3 جرحى في إشكال بين الجيش وشبان من عرسال احتجوا على إجراءاته الأمنية

المسلحون المتمركزون في الجرود ينعمون بالكهرباء 24 ساعة يوميا ويستخدمون الإنترنت وأنشأوا مشافي ميدانية

TT

لا تزال ردود الفعل على قرارات الجيش اللبناني الأخيرة، التي ستفرض تشديدا بالإجراءات الأمنية المتبعة في المنطقة الجردية في بلدة عرسال الحدودية الواقعة شرقي البلاد، تتفاعل مع رفض عدد كبير من أهالي البلدة «التضييق» الذي يمارس عليهم، وتطبيق نفس القرارات عليهم وعلى اللاجئين السوريين الذين يتخطى عددهم هناك مائة ألف لاجئ.

ولليوم الثاني على التوالي، أغلق الأهالي مدخل بلدتهم وأحرقوا الإطارات، كما تجمع عدد من الشبان بالقرب من أحد مواقع الجيش في منطقة وادي حميد الجردية في عرسال. وقالت مصادر ميدانية إنه «عندما حاول عناصر الحاجز تفريق المحتشدين وقع إشكال أدى لإصابة 3 أشخاص بجروح وأوقف الجيش على الأثر عددا آخر من المحتجين».

وستفرض القرارات الجديدة للجيش منع عبور أي مواطن لبناني أو سوري، باتجاه جرود عرسال أو العكس، عبر حاجز وادي حميد، دون حصوله على تصريح مسبق من الاستخبارات، وهو ما سيعطل برأي الأهالي أعمالهم، خصوصا أن قسما كبيرا منهم يمتلك مقالع للحجر وللصخر ومناشر الخشب في الجرد، وحتى أن عددا منهم أنشأوا عشرات المنازل والبيوت السكنية هناك.

واستغرب أحد أبناء عرسال، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، معاملة الجيش لأهل البلدة تماما كما يعامل اللاجئين السوريين، «لا بل أكثر من ذلك، فإن المسلحين يحصلون على كل ما يحتاجونه، أما ابن عرسال فممنوع أن يحمل ربطة خبز خلال توجهه إلى عمله في الجرد». وقال الشاب الثلاثيني لـ«الشرق الأوسط»: «لو كان القرار الأخير يطال السوريين وحدهم لما كان أحد من الأهالي احتج، لا بل كنا لنرحب بالقرارات الجديدة حرصا على سلامتنا.. ولكن حين يتعلق الأمر بالمس بأرزاقنا وأشغالنا التي نؤمن من خلالها لقمة العيش، فعندها يصبح الأمر حساسا جدا ويستلزم إعادة نظر فيه».

وتساءل: «كيف نقبل بأن نحصل على تصريح للذهاب إلى منازلنا أو أعمالنا؟ وهل من المنطق أن يسعى أي زائر للحصول على تصريح خطي قبل التوجه إلى منزل صديق أو قريب له في الجرد؟» وكانت قيادة الجيش أكدت في وقت سابق أن الإجراءات المستحدثة على الطرق المؤدية إلى الجرد، تهدف إلى «حماية أهل عرسال من تنقل الإرهابيين».

وقد تحولت بلدة عرسال إلى قاعدة خلفية لمسلحي «داعش» و«جبهة النصرة» الذين يتمركزون في المنطقة الجردية الحدودية اللبنانية – السورية، فهم كانوا يؤمنون الغذاء ووسائل التدفئة واحتياجاتهم الأخرى من خلال عرسال.

وفي أغسطس (آب) الماضي، شن هؤلاء المسلحون هجوما بهدف السيطرة على البلدة اللبنانية، مما أدى لمواجهة دامية مع الجيش سقط ضحيتها العشرات من الجنود، وتم أسر عدد آخر منهم يحتجزهم التنظيمان في الجرد.

وأوضحت مصادر ميدانية أن «المسلحين تمكنوا في الأشهر الماضية من استخدام ورقة العسكريين المختطفين لابتزاز الدولة اللبنانية من خلال إجبارها على الإبقاء على منفذ لتمرير احتياجاتهم»، وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «المسلحون المتمركزون في الجرود ينعمون بالكهرباء 24 ساعة يوميا كما يمتلكون المولدات الكهربائية ويستخدمون الإنترنت وأنشأوا مشافي ميدانية.. هم يعيشون في بيوت وكهوف على حد سواء ولا ينقصهم أي شيء».

ورجحت المصادر أن تكون الإجراءات الجديدة التي اتخذها الجيش «تهدف لإفراغ ورقة العسكريين المختطفين من مضمونها، باعتبار أن المؤن التي لدى المسلحين تكفيهم ما بين 20 و40 يوما، وبالتالي قرر الجيش لعب ورقة الضغط التي بين يديه، خصوصا أن لا ضمانة على الإطلاق للحفاظ على حياة المخطوفين الذين قتل التنظيمان 4 منهم».

ويعتبر «العرساليون» أنهم يعيشون حاليا بين مطرقة اللجوء وسندان الإجراءات الأمنية، خصوصا أن بلدتهم تعد أكبر تجمع للاجئين السوريين في لبنان والذين يتخطى عددهم المليون و200 ألف.

وقد استكمل أهالي العسكريين المختطفين، يوم أمس (الاثنين)، جولتهم على القيادات اللبنانية، وأكدوا بعد لقائهم رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجيه، أنهم لن يتجهوا نحو أي تصعيد بعد الآن. ونقل الأهالي عن فرنجية أنه «مع المقايضة وغير المقايضة، ومع دفع أي ثمن»، يؤدي إلى تحرير العسكريين.

وينتهج الأهالي والجهات المعنية سياسة «الصمت المطلق»، وذلك بتوجيهات من رئيس الحكومة، تمام سلام، الذي وعد بانفراجات قريبة.