كشفت مصادر قبلية يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن جماعة الحوثي قامت، خلال الأيام الماضية، بسلسلة من التفجيرات التي استهدفت منازل مواطنين وشخصيات اجتماعية بينها منازل شيوخ قبائل، خصوصا أولئك الذين ينتمون لحزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي، العضو الرئيسي في تكتل أحزاب «اللقاء المشترك».
وقال شيخ قبلي، رفض الكشف عن هويته لـ«الشرق الأوسط» إن أبناء قبيلة أرحب يتعرضون لنوع من أنواع الإبادة الجماعية على يد الحوثيين، بذريعة البحث عن عناصر تنتمي لتنظيم القاعدة والبحث عن الشيخ عبد المجيد الزنداني، (ابن المنطقة) الذي يعد من كبار زعماء تنظيم الإخوان المسلمين في العالمين العربي والإسلامي الذي يعتقد أنه يختبئ هناك هربا من الحوثيين.
وقال، عبد السلام محمد، رئيس مركز أبعاد للدراسات لـ«الشرق الأوسط» إن «الحوثيين باستهدافهم لأرحب يسعون إلى السيطرة على موقع استراتيجي عسكري هام يتمثل في جبالها المشرفة على العاصمة وعلى مطار صنعاء المدني والعسكري، كما أن فيها أهم المعسكرات التي تحتوي على أحدث الأسلحة من بينها صواريخ استراتيجية بعيدة المدى قد يصل مدى بعضها إلى دول الجوار الخليجي». وأضاف أن «التفاهمات التي تمت بين الإصلاح والحوثيين كانت على أساس مقدمات للحوار حول تطبيق اتفاقية السلم والشراكة ومن أجل إبداء حسن نوايا يتم حل إشكالات كثيرة من بينها مقرات الإصلاح والمؤسسات والمنازل التابعة لقياداته وأعضائه المحتلة والمطاردات والانتهاكات الحقوقية ومسؤولية الدولة، لكن كل ذلك باء بالفشل بعد استهداف أرحب وقبائلها ومشايخها خاصة المنتمين للحزب».
وأردف محمد «الخلافات الواضحة بين الطرفين هي أن الإصلاح يتهم الحوثيين بتقويض الدولة والقيام بمهامها سواء في حفظ الأمن أو مكافحة الإرهاب، ورغم طرح الحوثيين الكثير من القضايا التي تتعلق بمخرجات الحوار الوطني وتطبيق اتفاقية السلم والشراكة، فإن أهم النقاط فيها تنص على الانسحاب من صنعاء بعد تشكيل الحكومة رفض الحوثيون تطبيقها، وهو ما اعتبره الإصلاح على ما يبدو تلاعبا لكسب الوقت».
إلى ذلك، لقي 3 جنود مصرعهم وجرح آخرون، وما زالت الحصيلة مرشحة للارتفاع، وذلك في انفجار استهدف دورية عسكرية في مدينة مأرب بشرق اليمن. وقالت مصادر أمنية يمنية أخرى إن الانفجار استهدف سيارة تتبع أحد المشايخ الموالين للحوثيين، ويعتقد أن تنظيم «القاعدة» يقف وراء الهجوم أو أحد المخربين الذين ينتشرون في المحافظة ويقومون بتفجير أنابيب النفط والغاز وشبكات الكهرباء.
من ناحية ثانية، عززت القوات الأمنية من انتشارها في مدينة عدن الجنوبية تزامنا مع وجود رئيس الوزراء اليمني خالد بحاج وعدد من الوزراء لعقد جلسة للحكومة اليوم بالمحافظة فيما ينفذ الحراك الجنوبي عصيانا مدنيا متزامنا، للمطالبة بالاستقلال.
وشهدت مدينة عدن تعزيزات عسكرية وأمنية غير مسبوقة، حيث لوحظ انتشار ثكنات عسكرية في الشوارع الرئيسية وبجانب عدد من الفنادق الهامة التي من المتوقع أن ينزل بها عدد من الوزراء. فيما يقيم الآلاف من أنصار الحراك الجنوبي اعتصاما مفتوحا في ساحة العروض بخور مكسر، كبرى الساحات بالمدينة للمطالبة بفك الارتباط عن الشمال الذي دخل معه في وحدة اندماجية في العام 1990.
وكان رئيس الوزراء خالد محفوظ بحاح وصل أول من أمس إلى عدن. وقال خلال كلمة ألقاها في افتتاح أعمال المؤتمر الرابع للشركات العائلية، بأن اليمنَ ما زال يواجه تحديات هائلة، وأن الحكومة اليوم تتصدى لمهمة ثقيلة متعددة الأبعاد، السياسية والاقتصادية والأمنية، موضحا أن أكثر ما يحتاجه الجميع في هذه المرحلة هو استعادة دورِ الدولة ووظيفتها، والتأكيد على أهمية التزام الجميع بالاتفاقات التي تنظم عملية الانتقال السلمي في هذا البلد بدءا من اتفاق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وانتهاء باتفاق السلم والشراكة.
وأكد بحاح أن انعقاد هذا المؤتمر بمدينة عدن يبرهن على وعي الجميع بأهمية هذه المدينة، بصفتها أهم مدن الموانئ في اليمن لموقِعها الحيوي ودورها الاقتصادي الذي أدتَهُ عبر قرونٍ من الزمنِ، وبِما تمتعت به من مواصفاتٍ استثنائية بين مُدنِ اليمن، بصِفتها مستودع للتنوعِ في إطار الهوية الواحدة، ومدرسة النضال الوطني الأولى، ومنبعهِ ومستودعه.
ويواصل الحراك الجنوبي تصعيده نحو الاستقلال حيث يقيم اليوم عصيانا مدنيا جزئيا في المدن الجنوبية للضغط على الحكومة للاستجابة إلى مطالبته باستعادة الدولة الجنوبية التي قال: إنها سلبت منه بعد حرب طاحنة انتصر فيها الشماليون في العام 1994.
من جهة ثانية، قالت مصادر محلية إن جماعة «أنصار الله» الحوثيين داهمت فنادق داخل العاصمة صنعاء لمنع إقامة احتفالات رأس السنة الميلادية (الكريسماس)، كما فرضت على المجالس المحلية والتجار ومالكي المحلات التجارية في المدن التي تسيطر عليها دفع إتاوات لدعم احتفال الجماعة بالمولد النبوي الذي يصادف 12 ربيع الأول.
وأوضحت المصادر أن مكاتب الحوثيين طلبت من التجار والمجالس المحلية، دعم الاحتفال بالمولد النبوي، وتخصيص مبالغ مالية للميليشيات المسلحة التابعة لها، وفرضت على مالكي المحلات التجارية رفع الأعلام الخضراء وطلاء أبواب محلاتهم باللون الأخضر، كما اقتحم مسلحوها عدة فنادق سياحية داخل صنعاء، لمنع أي مظاهر احتفالية بعيد رأس السنة، وذكر مستثمر يمني أن الحوثيين هددوه إذا ما أقيم الاحتفال داخل فندقه السياحي. وتأتي هذه الانتهاكات كردة فعل عكسية لدعوة زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي لأنصاره بعدم التدخل في خصوصية الناس، والحفاظ على الأمن والاستقرار، ومراعاة حرمة البيوت وحرمة الممتلكات.