخل حزبه.

وكدليل على ذلك، فإن استطلاعات الرأي الأخيرة التي نُشرت صباح أمس (الجمعة)، بعد يومين من انتشار الفضيحة، يتلقى ليبرمان ضربات قاسية. وفقا لأحد الاستطلاعات، فمن المتوقع أن يحصل ليبرمان على 5 مقاعد في الكنيست (مقابل 13 في الكنيست الحالية)، مما سيقلل كثيرا من قوته السياسية.

وتمسك الفضيحة ليبرمان في الوقت الذي يعرض فيه تحديثا لمواقفه السياسية، التي كانت معروفة بالتطرف الشديد تجاه الفلسطينيين وتجاه فرصة التوصل إلى تسوية سياسية. ولكنه يعرض مؤخرا مواقف أكثر عملية، ويتحدث عن الحاجة الإسرائيلية للتوصل إلى تسوية سياسية مع الدول العربية وينتقد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، على إساءة العلاقات مع الإدارة الأميركية، ويدلي بتصريحات إيجابية من أجل تجنب المقاطعة والعزلة الدولية، وهكذا فهو يقدم نفسه باعتباره «المسؤول الكبير». ويبدو أن أحد أسباب تغيير مواقف ليبرمان يعود إلى رغبته في تغيير حكم نتنياهو، بحكم الكتلة السياسية التي تدعى في إسرائيل «المركز - اليسار»، والذي قد يترأسه ليبرمان، مع يتسحاق (بوجي) هرتسوغ وتسيبي ليفني. وبسبب طريقة الانتخابات الإسرائيلية، فمن المتوقع أن تكون في إسرائيل كتلتان سياسيتان بعد الانتخابات: كتلة اليمين، بقيادة نتنياهو ونفتالي بينيت، وكتلة المركز - اليسار. في أعقاب ذلك، من يقرر رئيس الحكومة القادم هو ليبرمان جنبا إلى جنب مع «كلنا»، حزب موشيه كحلون، والأحزاب الدينية. وقد أدى نشر فضيحة الفساد الخطيرة إلى ابتسامات كثيرة في معسكر اليمين. وإذا به يزيل هذه الابتسامة بمجرد الإعلان عن سفره المفاجئ إلى باريس للقاء شخصيات عربية.