غضب في الجيش الإسرائيلي لقرار محاكمة جنود وضباط ارتكبوا جرائم حرب ضد الفلسطينيين

رغم أن الخطوة جاءت لتمنع محاكمتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية

TT

كشفت مصادر عسكرية أن غليانا يسود صفوف الوحدات القتالية في الجيش الإسرائيلي، بسبب قرار النيابة العسكرية تقديم عدد من الجنود والضباط للمحاكمة الداخلية، بسبب «مخالفات شديدة» خلال الحرب على قطاع غزة في الصيف الماضي.

وقالت هذه المصادر، إن موضوع المحاكمات بدأ يثير ردود فعل غاضبة منذ عدة شهور، ولكن هذا الغضب يتحول إلى شبه تمرد مع بدء التحقيقات في النيابة العسكرية، وأن توترا شديدا يسود حاليا بين النيابة العسكرية والقيادة المحاربة في الجيش، وباتوا يشتمون النائب العسكري الرئيسي، الجنرال داني عفروني، في الشبكات الاجتماعية وفي معسكرات الجيش.

وكانت السلطات الإسرائيلية قررت أن تحقق بشكل مستقل، في عمليات الجيش الإسرائيلية الحربية، لأنها بهذه الطريقة تضعف إمكانيات لجنة «شافيز» الدولية للتحقيق في هذه الحرب والخروج باستنتاجات شديدة ضد إسرائيل. فهي تدرك أن اللجنة الدولية، المنبثقة عن المجلس العالمي لحقوق الإنسان، تستطيع الخروج باستنتاجات قاسية إزاء ممارسات تعتبر جرائم حرب دولية. ولكي تصد هذه الإمكانية وتشوش عليها، اتخذت إسرائيل قرارين: عدم التعاون مع لجنة شافيز من جهة وإجراء تحقيق داخلي. وقد بدأ عدد من الضباط المحاربين، من مختلف المستويات، بالمثول للتحقيق بسبب تورطهم في أحداث قتل خلالها فلسطينيون أبرياء. وتبين في التحقيق أن هناك أساسا للاتهامات بارتكاب مخالفات خطيرة، فإذا لم يحاكم عليها أصحابها في محكمة عسكرية إسرائيلية فإن محاكم أجنبية ستحاكمهم وتفرض عليهم عقوبات شديدة أكثر.

وقرر عفروني استدعاء عدد من الجنود والضباط للتحقيق معهم كمشبوهين، فقوبل قراره بانتقادات قوية ليس فقط من قبل الضباط المحاربين، وإنما، أيضا، من قبل بعض زملائه الجنرالات في القيادة العامة الذين يدعون أن «يده خفيفة على الزناد»، و«لا يتشاور مع القادة قبل اتخاذ القرارات». ويتهمون أيضا رئيس هيئة الأركان، بيني غانتس: «الذي لا ينجح بكبح جماحه»، وبذلك فهو يلحق ضررا بالغا بمنظومة المحاربين في الجيش. وحسب هذه الجهات فإن تدخل النيابة العسكرية في مجالات كان يجب أن تبقى قيد معالجة الضباط، تمنع القدرة على إجراء تحقيق حقيقي وعسكري مفتوح ومكشوف يسمح باستخلاص العبر من الحرب ويحسن عمل القوات في المستقبل. وحسب أقوالهم فإن الضباط الذين سيتخوفون من التعرض للتحقيق القانوني، سيتشاورون مع المحامين قبل تنفيذ أي عملية من شأنها تعريضهم للانتقاد. وقال ضابط حارب خلال «الجرف الصامد» بأن «الدولة أرسلتني للمحاربة وحملتني المسؤولية عن حياة الجنود، وعليها أن تعرف كيفية دعمي والدفاع عني حتى بعد الحرب وليس إرسالي إلى غرفة التحقيق، حيث سيحقق معي أفراد الشرطة العسكرية الذين لا يفهمون حقا التخبط الذي تواجهه القيادة في ساحة الحرب. إن ما يفعله النائب العسكري هو التسبب بضرر كبير قبل الحرب المقبلة. إنه يلعب لعبة يخدم بها حماس التي تستخدم المدنيين والمواقع الحساسة عمدا كي تتسبب بأحداث ستتحول لاحقا إلى تحقيقات جنائية».

وادعى مسؤول رفيع في القيادة العامة، أنه لا يعرف ضابطا تسبب عمدا بإصابة الأبرياء خلال الحرب. وقال: «يجب أن نفهم بأنه حين نحارب في ظروف معقدة كتلك القائمة في قطاع غزة، وأمام عدو يستخدم المدنيين كدرع بشري، لا يمكن منع إصابة المدنيين. ورغم ذلك فإننا نبذل كل جهد من أجل تقليص إصابتهم. وفي كل حادث استثنائي يجب تمكين الضباط من التحقيق في عملهم، كما نعتمد عليهم في تنفيذ المهام».

الجدير ذكره أن التحقيقات تتعلق في عدد محدود من العمليات، التي قتل فيها 50 فلسطينيا فقط، علما بأن هناك أكثر من ألفي قتيل فلسطيني سقطوا في الحرب الأخيرة على غزة.