قالت أرملة بريطاني قتل برصاص الإرهابيين في محافظة الخبر (شرق السعودية) إن الحكم الذي أصدره القضاء السعودي، بحق سعوديين بالقتل حدا وتعزيرا، نتيجة قتلهما لزوجها مايكل ليون هملتون (62 عاما)، هو مقنع بالنسبة لها، بل أنصفها، وأن القتلى يفرضون رؤية غير صحيحة للإسلام، وبالتالي تجد صعوبة بالغة بأن تسامحهم على ما قاموا به، مشيرة إلى أن الدكتور محمد العيسى، وزير العدل السعودي، شرح لها مفهوم نظام القضاء بالسعودية، والأحكام التي تصدر فيها بالإعدام، وإمكانية حضورها جلسة النطق بالحكم.
وأوضحت بنيلوبي أرملة القتيل مايكل، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، أنها راضية عما صدر من أحكام ابتدائية بحق اثنين من الإرهابيين، أقدما على قتل زوجها الذي يعمل في مجمع الشركة العربية للاستثمارات البترولية (إي بي كورب) في محافظة الخبر مايو (أيار) 2004، لا سيما وأنه كان لديها شعور قوي، واحتياج نفسي بأن العدالة ستأخذ مجراها، ليس فقط بالحكم القضائي، وإنما حضورها جلسة النطق بالحكم، بسبب أن زوجها مايكل، قتل بطريقة بشعة وغير إنسانية.
وقالت بنيلوبي إنها شعرت بأن ضميرها لن يهدأ حتى تتمكن من حضور جلسة النطق بالحكم، وترى بعينها الحكم الابتدائي الذي سيصدر على الإرهابيين، لا سيما وأن الدكتور محمد العيسى وزير العدل السعودي، التقى معها في مقر السفارة السعودية في لندن، وطمأنها بأن جلسة النطق بالحكم علنية، وسيجري ترتيب حضورها، وكذلك ابنها ماثيو، في حال رغب في ذلك.
وأشارت أرملة القتيل البريطاني إلى أنها كانت على يقين تام بأن القضية ستنتهي في وقت من الأوقات، على الرغم من أنها أخذت وقتا طويلا جدا، خصوصا أنها وصفتها بـ«المعقدة»، كون الخلية الإرهابية التي قتلت زوجها، يتكون عناصرها من 86 شخصا، وبالتالي فإن فترة العشر سنوات التي استغرقت من الحادثة وحتى صدور الحكم، هي فرصة لجمع المعلومات والأدلة، وكذلك إدانات المتهمين.
وأضافت: «قدمت لي وزارة العدل، ممثلة بالمحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض، التسهيلات لحضوري جلسة النطق بالحكم على المتهمين، ورافقني إلى المحكمة ممثلون من السفارة البريطانية بالرياض، إلا أن المتهمين بعد صدور الحكم عليهما بالقتل حدا وتعزيرا، لم ألاحظ عليهما بوادر الندم على ما أقدما عليه».
ولفتت بنيلوبي إلى أن وزير العدل، تحدث لها عن القضاء السعودي والأحكام التي تصدر بالإعدام حسب الشريعة الإسلامية، كما تحدث لها عن هذه القضية، ومدى تورط المتهمين في عمليات إرهابية أخرى، الأمر الذي أدخل الطمأنينة في داخلها، بأن العدالة ستأخذ مجراها في قضية مقتل زوجها مايكل.
وأضافت: «طلب مني وزير العدل، أن يكون ابني ماثيو قريبا مني طوال هذه الأوقات، لا لشيء وإنما ليظهر الدكتور العيسى أهمية العائلة، ودعم أفراد العائلة لها، كونها فقدت زوجها بطريقة بشعة على أيدي مجرمين».
وذكرت أنها لم تكن تحضر جلسات تلاوة لائحة الدعوى ضد الخلية الإرهابية، ومن بينهم قاتلا زوجها، أو المداولات في القضية، ولكن تتابعها بشكل مستمر بالتطورات التي تجري فيها، من خلال وزارة الخارجية البريطانية، وكذلك اتصالاتها مع السفارة البريطانية لدى الرياض.
وكانت وزارة العدل السعودية، سمحت لأسر الضحايا من المواطنين والمقيمين، بحضور جلسات المحاكمة، حيث شوهد خلال الفترة الماضية، حضور ممثلي السفارات الأجنبية، نيابة عن أسر الضحايا من المقيمين، الذين قتلوا على أيدي عناصر «القاعدة» بالداخل، حيث يتعذر حضور أسر الضحايا لجلسات تلاوة الدعوى، أو المداولات، وبالتالي تنوب عنهم السفارة حسب طلبهم.
وكان البريطاني مايكل هاملتون الذي يتولى منصب المدير المالي لمشروعات مجمع الشركة العربية للاستثمارات البترولية (إي بي كورب)، تعرض لـ9 طلقات أدت إلى وفاته فورا، جراء هجوم 4 من الإرهابيين على مقر الشركة، من بينهم تركي المطيري، الذي قتل في مواجهات أمنية في حي الملز بالرياض، عندما كان برفقة عبد العزيز المقرن، زعيم تنظيم القاعدة بالسعودية – آنذاك - في 18 يونيو (حزيران) 2004، وكذلك عبد الله أبو نيان السبيعي أحد المطلوبين على قائمة الـ26، الذي فجّر نفسه خارج مبنى وزارة الداخلية بالرياض، في ديسمبر (كانون الأول) 2005، فيما جرى مثول البقية أمام القضاء بعد القبض على أحدهم بالخبر، وآخر في محافظة الرس.
