النقابات المغربية تستعد لتصعيد جديد ضد الحكومة

طالبتها بحوار شامل.. واتهمتها بالتنكر لمطالب الطبقة العاملة

TT

عادت النقابات المغربية إلى تصعيد لهجتها تجاه الحكومة مع بداية العام الحالي، وذلك بعد هدوء نسبي خلال الشهر الأخير من السنة المنتهية.

فقد قرر اتحادان عماليان مواليان، لأحزاب المعارضة، عقد دورة استثنائية لهيئاتهما المقررة يوم الجمعة المقبل في الرباط استعدادا لتصعيد جديد ضد الحكومة، ووضع خطط لتنفيذ القرارات التي اتخذاها سابقا، والمتعلقة بتنظيم سلسلة من الإضرابات والمسيرات الاحتجاجية لمواجهة ما أسمته بـ«تجميد الحكومة للملف الاجتماعي، واستمرار تجاهلها وتنكرها لمطالب الطبقة العاملة».

وسبق للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، التابع لحزب الاستقلال المعارض، والفيدرالية الديمقراطية للشغل، التابعة للاتحاد الاشتراكي المعارض، أن نظما إضرابا وطنيا في القطاعات الحكومية والبلديات في 30 من سبتمبر (أيلول) الماضي، وساهما في إضراب عام آخر في 29 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، دعت إليه مجموعات نقابية أخرى، وشمل القطاعين العام والخاص.

وفي غضون ذلك، أعلن اتحاد عمالي ثالث مقرب من فصائل اليسار الراديكالي، وهو الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في بيان صادر عن مجلسه الوطني عزمه «خوض معارك نضالية قوية لمواجهة الوضع الاجتماعي المتردي»، ودفع الحكومة إلى استئناف الحوار بخصوص القضايا المطلبية الأساسية للشغيلة المغربية. وقد أعلن الاتحاد العمالي تفويض صلاحية تطبيق هذا القرار لمكتبه التنفيذي.

وتعمل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في إطار تنسيق آخر يضم الاتحاد المغربي للشغل، وهو اتحاد عمالي مستقل، والنقابة التاريخية التي تفرعت عنها كل الاتحادات العمالية المغربية، بالإضافة إلى جماعة منشقة عن الفيدرالية الديمقراطية للشغل على خلفية الصراعات الداخلية لحزب الاتحاد الاشتراكي. وقد كان هذا التحالف وراء قرار الإضراب العام في القطاعين العام والخاص في أكتوبر الماضي، والذي قدرت نسبة نجاحه بنحو 80 في المائة. وكشفت هذه النسبة عن محدودية الإجراء الحكومي للحد من الإضرابات، والمتمثل في تطبيق قرار الاقتطاع من أجور الموظفين المضربين، والذي اتخذته في أبريل (نيسان) 2012 كرد فعل على الإضرابات المتواصلة التي عرفها المغرب في سياق الربيع العربي.

وتؤاخذ النقابات على حكومة عبد الإله ابن كيران تجميد الحوار الاجتماعي، وعدم التجاوب مع الملفات المطلبية للطبقة العاملة، بالإضافة إلى عدم تنفيذ بعض بنود الاتفاق الذي أبرمته النقابات مع الحكومة السابقة، خصوصا إلغاء بند في القانون الجنائي تقول النقابات إنه يستغل للتضييق على ممارسة العمل النقابي، إضافة إلى مطالبتها الحكومة المصادقة على اتفاقية دولية تتعلق بحماية العمل النقابي.

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» قال محمد الكافي الشراط، الأمين العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب: «لقد كانت سنة 2014 سنة بيضاء بالنسبة للطبقة العاملة المغربية، وكذلك السنة التي قبلها. والشيء الوحيد الذي حققته الحكومة هو إقرار الزيادة في الحد الأدنى للأجور، وهو إجراء تافه لا يذكر. في حين اتخذت إجراءات قوية ضد الطبقة العاملة في إطار الموازنة الجديدة، والتي ستؤدي إلى زيادات في أسعار عدد من المواد الاستهلاكية، كالشاي والأرز، والسكر ورسوم استعمال الطرق البرية. كما واصلت الحكومة تخليها عن دعم أسعار المحروقات والمواد الأساسية، وكأن الحل الوحيد الذي تتقنه الحكومة للحفاظ على التوازنات الاقتصادية هو اللجوء إلى جيوب المواطنين، في الوقت الذي جمدت فيه الأجور». وأضاف الشراط موضحا: «لقد قررنا أن ندق ناقوس الخطر من جديد حول تدهور الوضع الاجتماعي. فبشهادة الإحصائيات الرسمية عرف استهلاك الأسر تدهورا مهما، ولا يمكن لذلك أن يستمر».

وحول الحوار مع الحكومة قال الشراط: «إن الحكومة دعت في وقت سابق إلى لقاء مع النقابات حول إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد، لكنه تأجل بسبب حدث معين. ثم عادت بعد ذلك لدعوتنا إلى لقاء آخر حول إصلاح صناديق التقاعد بصيغة الجمع هذه المرة. غير أن تزامن اللقاء الثاني مع وفاة وزير الدولة عبد الله بها في حادثة قطار الشهر الماضي أدى إلى تأجيله مرة أخرى». وأضاف الشراط أن «المشكلة هي أننا نطالب الحكومة بحوار شامل حول كل الملف المطلبي للطبقة العاملة، بما في ذلك الزيادة في الأجور والمعاشات، والتغطية الصحية، وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين وتدعيم الحريات النقابية، وليس حول إصلاح التقاعد فقط».