وقام الإرهابيون بعد ذلك بقتل 3 من رجال الأمن السعوديين، أحدهم رجل أمن يعمل في الدوريات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، وهو حسن البارقي، واثنان من رجال الأمن الصناعي في شركة (إي بي كورب) هما تركي النعيمي وزين العبدلي، ثم عمد الإرهابيون إلى ربط جثة مايكل بالسيارة التي كانوا يستقلونها، وجرّها في شوارع المدينة حتى انقطع الحبل الذي شدها إلى السيارة.
وأكدت أرملة القتيل البريطاني أن اللحظات الأولى من الحادثة كانت صادمة لها، ولم تصدق أن زوجها قتل جراء تعرضه لهجوم إرهابي. وقالت: «تخيل أن حياتك تغيرت في نصف ساعة تماما، بعدما خرج زوجي من البيت في طريقه إلى مقر عمله». ووصفت حياتها بأنها لم تكن مثلما كانت في السابق، كون أن العلاقة التي تربطها مع زوجها امتدت لفترة 25 سنة، كانت معظمها في السعودية يعمل من أجل تحسين وضع أسرته المعيشية، من أجل أن يقضي سنوات التقاعد من عمله في إنجلترا.
وأشارت بنيلوبي إلى أن الإرهابيين الذي قتلوا زوجها، ليس لديهم رحمة، وتجد صعوبة بالغة في أن تسامحهم على ما قاموا بفعله، إلا أنها تشعر بالحزن الشديد لفقدان زوجها، وكذلك أيضا لآخرين فقدوا حياتهم في حوادث أخرى نتيجة الفكر الإرهابي. وزادت: «فقد هؤلاء المجرمون حياتهم أيضا بالأعمال الإرهابية التي قاموا بها، وكانوا يزعمون أنهم سيتدخلون في إدارة الدولة، إنهم يفرضون رؤية غير صحيحة للإسلام».
وأكدت أرملة القتيل البريطاني أنها تؤمن بأن السعودية كانت ضحية للإرهاب، وكان الإرهابيون يقومون بأعمال لاعتقادهم بأنهم سيضرون باستقرار الأمن في الداخل، وما قاموا به ضد حرية الشعب، حيث كانت تتابع كل ما يجري في السعودية، من الأحداث الإرهابية طيلة فترة انتظارها حتى جلسة النطق بالحكم ضد الإرهابيين الذين قتلوا زوجها، وشعرت بأن الأمن السعودي استطاع أن يسيطر على الإرهاب في السعودية بجدية واحترافية، ولكنها تتفهم أن مشكلة الإرهاب ليست في السعودية وإنما في معظم الدول.
وكانت الخلية الإرهابية التي استهدفت البريطاني مايكل هاملتون، أدينت بالتخطيط لتنفيذ «حادثة البركان» التي كان من المفترض أن تنفذ في عام 2004، وتستهدف السفارات الأميركية والبريطانية والإسبانية في حي السفارات بالرياض، في وقت واحد، والتخطيط لاغتيال الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز بدس السم عبر فتحة تكييف مكتبه، كما قتلت الخلية الإرهابية في العمليات الإرهابية 3 سعوديين و19 مقيما من مختلف الجنسيات، بينهم مايكل، الذي جرى ربطه بالحبال بعد قتله، وسحبه بالسيارة أمام المارة.
وأقر أحد منفذي عملية القتل بانضمامه إلى تنظيم القاعدة، ونقض البيعة الشرعية الثابتة في عنقه لولي الأمر، ومبايعته زعيم التنظيم في المملكة عبد العزيز المقرن (قتل في مواجهة أمنية في 2004)، حيث شارك القاتل الأول، وهو زعيم الخلية، في اقتحام مجمع المحيا السكني الذي تعرض لتفجير بسيارة مفخخة في 2004، وذلك بسيارته، وإطلاق النار على أفراد الحراسات الأمنية للمجمع، من أجل فتح الطريق أمام السيارة المفخخة بالمتفجرات، بالتزامن مع إطلاق قذائف «آر بي جي» من الجبل الموازي لبوابة المجمع من عضوي التنظيم فيصل الدخيل وخالد السنان (قتلا في مواجهات أمنية في 2004)، مما أدى إلى مقتل 20 شخصا وإصابة عدد كبير.
فيما أقر القاتل الثاني الذي شارك في العملية، وحكم عليه بالقتل بحد الحرابة، لمبايعته الكبرى للقتيل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة – آنذاك - ومبايعته الصغرى للقتيل عبد العزيز المقرن، زعيم تنظيم القاعدة في السعودية، وذلك في ظل أوامر وتوجيهات أسامة بن لادن، حيث كفر المدان ولاة الأمر، ومفتي عام المملكة، وعددا من العلماء، وشارك في تفجير مجمع المحيا بالرياض، حيث رصد ومعه آخرون (قتلوا في مواجهات أمنية)، فريق عمل قناة «بي بي سي»، وقتلوا المصور سيمون كمبرز، وأصابوا زميله المراسل في الشؤون الأمنية، فرانك غاردنر، وذلك بناء على توجيهات من قائد التنظيم عبد العزيز المقرن.